متولي: نتائجنا أمام الترجي لن تؤثر على النهائي.. ولا خلافات بين الشناوي وشوبير    النيابة تعاين موقع حريق مخزن مصنع شركة الأدوية بأسيوط الجديدة (احترق بالكامل)    أستاذ تمويل يوضح كيف تنعكس أموال "رأس الحكمة" على حياة المواطن    حماس تدعو الدول العربية لاتخاذ إجراءات تجبر الاحتلال على إنهاء الحرب    حدث في 8 ساعات| الرئيس السيسي يشارك في القمة العربية.. ومصر ترفض طلبات إسرائيلية    "زراعة النواب" تطالب بوقف إهدار المال العام وحسم ملف العمالة بوزارة الزراعة    إنطلاق المشروع القومي لتطوير مدربي المنتخبات المصرية لكرة القدم NCE    جامعة بني سويف من أفضل 400 جامعة عالميا.. والرابعة محليا    بالفيديو.. كواليس كوميدية للفنانة ياسمين عبد العزيز في حملتها الإعلانية الجديدة    بالفيديو.. نصيحة هامة من الشيخ خالد الجندي إلى الأباء والأمهات    بالفيديو.. خالد الجندي: أركان الإسلام ليست خمس    باسم سمرة يعلن انتهاء تصوير فيلم اللعب مع العيال    شي جين بينغ بمناسبة قمة البحرين: العلاقات الصينية العربية تمر بأفضل فترة في التاريخ    الهلال السعودي يراقب نجم برشلونة    وزارة الصحة: إرشادات مهمة للحماية من العدوى خلال مناسك الحج    حريق في طائرة أمريكية يجبر المسافرين على الإخلاء (فيديو)    وزيرا التعليم والأوقاف يصلان مسجد السيدة نفيسة لتشييع جثمان وزير النقل السابق - صور    قرار حكومى باعتبار مشروع نزع ملكية عقارين بشارع السبتية من أعمال المنفعة العامة    نقابة المهن الموسيقية تنعي زوجة المطرب أحمد عدوية    مترو التوفيقية القاهرة.. 5 محطات جديدة تعمل في نقل الركاب    سكاي: فونيسكا الخيار الأول لخلافة بيولي في ميلان    فانتازي يلا كورة.. الثلاثي الذهبي قبل الجولة الأخيرة في بريميرليج    لجنة مركزية لمعاينة مسطح فضاء لإنهاء إجراءات بناء فرع جامعة الأزهر الجديد في برج العرب    نائب محافظ الجيزة يتابع ميدانيا مشروعات الرصف وتركيب بلاط الإنترلوك بمدينة العياط    "الصحة" تنظم فاعلية للاحتفال باليوم العالمي لمرض التصلب المتعدد .. صور    كيف تؤثر موجات الطقس الحارة على الصحة النفسية والبدنية للفرد؟    "هُتك عرضه".. آخر تطورات واقعة تهديد طفل بمقطع فيديو في الشرقية    التموين: وصول 4 طائرات تحمل خمسة آلاف خيمة إلى أهالي قطاع غزة    هالة الشلقاني.. قصة حب عادل إمام الأولي والأخيرة    جامعة الفيوم تنظم ندوة عن بث روح الانتماء في الطلاب    شرطة الكهرباء تضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي    15 يوما إجازة رسمية بأجر في شهر يونيو المقبل 2024.. (10 فئات محرومة منها)    السفير المصري بليبيا: معرض طرابلس الدولي منصة هامة لتسويق المنتجات المصرية    تفاصيل اجتماع وزيرا الرياضة و التخطيط لتقييم العروض المتُقدمة لإدارة مدينة مصر الدولية للألعاب الأولمبية    وكيل الصحة بالقليوبية يتابع سير العمل بمستشفى القناطر الخيرية العام    التصلب المتعدد تحت المجهر.. بروتوكولات جديدة للكشف المبكر والعلاج    إطلاق مبادرة لا للإدمان في أحياء الجيزة    قطع مياه الشرب عن 6 قرى في سمسطا ببني سويف.. تفاصيل    نجم الأهلي مهدد بالاستبعاد من منتخب مصر (تعرف على السبب)    فنانات إسبانيات يشاركن في الدورة الثانية من ملتقى «تمكين المرأة بالفن» في القاهرة    الخارجية الكورية الجنوبية تعرب عن تمنياتها بالشفاء العاجل لرئيس الوزراء السلوفاكي    هل يجوز الجمع بين الأضحية والعقيقة بنية واحدة؟.. الإفتاء توضح    ببرنامج "نُوَفّي".. مناقشات بين البنك الأوروبي ووزارة التعاون لدعم آفاق الاستثمار الخاص    بمشاركة مصر والسعودية.. 5 صور من التدريب البحري المشترك (الموج الأحمر- 7)    بدء التعاقد على الوصلات المنزلية لمشروع صرف صحي «الكولا» بسوهاج    "العربة" عرض مسرحي لفرقة القنطرة شرق بالإسماعيلية    توقيع بروتوكول تجديد التعاون بين جامعة بنها وجامعة ووهان الصينية    جولة جديدة لأتوبيس الفن الجميل بمتحف الفن الإسلامي    قرار قضائي جديد بشأن سائق أوبر المتهم بالاعتداء على سيدة التجمع    أمير عيد يؤجل انتحاره لإنقاذ جاره في «دواعي السفر»    دون إصابات.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العجوزة    الطاهري يكشف تفاصيل قمة البحرين: بدء الجلسة الرئيسية في الواحدة والنصف ظهرا    أنشيلوتي يقترب من رقم تاريخي مع ريال مدريد    «الداخلية»: ضبط 13 ألف قضية سرقة تيار كهربائي خلال 24 ساعة    أعطيت أمي هدية ثمينة هل تحق لي بعد وفاتها؟.. أمين الفتوى يوضح    محكمة العدل الدولية تستمع لطلب جنوب إفريقيا بوقف هجوم إسرائيل على رفح    نتيجة الصف الرابع الابتدائي الترم الثاني 2024 عبر بوابة التعليم الأساسي (الموعد والرابط المباشر)    نجمة أراب أيدول برواس حسين تُعلن إصابتها بالسرطان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفارق كبير!
نشر في البوابة يوم 10 - 05 - 2014

** على يومين متتابعين خرج المشير السيسي للمرة الأولى على شاشة التليفزيون في حوار يقدم فيه رؤيته وبرنامجه الذي سيعمل عليه بعد أن يصبح لمصر رئيسا..
يومان متتاليان تحدث المشير في نقاط كثيرة وأمور مهمة.. تحدث عن الأمن الوطني والقومي، عن حتمية العمل وبأسلوب القفزات وليس أسلوب التراخي الذي اعتدناه، عن العدالة الاجتماعية ومعاناة الإنسان البسيط لسنوات طوال، وأنه آن الأوان لرفع هذه المعاناة سريعا عن كاهله، وكيف سيتم هذا وكم من الوقت سيستغرق للوصول إلى هذا..
تحدث حديث الأرقام في كل شيء، وكان ملما بكل المعلومات والتفاصيل في كل المجالات وبشكل مذهل..
فالطبيعي أن كل منا يكون ملما بالمعلومات والبيانات حافظا للأرقام دارسا للتفاصيل مفوها في حديثه في مجال تخصصه، لكن أن يكون هذا في جميع المجالات وبهذا الشكل الدقيق ودون اللجوء إلى القراءة من أوراق فهذا هو المدهش..
** تحدث المشير في الصحة والتعليم ومجالات التنمية وفي الطاقة والكهرباء.. تحدث عن رؤيته في تعظيم دور الدولة وفي السبل لمحاربة تفشي الغلاء الذي أنهك المواطن الغلبان، تحدث عن فتح المجال للاستثمارات الخاصة طالما هي رأسمالية وطنية وليست انتهازية – قال هذا دون توصيفات سياسية – (واطمأنت لميس الحديدي!).
وتحدث عن علاقاتنا العربية والخارجية وحدد للمذيعين - دون أن يقولها صراحة – ما يقال وما لا يجب أن يقال، لأنه ليس في مصلحة أمن مصر أن يقال.. لأنه للأسف تم توجيه أسئلة لا يجب أن تسأل!!
أربع ساعات جلس الرجل يتحدث بطريقة النقاط المحددة وليس بطريقة الحكي والسرد المسهب في الروايات..
كان طيبا بسيطا، لكنه كان حاسما حازما دقيقا واعيا مترقبا.. والأهم كان صادقا.. والصدق جميل ويدخل مباشرة إلى القلوب.. وهو قد كسب بصدقه ملايين القلوب من (الشعب الحقيقي)..
** جاء الحوار عقب لقاء المشير بمجموعة من الإعلامين، وعقب حديثه عن اتفاقية كامب ديفيد والذي قال فيه (إن الاتفاقية راسخة في وجدان الشعل المصري).. وقامت الدنيا.. وعن نفسي تلقيت العديد من الاتصالات الغاضبة، والأسئلة التي وصلت حدتها عند البعض إلى: (هل هو يسترضي بإجابته هذه إرضاء أمريكا والصهيونية وبهذا يؤكد ما يقال حوله بأنه إعادة إنتاج لنظام مبارك؟).. أسئلة كثيرة وغضب شديد مبرر ومفهوم.. وعن نفسي "صدمتني" إجابته، لكنني لم أشك فيه.. ولم أأخذ إجابته أنها استرضاء لأمريكا والصهاينة.. وقررت الصمت لبعض الوقت حتى يتضح ما هو غير متضح والذى جعله يقول ما قال.
** ثم جاء الحوار التلفزيوني معه، وسمعته، وتابعت كل كلمة قالها في الحوار..
وبعده مباشرة كتبت قائلة: "إلى كل من غضبوا من حديث المشير عن اتفاقية كامب ديفيد والتي أفضل أنا تسميتها ب"اتفاقية العار"، وكلكم تعرفون موقفي الرافض للتطبيع مع العدو الصهيوني، دعوني أقل لكم: لو أن ما طرحه المشير في حواره حول برنامجه ورؤيته والتصور الذي وضعه للنهوض بمصر، وعن خطط التنمية التي لا بد أن تحدث – كما ذكر – في جميع المحاور متوازية، وعن دور الدولة القوى السريع الذي لا يحتمل تلكؤا أو مجاملة.. لو أن هذا تحقق – وسوف يتحقق بإذن الله – والله وأقسم بالله لو أن هذا تحقق.. يكون هذا هو بالفعل الانتصار الأعظم على عدونا الصهيوني دون حرب عسكرية ولا اتفاقية ولا غيرها، ونكون بهذا قد قضينا على عدونا وضربناه في مقتل، وأجهضنا حلمه وهدفه في خراب مصر وتفتيتها وطمعه الدائم في مصر مع دوام الحياة..".
** كان في نيتي اليوم أن أقوم بكتابة ما يسمى بقراءة فيما جاء في حوار المشير.. ولكني لن أفعل لسببين:
أولهما أن الكثيرين قد قاموا بهذا.. وثانيهما نابع من استماعي إلى حوار المرشح الثاني حمدين صباحى وما استوقفني فيه!
** تحدث المرشح حمدين صباحي لمدة أربع ساعات ولم تكن المرة الأولى التي استمع إليه، ولم يكن فيما قاله جديد بالنسبة إلي.. لكن الجديد أن حوار حمدين أعقب حوار المشير السيسي وكان الفارق الزمني يوما واحدا..
كنت أستمع إلى حمدين، واستوقفتني نقاط محددة، كنت وأنا أسمعها منه أعود في نفس الوقت إلى المشير السيسي وهو يتحدث في نفس النقاط، وأقارن فيما بينهما فيما قالاه، وكيف قالاه، والدلالات التي يشير إليها ما قاله كل منهما وترتبط بكل منهما..
والنقاط هي:
** تحدث المشير السيسي عن عقيدته الوطنية التي ينتمي إليها وهي الجيش (القوات المسلحة) والذي يمثل له الرمز، وهذا تماما يماثل الانتماء الفكري والسياسي العقيدة الوطنية والرمز عند السياسيين من المدنيين.. تحدث المشير عن عقيدته الوطنية وعن رمزه، وهو الجيش بكل تقدير واحترام وولاء.. لم يسمح بحرف يعد إساءة للجيش.. وللمرة الأولى تبدو ملامح الغضب فوق وجهه الذي يتسم بالطيبة، ولأول مرة يعلو صوته الهادئ وهو يوقف إبراهيم عيسي عندما ذكر كلمة "عسكر"، قائلا له بكل غضب وحسم وحزم.. "لن أسمح لك مرة ثانية أن تقول كلمة عسكر"... ثم استطرد حاكيا عن الجيش عن عقيدته، عن رمزه المقدس، حديث الوفي المخلص المتمسك بعقيدته ورمزه الثابت على مبادئه منذ أصبح جنديا فيه وحتى بقاء الحياة.. لم يتهجم المشير على الأصل في عقيدته ولم يتهاون أو يهادن بل استأسد في الدفاع عنه أمام اللفظ الذي تلفظ به إبراهيم عيسى.. لم يختر المشير أن يتجاهل اللفظ من باب المهادنة ولو قليلا، ولم يضع في تفكيره الحسابات الانتخابية ومغازلة المصابين ب"إرتيكاريا" الجيش وأصحاب شعارات الحكم المدني، لكنه اختار الدفاع مستأسدا عن عقيدته الوطنية وعن رمزه (عن جيش مصر) الذي أفاض متباهيا بعظمته وانضباطه وتماسكه..
** وتحدث حمدين الذي عرفناه ناصريا منتميا إلى فكر جمال عبد الناصر، وللمرة الثانية ومن أجل الحسابات الانتخابية وكسب الأصوات من كل الصالح والطالح، فعلها حمدين واختار أن يضرب في عقيدته السياسية، في (ناصريته) وأن يسيء إلى الرمز عنده – أو هكذا المفروض – اختار حمدين أن يسيء إلى (جمال عبد الناصر) وهو الرمز عند كل ناصري حق.. ومن قبل فعلها حمدين للفوز في البرلمان واعتذر باسم الناصريين جميعا عما صدر من عبد الناصر ضد الإخوان – كما قال-.. مع أن حمدين لا يمثل سوى نفسه، وهو ليس كل الناصريين حتى يعتذر باسمهم!!.. وأذكر أنني كتبت في عمودي (معكم) بجريدة العربي قائلة: لا تعتذر باسمي فأنا ناصرية، وأنا أرى أن الإخوان هم الذين يجب أن يعتذروا لمصر كلها.. وكان هذا في أثناء انتخابات البرلمان سنة 2000.. واليوم وفي حواره وأمام الملايين أعلن أنه ضد (ما صدر أمنيا ضد الإخوان في عهد عبد الناصر)، وكان هذا أيضا من أجل كسب الأصوات ومن أجل الرئاسة فأعطى حمدين ظهره لعقيدته السياسية وأساء للرمز ونسى حمدين أو أنسته مصالحه الخاصة لماذا في عهد عبد الناصر صدر ما صدر من الأمن تجاه جماعة الإخوان؟!..
نسي أو تناسى التحدث عن مؤامراتهم ومخططاتهم ومحاولاتهم لتفجير مصر وإحراق مصر وقتل عبد الناصر وإطلاق الرصاص عليه في حادثة المنشية وعن محاولة تسميمه، وكل مؤامراتهم التي تم كشفها آنذاك وأوقفوها.. ثم وبعد سنوات نفذوها الآن وقتلوا الأبرياء وخربوا بلدنا كما لم يسبق.. نسي حمدين كل هذا وأظهر عبد الناصر بالرئيس الظالم الذي ترك رجال أمنه يعاقبون جماعة الإخوان البريئة الوديعة.. والأدهى أن حمدين وهو في حموة السعي للفوز والدهس على كل شيء بما فيها الدهس على المبادئ والثوابت والعقيدة السياسية، والدهس على عبد الناصر الرمز.. نسي حمدين أن الشعب لن يصدقه لأنه رأى بأم عينيه حقيقة جماعة الإخوان الإرهابية وعاشوا تفاصيل القتل والسحل والتمثيل بالجثث وتدمير وحرق تراثنا وتخريب مصر بل وبيع أراضي مصر للعدو.. أراد حمدين كسب أصوات الإخوان فداس على عقيدته الفكرية وأساء لرمزه السياسي وخسر أصوات من أنا حريصة كل الحرص على تسميتهم ب"الشعب الحقيقي" الذي لن يستطع حمدين أن يضحك عليه كما حاول أن يضحك عليه من قبل أمثال عبد العظيم رمضان وانيس منصور وثروت أباظة والحمامصي وغيرهم من كارهي عبد الناصر بعد موته أما قبله فقد كتبوا فيه شعرا!..
- ثم والأعجب أن يتحدث حمدين بدون أي مبرر عن الشيوعيين وأن يقحمهم اقحاما في حديثه عما حدث معهم في عهد عبد الناصر.. مع أن ما لا يعلمه حمدين – أو يعلمه – أن القيادات المحترمة والقمم القديرة من الشيوعيين قد تحدثوا مرارا واعترفوا بخطئهم عندما وقفوا ضد عبد الناصر ورفضهم الاندماج في ثورة يوليو في بدايتها وكيف أن عبد الناصر اعطاهم كل الفرصة للاندماج والمشاركة لكنهم رفضوا.. تحدثوا في هذا وأسهبوا وهم كثر ومنهم الدكتور إسماعيل صبري عبد الله وكتب في هذا أكثر من مرة الأستاذ فيليب جلاب، وتحدث معي في هذا في حوار على صفحات مجلة صباح الخير الكاتب المسرحي الكبير نعمان عاشور، وتحدث معي صوت وصورة الأستاذ محمود أمين الإعلام في حلقتين من البرنامج التلفزيوني الذي كنت أعده وأقدمه، وأسهب في الحديث عن المناصب المهمة والحساسة التي تولاها في عهد عبد الناصر رغم كونه الشيوعي المتشدد.. هذه كانت اعترافات الشخصيات القمم من الشيوعيين، لكن حمدين اختار في حواره أن يقحمهم إقحاما وأيضا لأجل كسب الأصوات بأي ثمن حتى لو كان أن يسيء لعبد الناصر الرمز، وأن يخون عقيدته السياسية والفكرية (الناصرية)..
** تحدث المشير السيسي عن مسقط رأسه، عن الحى الشعبي الذي ولد فيه وتربى فيه، تحدث بكل التقدير والحب حتى ترقرقت الدموع في عينيه وهو يصف قيم وسمات أهل الحي والتسامح والطيبة والأصالة والشهامة، ولم يتوقف كثيرا عند الحى الجديد الذي انتقل اليه بعد زواجه (مدينة نصر) لأن الاصل والجذور هي التي تهمه وهى التي يفخر بها ولا يتنصل منها ويحكى عنها بكل صدق وفخر حتى لو كانت بسيطة..
** تحدث المشير لأربع ساعات لم يذكر فيها حمدين إلا مرة واحدة بكل رقي واحترام وأدب..
** وتحدث حمدين فذكر المشير بنفس الأسلوب الذي يتبعه مؤيديه وكان جديرا له أن يرتفع بنفسه عن أن يقول للمذيعين (وليه لم توجهوا نفس السؤال للمرشح الآخر عن كم في رصيده من أموال).. يا حمدين انت "طالع" في حوار لتتحدث للناس عنك وعن رؤيتك وبرنامجك.. وليس شأنك من سأل الآخر ومن لم يسأل!
** وتحدث حمدين عن نفسه ونشأته وأصوله وجذوره وعن أسرته.. وأنا أعرف حمدين جيدا وأعرف الكثير من التفاصيل عنه، وأعرف أسرته جيدا وجمعتني والسيدة زوجته – وكنا أصدقاء- نشاطات في لجنة المرأة واللجنة الثقافية في إطار الحزب الناصري وهي تعلمها وأنا أعلمها، وكنا نعد سويا ومعنا آخرون ما أسميناه ب(الكتاب الأسود) ومؤكدا أنها تذكر هذا جيدا، وكان الكتاب يعني برصد كل من (طالهم) داء التمويل الأجنبي، وكل المطبعين مع العدو الصهيوني أو أي مؤسسات ذات هوية أو ميول صهيونية..
أقول إنني أعرف الكثير عن حمدين وزرت بلدته في زيارة مني لمنزل السيدتين الشهيدتين (فتيحة ولطيفة) في أثناء معركة حمدين الانتخابية لمجلس الشعب عام 1995، وهناك تعرفت على عدد من أسرته وجلست بينهم لأعود وأكتب عن الشهيدتين وعن حمدين وعن بلدته والصيادين الطيبين في بلدته، وعن معركته الانتخابية التي استشهدتا فيها سيدتين.. ولذلك هالني ما سمعته منه في الحوار ومحاولات تنكره لأصوله البسيطة وهو ابن الصياد المكافح المحترم الذي حرص على أن يخرج من تحت يديه ابن دخل كلية الإعلام رغم محدودية حالته المادية، وليس كما ذكر حمدين عن الورث والميراث!! وكلنا كنا سويا داخل الحزب الناصري في بداياته، ونعرف بعضنا البعض، ونعرف من هو الغنى ومن هو البسيط الحال، ومن يسكن الاحياء الراقية ومن يسكن الاحياء الشعبية، وهذا ليس عيبا بل أنه شرفا والفقر ابدا ليس عيبا، لكن العيب في فقر الاخلاق عندما نتنصل من اصولنا وجذورنا واحوالنا وندعى العكس بغرض تبرير التحول الذي حدث في مستوى حياتنا، وادِّعاء مبررات لمظاهر الثراء – النسبي-الذي ظهر علينا دون أن نكون من اصحاب الورث، أو من اصحاب المهن ذات الدخل الذي يسمح بالثراء السريع..
ليس عيبا يا حمدين أن تكون ابن الأسرة المكافحة البسيطة، وانا يوم أن سجنوك في عهد مبارك وحلقوا لك رأسك شرفت بأن كتبت أيامها عن السيدة والدتك قائلة: أقبل أياديك أيتها الأم القديرة، يا من أنجبتي هذا المناضل.. العيب يا حمدين هو أن نتنصل من الجذور وأن نسيء إلى الرموز وأن نخون عقيدتنا ومبادئنا من أجل مكسب حتى لو كان هو كرسي الرئاسة – أو هكذا أرى- وأذكرك يا حمدين بأن الرمز الذي اسأت اليه (جمال عبد الناصر) كان دائما يفتخر بأنه ابن لموظف بسيط في مصلحة البريد، ولم يتحدث ابدا عما اورثه والده له حتى يبرر ثراءا مفاجئا، والحقيقة أن عبد الناصر لم يظهر عليه أي ثراء لامفاجئ ولا غير مفاجئ، بل أنه ولد ابن لأسرة فقيرة تشرف بها وشرفت به ومات فقيرا شريفا عزيزا ابيا رافعا الرأس بأفعاله لوطنه.
** وقبل النهاية اريد ابداء ملاحظة بسيطة:
انا قد تربيت على قيم وأسس تجعلنى دائما مكبلة ومقيدة امام العلاقات الإنسانية بمختلف درجاتها حتى لو كانت قديمة نوعا ما أو حتى توقفت.. دائما ما تضعفنى وتقيدنى العلاقات الانسانية ولااكون بمثل قوتى المعهودة في مواجهاتى مع من ليس بينى وبينهم علاقات انسانية.. وكنت منذ بداية ترشح حمدين (وحمدين له كل الحق في الترشح) وحمدين اخ وصديق قديم كما ذكرت، كنت قد اخترت ومع زيادة اللغط والمهاترات ثم النزول والبذاءات التي زادت عن الحد من مؤيديه.. اخترت الصمت نهائيا امام مالايليق، وأن لااتحدث بأى شكل عن حمدين، بل اننى قمت بحذف كل من دخل على حسابي في (الفيس بوك) واساء لحمدين بلفظ وأعلنت عن هذا، وكنت اتمنى أن اظل على ما اخترت وأن تكون كتاباتي فيما يخص المرشح الذي قد اخترته مبكرا جدا عن قناعة تامة بأن هو الوحيد الذي تحتاجه مصر في هذا الوقت بالتحديد، وكتبت مقالتى المبكرة جدا في المصري اليوم والبوابة نيوز تحت عنوان (مصر تحتاج.. والشعب يريد) واعنى به (المشير السيسي)، وأن اكتب حول مصر الوطن وشعب مصر الذي انا معنيه به والذي اسميه ب (الشعب الحقيقي) من البسطاء الذين لم تلوثهم السياسة ويحبون مصر حبهم في الله..
لكن للأسف وبعد أن ارتضى حمدين على نفسه أن يسئ للرمز وأن يبدو أنه يسترضي الجميع على حساب عبد الناصر، وبعد أن ارتضى على نفسه حديثا (تطوعيا) بدا فيه أنه يضرب في مبادئه وعقيدته السياسية (الناصرية) من اجل كسب الأصوات من هنا وهناك والفوز بالرئاسة، فأننى الان-وبكل الحزن والاسف-في حل من أي قيود تكبلنى بها العلاقات الانسانية القديمة مع حمدين، ولسوف اتصدى له بكل قوة – مهما بدت ضعيفة ومحدودة – لكنى استقوى في هذا بالله وبثبات مبادئي الواحدة، وبطهارة ونظافة تاريخى، أو كما يقال بالبلدى بأننى لست ممن هم (على رأسهم بطحة) تجعل مواقفهم مهزوزة وضعيفة ويبتلعون السنتهم خشية من أحد.. أنا لا أخاف سوى ربي، والمبدأ عندى هو تاجى وسلطانى.. وعبد الناصر الزعيم عندى هو خط احمر شديد القدسية، اقف وقفة الأسد امام كل من تسول له نفسه أن يسيء إليه بأي شكل حتى لو كان الفاعل – لا قدر الله- هو والدي الحبيب رحمه الله الذي أنجبني من ظهره..
** ولى كلمة أخيرة:
- باسم ناصريتي ووطنيتي المصرية أطالبك يا حمدين أن تعتذر لعبد الناصر وفورا.
- وباسم عروبتي أطالبك يا حمدين أن تعتذر لسوريا ولشعب سوريا التي احتضنها عبد الناصر داخل القلب، والتي دمرها وخربها الإرهاب الإخواني المجرم، والذي كان يريد نفس المصير لمصر، ثم أتيت أنت واعتذرت لهم، لمن أرادوا الخراب لوطنك من أجل حفنة من أصوات، أو من أجل دفقة من أموال تدخل إلى حساب حملتك الانتخابية!!
** اعتذر يا حمدين فالخسارة في الانتخابات واردة، وهي أمر يمكن تعويضه في مرة أخرى.. لكن خسارة النفس لا تعوض.. وهي النهاية الفعلية للإنسان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.