علي عمران: الإخوان لا يجيدون قراءة التاريخ وعلى الدولة مواجهتهم "الحمامصي": اغتيال البنا نتيجة طبيعية لسياسة انتهجها تنظيمه الخاص "فؤاد": أحفاد البنا انحرفوا عن منهجه بتورطهم في الخيانة والتزوير هيثم الحاج علي: لو لا سيد قطب لانتهت أفكار البنا باغتياله مرت في هدوء، أمس الأربعاء، ذكرى اغتيال حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المحظورة التي تمارس إرهاب الشعب المصري حاليًا. "البوابة نيوز"، استطلعت آراء عدد من المثقفين حول هذه الذكرى وما تبقى من فكر البنا وما هي الطريقة المثلى في التعامل مع الإخوان في هذه الفترة وغيرها من الأسئلة التي تطرح نفسها في هذه المناسبة. من جانبه، قال الشاعر علي عمران، مدير النشاط الثقافى لمتحف أمير الشعراء أحمد شوقي: عند اغتيال حسن البنا بسبب دعوته للعنف كان لابد أن يغير الإخوان من منهجهم في العمل ومن طريقة تفكيرهم ويعلموا أن لكل زمن طريقته المناسبة، ولكن للأسف ظل الإخوان الجاهلون يعملون بنفس الطريقة التي يرفضها المصريون وتحرمها كل الشرائع، ومرة تلو أخرى يقع الإخوان في نفس الخطأ لأنهم لا يجيدون قراءة التاريخ، ويجب على الدولة ممثلةً في المؤسسات القانونية، ومناهج التعليم، ووسائل الإعلام، والمراكز الثقافية أن تعمل على محاربة فكر البنا غير الصالح لزماننا هذا، زماننا الذي لا يستوعب إلا أهل الحوار، وأهل الفكر ويلفظ الظلاميين والتكفيريين القادمين من كهوف الجهل والتخلف البعيدين تمام البعد من نهج الإسلام القويم وعن أخلاق سيد الأنام محمد بن عبد الله عليه أزكى الصلاة والسلام. كما قال الشاعر محمد الحمامصي، إن اغتيال حسن البنا الذي حلت ذكراه أمس، جاء نتيجة طبيعية لسياسة الاغتيالات التي انتهجها تنظيمه الخاص بناء على أوامره باعتباره المرشد والمؤسس والقائد للجماعة، فلم يكن من الممكن لأحد أفراد التنظيم أن يخرج منه لنفسه ليغتال القاضي الخازندار أو محمود فهمى النقراشي أو غيرهما، ومن ثم جاء اغتياله ثمرة ما زرعه. أضاف الحمامصي أن القضاء على أفكار هذه الجماعة الإرهابية سواء كانت هذه الأفكار منسوبة لمؤسسها حسن البنا أو من جاءوا بعده، فلن يتم إلا ببناء دولة قوية ترتكز على منظومة تعليمية مستنيرة، ومنظومة صحية تطال كل أفراد الشعب المصري، وعدالة اجتماعية ينال فيه الفقير والغني على السواء حقوقه دون مساومة أو تنازل، ومنظومة ثقافية تعظم قيم المعرفة المستنيرة وتجل العلماء والمؤرخين والمفكرين وتعلي قيم الحوار والاحترام والحرية، ومنظومة سياسية تقبض بيد من حديد على الثوابت الوطنية وترسخها في كل كلمة ونهج وتعامل مع الداخل أو الخارج، ومنظومة دينية تؤمن بالاختلاف وحرية الرأي والتواصل مع الآخرين سواء كانوا على ديننا أو على غير ديننا وهكذا. واختتم الحمامصي كلامه قائلا: عندما تتحقق شروط الدولة ونهضتها ورقيها وينعكس ذلك على مواطنيها حرية وكرامة وعدالة وإنسانية وثقافة واحتراما، ساعتها فقط لن تجد الأفكار الظلامية مكانا لها ومن ثم ستحفر قبرا هناك في الظلام وتدفن نفسها إلى الأبد. في حين أكد الروائي صبحي موسى، أن حسن البنا أو غيره من أبناء الجماعات المتطرفة الذين جاءوا من بعده هم نتاج عصر وبيئة نشأوا فيها، فالفيروس إذا وجد الحضانة المناسبة له فإنه يظهر وينتشر. وقال صبحي: علينا أن ننتبه إلى عدة ملاحظات في ذكرى اغتيال البنا، أولها أنه حصل على تعليم متوسط، ثم انتسب لكلية دار العلوم، أي أنه لم يحصل بشكل منتظم على تعليم عال، ولم تتعود قدراته الذهنية على فكرة الدولة المدنية ولا القدرة على تحليل المعلومات التي يتلقاها، بل إن تعليمه المتوسط في مدرسة المعلمين أوقف قدراته الذهنية على فكرة الحفظ والترديد دون فهم، وهذه إشكالية سوف تواجهنا كثيرًا لدى أنصاف المتعلمين الذين سيجدون في الخطابة تحققًا نفسيًا وشخصيًا لهم. تابع موسى: الأمر الآخر أن البنا منذ بدايته، وهو مدفوع بفكرة السلطة على الآخر وليس الدعوة، فجمعية منع المحرمات التي أنشأها في صغره لم يكن هدفها الدعوة بالحسنى بقدر ما كانت البحث عن سلطة، وليس هناك أفضل من سلطة الدين وتفسير القرآن الذي وصفه على بن أبي طالب بأنه حمال أوجه، فضلًا عن استحضار الأحاديث وتعميمها كمبادئ أساسية في الدين دون ذكر للسياق الذي قيلت فيه. في النهاية جاء اغتيال البنا ردًا على اغتيال الجماعة للنقراشي، ومحاولتهم تفجير المحكمة لنسف أدلة الإدانة للتنظيم السري والجماعة، وهذا يفسر أن البنا شخصيًا لم يكن مع فكرة الدولة، وأن فكرته كانت بسيطة وساذجة لدرجة أنها تقوم على مبدأ برجماتي انتهازي (اللي تغلب به إلعب به). أضاف: لعبت الجماعة فيما بعد على تشكيل أسطورة مهمة في أذهان مريديها وهي فكرة الإمام الشهيد، واستحضرت مشهد قتل البنا عشرات المرات، وربطت بينه وبين مقتل الإمام الحسين، من أجل استعطاف الناس، لكن الثابت أن البنا لم يكن سوى رجل فقير الذهن، تعامل مع الفكرة بمنطق أهل التكايا، وأن اللحظة السياسية التي ولد فيها هي التي جعلت الإنجليز يدعمونه من أجل الوقوف في وجه الوفد وجماهيريته، وأن الملك نفسه تصور أن البنا ومن معه يمكنهم أن يروجوا لفكرة الخلافة ونقلها إلى مصر بعد أن ألغاها أتاتورك في تركيا، ومع تشكيل دولة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية بشكلها الديني المتشدد، وعلى هيئة عصابات مسلحة، جعل البنا يلعب على مناهضة الاحتلال واليهود، وهو الموضوع الأثير لدى الشباب في هذه الفترة، فالشباب دماء فائرة بطبيعتها، تسعى إلى الإعلان عن نفسها، ومن ثم فاللعب على القضايا المثالية يجتذبهم دون وعي لاستغلالهم في لعبة سياسية يستفيد منها انتهازيون أكثر من الانتهازيين الذين في السلطة أنفسهم. وقال صبحي: البنا في ظني يجب إعادة قراءته من جديد، ولكن بشكل حقيقي، بعيدًا عن تلك القراءة البكائية التي قدمها الإخوان لشباب الجامعات، مغازلين بها مثاليتهم ورومانسيتهم بفكرة الإمامة ومقتل الحسين ومناهضة الاحتلال وغيرها من الأفكار والمشاهد المؤثرة، في حين أن الأمر لا يزيد عن كونه سعيا لسرقة هذا المثالية لصالح أغراض يدفع أجرها الإنجليز أو الملك أو اليهود أنفسهم. بينما قالت الدكتورة فينوس فؤاد، الناقدة والفنانة التشكيلية: تعتبر ذكرى اغتيال حسن البنا عبرة للإخوان أكثر من أي شخص آخر - فهم من مارسوا أفكاره إلى أن اغتالهم الشعب المصرى بتنوير ورقي لم يعهده من اعتاد على قتل من يختلف معه. أضافت فؤاد: أعتقد أن المواجهة المثلى للإخوان قد تمت بالفعل يوم 30 يونيو وما زالت تتم من خلال رفض للأفكار المدمرة والتعايش مع الآخر دون صدامات أو مواجهات دامية ومحاربة الفكر بالفكر ونبذ العنف. أما الشاعر زين العابدين فؤاد، فقال إن الجماعات التي خرجت من عباءة الإرهابية أخطر علينا من أفكار حسن البنا نفسها، لأن تلك الجماعات بنت أفكارها على الأسس التي وضعها سيد قطب خاصة في الفتاوى التي تتعلق بتكفير المجتمع في مرجعتيهم الشهيرة في كتبه خاصة كتاب "الجهاد.. الفريضة الغائبة". أضاف: إن أحفاد البنا لم يسيروا على نهجه وقام عدد منهم بتزوير أفكاره بإصدار طبعات جديدة من كتب البنا ولعبوا أدوارا غير التي رسمها لهم وجاء ذلك تعقيبا على ذكرى ميلاد مؤسس جماعة الإخوان المسلمين حسن البنا. وتابع قائلا: ولم يكتف أحفاد بالتزوير بل خانوا وباعوا الوطن، وأصبحوا منفذين للخطط الأمريكية بالوكالة، وهذا ما يبرر سر إصرار مرسي على الإفراج عن عمر عبد الرحمن مسئول ملف التفاوض مع الأمريكان في بيشاور. من جانبه أكد الدكتور هيثم الحاج أن أفكار حسن البنا لها جناحان معروفان الأول إصلاحي يمثله عبد المنعم أبو الفتوح والثاني متطرف وعنيف ويمثله محمد بديع ورفاقه ويعتمد على العمل السري. وأضاف على: يجب أن تعتمد المواجهة مع أفكار البنا على هيكلة الجماعة نفسها والتصدي لأفكارها، ثم هيكلة النخبة التي ستقوم بالمواجهة والقيام بالتوعية اللازمة في مواجهة التعصب والرجعية، ثم هيكلة المجتمع نفسه وتهيأته لهذه المواجهة. وأكمل على: لم يكن لأفكار البنا العبقرية التي يتخيلها البعض، بحيث يمكن لها أن تستمر لأنها أفكار ضيقة وكان يمكن لها أن تنتهي باغتيال البنا لولا قيام سيد قطب بتطوير الأفكار ووضع أسس فكرية لها، ويمكن لنا أن نقول أن ما بقي من أفكار البنا بعد اغتياله لا علاقة له بالأفكار الأساسية التي وضعها البنا وإنما هي فقط تكأة يستخدمها الإخوان للعب بمشاعر الشباب، بحجة إعادة الخلافة الإسلامية والحضارة وغيرها من الأمور. كما أكد الشاعر محمد كشيك أنه في ذكرى اغتيال حسن البنا التي تمر اليوم، يجب أن تكون المواجهة الثقافية، هي الأساس، وقال إن الإرهاب قائم على فكره، ومحاربة الفكرة، يجب أن تشارك فيها عناصر مدنية كبري، لعل أهمها، الأزهر بتاريخه المضيء، المواجهة ثقافية بالأساس. أضاف كشيك: إن الشعب لمصري، شعب لا يعرف العنف، والمواجهات المسلحة، من المستحيل أن تحدث في مصر، وما نجح في بلاد أخرى من الصعب، بل من المستحيل أن يحدث في مصر، ذلك نتيجة للتربية السليمة، التي يعيشها الشعب المصري طوال تاريخه الطويل.