قالت القاصة سهى زكي، إنني لا يفارقنى مشهد "لمة" العائلة مع جدتى "حميدة" التى كانت تأتى لنا فى الايام الأخيرة من شهر رمضان لتساعد أمى فى عمل الكحك والبسكويت والبيتى فور والغريبة والفطير، كنا نجتمع حول العجين بشغف نريد ان نقلد الجدة فى "العجن"، ولم تكن تنهرنا أبدا عن محاولاتنا ولكنها كانت بهدوء وهى تعلى صوتها منادية على أمى لتحضر العجوة والملبن وتأتى لها بالسمن، تلقى لنا بقطع صغيرة من العجين لنلعب بها ونصنع بها عرائس تشبه تلك التى كانت تصنعها لنا بالقطن وتحرص على أخذها منا جميعا ووضعها فى الصاجات التى تذهب للفرن، وتسمى كل عروسة بأسم كل واحد فينا، ونسهر جميعا حتى الفجر فى انتظار عودة الصاجات للحصول على غنيمتنا من عرائس الكحك التى صنعناها. وأضافت سهى في تصريحات خاصة ل"البوابة نيوز": فى ليلة الوقفة كنا نحن البنات، يحدث معنا الاسثناء الوحيد فى العيد للسهر خارج المنزل وهو عند الكوافير، حيث كانت الكوافيرات تقوم بعمل سرادقات خارج محلها، وتحصل على اسثتثناءات السهر للصباح، وكنا فتيات صغيرات نصاحب امهاتنا فى انتظار دورنا لعمل شعرنا، وكانت رائحة شياط شعر الزبائن تخنق انوفنا، ولكننا مستمتعين بالسمر سويا واغانى العيد الذى يديرها صاحب الكوافير فى الكاسيت الكبير، وأصوات البمب فى الشارع، مظاهر أعتقد بعضها مازال موجودا ثم لا ننام ونذهب لصلاة العيد ونعود لنشرب الشاى بلبن مع الكحك التى سبق ووضعته امى فى كراتين كبيرة تكفى تقريبا للعام كله، لا أعرف كيف كنا نستطيع عمل كل هذه الكميات من الكحك والبسكويت، والأن لا نستطيع عمل كيلو كحك بهذه الروعة، ثم بعد الإفطار وبعد الإستمتاع بأغنية أهلا بالعيد وبرامج العيد على القناة الاولى، ثم نرتدى ملابسنا الذى كنا نحتضنها بشغف ملابسنا العيد حتى إننا كنا نحتضن الأحذية، تلك الأحذية التى كانت دائما ما تؤلمنا فى أول يوم ارتدائها، فكنا أنا وابناء الجيران نصحو الصبح بعد لبس الفستان والحصول على العيدية ونجرى على المصور المزدحم دائما بالأولاد الملونين بملابسهم الجديدة، ويصورنا نحن الأصحاب مع الخلفيات القديمة التى كانت مبهجة لنا. وواصلت سهى: الطريف فى ذكريات العيد، طقس كنت أفعله وأنا لا أعرف حتى الأن لماذا هذا الإهتمام حتى الأن هو أكلة الكشرى، لابد من الذهاب لمحل الكشرى، ثم نعود لنأكل الرنجة، أكلة اول يوم عيد عند اغلب المصريين، كان لى بيت عادى وجميل يشبه كل البيوت، كانت لى أم حنونة تقوم بكل الطقوس التى تفعلها كل الأمهات، تحممنا ليلة العيد، وتلهو معنا حتى ننام، ولا تهتم بما سترتديه هى، ولا بفسحتها هى، إنما فرحة أبناءها وجمالهم وشياكتهم والتباهى بما يرتدون من ملابس جديدة مفرحة هو العيد بالنسبة لها. وأضافت سهى: عندما كبرت قليلا كنت تقريبا فى الصف السادس الابتدائى، قررنا أنا والاولاد ان نقلد الأولاد الكبار، فاننا نريد ان نذهب لحديقة الحيوانات وحدنا، كنا صغارا جدا وقصار القامة ايضا، ثلاث فتيات وولدين قرروا أن يشاهدوا الحديقة، ولم نخبر أهالينا، وسألنا كيف نذهب للحديقة، وارتادنا الميكروباص من العمرانية حيث كنا نسكن الى الجيزة، لا تفارقنى تلك الزحمة المرعبة التى اشعرتنى بالخوف، كانت أول مرة أخرج من المكان وحدى واركب مواصلات وحدى، كان الخوف يزيد من ضربات قلبى، ولكن حبى للمغامرة اقوى، دخلت مع الاطفال اتظاهر بالقوة، وفوجئت ان بالحديقة اطفال كثر يلهون وحدهم وتعرضت لاول مرة لمعاكسة رقيقة من أحد الأولاد تبعها خناقة عظيمة من ابن الجيران الذى كان معنا، وعدنا للبيت مرعوبين ان يسألنا اهالينا اين كنا ولماذا اختفينا من الشارع، ولم يعرف اهالينا حتى اليوم اننا ذهبت وحدى لحديقة الحيوان فى اجازة الصف الخامس، وكلما ذهبت لمصور فوتوغرافى، أو لحديقة الحيوان، والطريق الواصل ما بين نفق الهرم تحديدا وميدان الجيزة وحتى باب الحديقة الكبير أذكر تلك البراءة وفرحة العيد.