فى فيلم «الزوجة الثانية» حينما رأت حفيظة «سناء جميل»، أن فاطمة «سعاد حسني»، أصبحت حاملا وابنها سيحصل على كل ما يمتلكه العمدة عتمان «صلاح منصور»، لجأت إلى نظيمة الداية «نعيمة الصغير»، لتساعدها أن تصبح حاملا بعدما لجأت إلى كل العقاقير هى والعمدة، فكان المشهد أن تنام حفيظة على قضبان القطار الذى يمر من بلدتهم، وحين يمر القطار تصاب حفيظة بالذعر مما سيعجل بحملها. هذا فى السينما أما فى الحقيقة فالقطار ليس موجودا، ولكن يستعاض عنه بأشياء أخرى. فى مركز «تمى الأمديد» بمحافظة الدقهلية، يوجد ضريح «ابن سلام» نسبة إلى الصحابى الجليل عبد الله بن سلام، وبمجرد دخولك المقام تسمع الأصوات الداعية بكل ما تشتهى به الأنفس، فالنساء بجانب الضريح يلجأن للشيخ أن يدعو الله لهن أو يكون وسيطا بأن يرزقهن المال أو الولد أو هداية أبنائهن إلى غير ذلك من أمور الحياة، وحتى يعجل بالأمر تتودد إليه النساء بالشموع والحناء المعطرة، لعله يلتفت لدعائهن ويدعو الله لهن، ويختلف الأمر بين من ذهب للإنجاب عمن تريد الرزق أو أن يجمع بينها وبين زوجها. كمثال من تريد أن تحمل وتلد، تقول إحدى جيران مقام الشيخ، الحاجة سنية عبد المتولى: «يجب أن تأتى المرأة مغتسلة بعد صلاة الجمعة للمقام لتدعو الشيخ أن يتوسط لها عند ربها، وتنير الشموع بالقرب من الضريح، وتضع بعض الحناء المعطرة كرامة للشيخ، ثم تتوجه إلى الجبل الترابى وتصعده بعد أذان المغرب بمفردها، وتسير بين المدافن ذهابًا وإيابًا وتذهب إلى منطقة «الكحريتة»، وتقف أعلى الجبل وتقول: بركاتك يا سيدى الأمير.. شيء لله يا سيدى الأمير، ثم تلقى نفسها من فوق الجبل متدافعة من الأكوام الترابية حتى تصل إلى الأرض، ويكون فى انتظارها أحد أقاربها، ثم تعود إلى بيتها، وبعد فترة قصيرة من الوقت إذا حلت عليها البركة فإنها تحمل على الفور، وإن لم يحدث تعيد الكرة مرة أخرى إلى أن يحدث». أما عن جلب العريس، فتقول إحدى مريدات الضريح، التى تقوم على نظافته من وقت لآخر، الحاجة سيدة السيد: «الفتاة تأتى للزيارة والصلاة والدعاء، ويوجد هنا صندوق تستطيع الفتاة أن تضع فيه ورقة باسم الشاب الذى تريد الارتباط به إذا كانت ترغب فى شخص معين، ثم بعد ذلك تقوم بالدوران حول الضريح 6 مرات، وتكرر ذلك فى كل يوم قبل صلاة الجمعة لمدة خمسة أسابيع متتالية، وفى أثناء ذلك يأتيها الفرج وتحل عليها بركات الشيخ «ابن سلام» ولتتأكدى، فمنذ عام جاءت أختان ترغبان بالزواج إلى الضريح، ودعيتا الله أن يتقبل بركات الشيخ، وفى اليوم التالى جاء فى الحلم لإحدى الفتاتين صورة زوجها وزوج أختها، وكان كل شاب منهما من بلد مختلف، ولكن الشيخ ابن سلام قال للفتاة فى الحلم: خدى ليكى عريس وأختك الثاني، وتمت خطبتهما وزواجهما ببركات الشيخ فى يوم واحد». ومن التخاريف التى يؤمن بها مريدو الشيخ، أن الشيخ ابن سلام يأذن بالموافقة أولَا، فمن يذهب للضريح للتبرك والدعاء أو طلب أى شيء، فإذا رأى الشيخ أن الأمر جائز وهو موافق عليه يظهر طيفه فى المنام لمن طلب منه الطلب، وإن لم يأت خلال 5 أيام فى الحلم يكون من الخطأ الاستمرار ضد إرادة الشيخ. والكارثة الكبرى أن هناك اعتقادا بين أهل القرية أن من يواظب على زيارة المقام كل يوم سبت لمدة 7 أسابيع والدوران حوله باستمرار تكتب له «عمرة»، كأنه سافر إلى بيت الله الحرام، وكثيرا من النساء كبيرات السن والرجال يفعلون ذلك دون أدنى علم منهم بمدى حرمة ذلك عليهم. وفى الغربية ذات السبع مراكز توجد قرية «وصيف» التى تجمع المراكز كلها بسبب وجود ضريح الشيخ «أبو خضرة»، الذى تلجأ إليه النساء لجلب الحظ والبركة والحصول على طفل، والشيخ يعتبر من أولياء الله الصالحين، عاش زاهدًا متصوفًا فى الدنيا لا يرغب فى مال أو جاه، كان فقيرًا إلا أن قلبه كان عامرًا بالإيمان. وتقول فاطمة أمين، حاصلة على دبلوم تجارة: «تزوجت فى سن ال25، ولم أرزق بأطفال طوال 3 سنوات وذهبت للأطباء، وأكدوا أن عدم حدوث الحمل ليس عيبًا فىّ أو فى زوجي، ولهذا ذهبت لمقام الشيخ أبو خضرة، وطفت حوله 7 مرات كاملة بصحبة زوجى، وبعدها بأقل من شهرين حدث الحمل، وقمت بتوزيع اللحمة والأرز على الناس». وعن كرامات الشيخ يقول أمين عن حكايات جدته: «إن أبو خضرة لم يكن دجالًا أو مشعوذًا بل كان عبدًا فقيرًا إلى الله يتضرع من أجل شفاء الناس من الأمراض، فقد كان يمسح رؤوس المرضى المصابين بالحمى والصداع فيشفيهم الله على الفور». وقالت «صباح علي»، عاملة بمدرسة: «كرامات الشيخ هى من تدفع النساء اللاتى يتأخر حملهن فى الذهاب إليه، حيث يطفن حوله 7 مرات، ويرزقهن الله بالحمل بعدها بمدة لا تزيد عن 3 أشهر». أما عن المقام، فهو لا يخضع لوزارة الآثار، ولا لأى جهة حكومية، وليس ضمن ممتلكات وزارة الأوقاف، فهو مبنى على أرض ملك للشيخ، ويتولى أهالى القرية تنظيفه وحمايته ويتناوبون على حراسته. وحول ضريح «السيدة نفيسة» وهو الأقرب إلى قلوب أهالى القاهرة ومصر عامة، فتنتشر النساء باكيات ينتظرن التبرك بنفيسة العلم، التى ستشفع لهن عند ربهن من أجل تحقيق أحلامهن، فتقول «الحاجة أم محمد» التى فاض بها الكيل لتأخر سن ابنتها عن الزواج: «حلمت بستنا «نفيسة» بتدينى رز فسألت عن تفسير الحلم، ففسر أنه يجب أن أزورها وأدفع حاجة لله، وأنها عايزانى أصلى، وفعلا ذهبت للتبرك وصليت ودعيت ربنا وابنتى تزوجت والحمد لله بركاتك يا ستنا». ويقول الدكتور جمال فرويز، أستاذ الطب النفسي: «إن الشعب المصرى له طبيعة دينية خاصة تميزه عن غيره من الشعوب، وكما نسميه مُتدينا بطبعة، لكن الشعب له عقائد وهالات تدور داخله خاصة فى اعتقاده بالأولياء والأضرحة ونسج الأقاويل والعبارات التى يمدح فيها المقام والميت». ويضيف فرويز، ل«البوابة»، أنه ليست هناك علاقة فى نسب التصديق بين الرجال والنساء، فهما جنس واحد، لا فرق بينهما علميًا، إلا أن النساء أكثر تأثرًا من الرجال، وأكثر قلقا وتحملًا للمشاكل مما يزيد الضغط عليهن فيجعلهن يأملن فى أن يجدن طريقا يقرب إليهن الدعاء، وأن ينلن بركات الشيوخ الذين يذهبن إليهم حسب ما سمعن من قصصًا. واتفق الدكتور أحمد فخرى، استشارى الطب النفسي، مع «فرويز»، فى أن المرأة هى الأكثر تأثرًا من الرجل، وليس نسب التصديق، فدائمًا ما تقع المرأة فريسة سهلة لمثل تلك الأكاذيب والادعاءات، حول وجود الضريح وبركات الشيخ، حسب قوله. ويضيف فخري، أن الطب النفسى يعتبر تلك الحالة مرضًا نفسيًا، يستحق العلاج، فالأمر كله يعود للمووثات عبر الأهل، فالجميع يكبر على أن هذا الشيخ صاحب كرامات فيصدق الأبناء والأحفاد، وتكثر تلك الحالات فى الأماكن الشعبية والحارات، التى بها الكثير من الأميين، ومن نسميهم «على فطرتهم».