أزمة حادة وخناقات واتهامات متبادلة بالمسئولية عن تطفيش المستثمرين بين وزارتين من وزارات المجموعة الاقتصادية، والسبب مادة فى قانون الاستثمار الجديد تسعى وزارة الاستثمار إلى تعديلها، بينما تعترض وزارة المالية بشدة وبقوة. رغم أن قانون رقم 17 لسنة 2015 المعروف إعلاميًا بقانون الاستثمار الجديد تم إعداده ومناقشته وصياغته داخل أروقة وزارة الاستثمار، فإن الوزارة هى التى تعترض بقوة على إحدى مواده وهى المادة 29 وتسعى إلى تغييرها، لكن وزارة المالية ترفض. القصة ببساطة أن المادة 29 من القانون، أوقفت إنشاء مشروعات جديدة بنظام المناطق الحرة، وهو ما اتضح عدم صحته بعد مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى، حيث قدمت عدة شركات أجنبية طلبات لتأسيس مشروعات جديدة بنظام المناطق الحرة. وطبقًا لمصادر بهيئة الإستثمار فإن عدد المشروعات التى تقدم أصحابها بطلبات لتأسيسها بنظام المناطق الحرة، بلغ 13 مشروعًا منها مشروعات تجاوزت استثماراتها المقدرة 100 مليون دولار. وزارة الاستثمار رفعت مذكرة إلى المجموعة الاقتصادية بمجلس الوزراء طلبت فيها السماح للعمل بنظام المناطق الحرة مرة أخرى، لكنها فوجئت بمذكرة لوزارة المالية، تذكر أن نظام المناطق الحرة هو أكثر الأنظمة التى يتم استغلالها لتهريب السلع. من جانبها رفضت اللجنة الاقتصادية المنبثقة عن لجنة الإصلاح التشريعى تعديل القانون استنادا لمذكرة وزارة المالية، وهو ما أثار حالة من الغضب داخل وزارة الاستثمار، ودفع الوزير نفسه لمخاطبة رئيس الوزراء، والذى طلب منه إقناع مسئولى وزارة المالية بأهمية التعديل. أشرف سالمان وزير الاستثمار شكل لجنة متخصصة، شارك فيها علاء عمر رئيس هيئة الاستثمار، لإقناع مسئولى الجمارك بوزارة المالية بأهمية المناطق الحرة بالنسبة للاقتصاد المصرى.. ومن جانبه أعد علاء عمر دراسة تفصيلية حول أهمية مشروعات المناطق الحرة بالنسبة للاقتصاد وعرض تجربة 222 مصنعًا تعمل بذلك النظام، وتسهم فى تحقيق صادرات تقترب من 750 مليون دولار سنويًا. وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، عقدت لجنة تعديل القانون عدة اجتماعات مع مسئولى وزارة المالية، لإقناعهم بأهمية نظام المناطق الحرة، وكانت أبرز مبررات اللجنة أن المناطق الحرة تساهم بنحو 25 ٪ من صادرات مصر، وأن الاستثمارات وفرص العمل المتحققة من المشروعات المعروضة على الهيئة كفيلة بإقرار النظام. فضلًا عن أن نظام المناطق الحرة نظام عالمى حقق نجاحًا فى كثير من دول العالم. مستثمرون وخبراء اقتصاد اعتبروا الأزمة نتاجا طبيعيا لتخبط الحكومة وتضارب قراراتها، وهو ما دفع أحد المستثمرين العرب الذين قدموا طلبات لإقامة مشروعات جديدة فى مصر لأن يتهم مسئولى وزارة المالية بتعقيد الأمور وعرقلة الاستثمار. وطبقًا للمستثمر الذى رفض ذكر اسمه، فإن هناك شركات عربية عديدة درست الاستثمار فى السوق المصرية، قبيل صدور قانون الاستثمار الجديد، وقدمت دراسات وافية حول فرص حقيقية للنمو، لكن كان من المفاجئ أن يحمل القانون المفترض فيه تيسير إجراءات الاستثمار حكمًا بالإعدام على المناطق الحرة الخاصة. ويقول المستثمر: إن وجود بعض المخالفين أو المتهربين من أصحاب المشروعات بالمناطق الحرة، لا يبرر إلغاء تلك المشروعات تمامًا، خاصة أنها توفر فرص عمل، وتسهم فى جلب عملات صعبة، وأنه ليس من المنطقى اتهام مشروعات بعينها بالتهريب فى ظل إمكانات واسعة لدى مصلحة الجمارك للرقابة على السلع، وضبط أى ممارسات مخالفة للقانون. أما علاء عمر رئيس هيئة الاستثمار، فيشير إلى أن هناك مشاورات مع وزارة المالية لتعديل 5 مواد فى مشروع القانون الذى صدر مؤخرا. وبالنسبة للمادة 29 تحديدا من القانون فإنه يؤكد إمكانية وضع عدد من الضوابط التى تضمن وقف التهريب من خلال المناطق الحرة بدلًا من إلغائها نهائيًا، خاصة أن هناك مشروعات قيّمة ومهمة معروضة على مصر بنظام المناطق الحرة الخاصة. إن واحدًا من تلك المشروعات يعمل فى مجال الطاقة وقد تقدمت به إحدى الشركات الإماراتية، وتبلغ استثماراته المبدئية نحو 50 مليون دولار. ومن المعروف أن المناطق الحرة فى مصر نوعان مناطق حرة عامة، ومناطق حرة خاصة، ولكل منهما شكل ونظام ومزايا مختلفة، فبالنسبة للمناطق الحرة العامة، فهى عبارة عن قطعة أرض محاطة بأسوار من جميع الجهات مخصصة لإقامة المشروعات الاستثمارية الصناعية والخدمية والتخزينية تخصص المساحات بها للمشروعات بنظام مقابل حق الانتفاع السنوى للمتر المربع. أما المناطق الحرة الخاصة، فهى عبارة عن قطعة أرض تقع خارج نطاق المنطقة الحرة العامة، وتتم إقامة مشروع استثمارى واحد عليها لعدم توافر مساحات بالمناطق الحرة العامة أو لصلاحية المكان لقربه من مصادر المواد الخام أو أحد موانئ التصدير لسهولة نقل الخامات أو تصدير المنتجات. وربما تعد من أهم مزايا المناطق الحرة الخاصة، حرية اختيار مجال الاستثمار وتحويل الأرباح والمال والاستيراد، وتسعير المنتجات من السلع والخدمات، وحرية الاستيراد والتصدير دون القيد بسجل المصدرين والمستوردين. وتشمل الإعفاءات للمشروعات فى المناطق الحرة الخاصة إعفاء الأصول الرأسمالية للمشروع ومستلزمات الإنتاج من الضرائب والرسوم الجمركية، بالإضافة إلى إعفاء واردات وصادرات المشروع من وإلى الخارج من الضرائب والرسوم الجمركية وإعفاء كامل المكونات المحلية من الرسوم الجمركية فى حالة البيع للسوق المحلية. وإذا كانت المادة 29 من القانون الجديد، قد نصت على أنه لن يتم الإخلال باستمرار الشركات القائمة بالفعل وفقا لهذا النظام، وجواز تجديد التراخيص لها حال انتهاء مدة الترخيص، فإنها أوقفت تأسيس مشروعات جديدة بنفس النظام وهو ما يمثل تمييزا لمستثمرين عن آخرين وفقًا لمصادر بهيئة الاستثمار.