مازالت أزمة المادة 29 من قانون الاستثمار الجديد دون حل حتى الآن. لم تحرز المفاوضات التى تتم منذ فترة بين وزارة الاستثمار وبين وزارة المالية فى حسم موقف المادة 29 والخاصة بإعادة العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة بعد أن أقر القانون الغاءها. تتصاعد الازمة ومعها تتوالى الوعود الحكومية بأن الأمر على ما يرام وأنه سيكون هناك اتفاق بين الطرفين قريبا يحسم الموقف ولكن للاسف تمر الأيام ويزداد الأمر غرابة وتعقيدا لدرجة أن هناك عدداً من المشروعات المقدمة بنظام المناطق الحرة الخاصة تقدم اصحابها بطلبات لاقامتها ولم يحصل أى منهم على رد الى الآن، ووفقا لاحد المسئولين بالهيئة العامة للاستثمار فإن الرقم تجاوز 13 مشروعا. وتعديل المادة 29 من قانون الاستثمار تسمح بالتوسع فى نظام المناطق الحرة الخاصة وهو ما ترفضه وزارة المالية الآن نظرا لأنها تعتبر تلك المناطق باباً من أبواب التهرب الجمركى. الحقيقة أن المشكلة للأسف بدأتها وزارة الاستثمار نفسها وتسببت فيها بقصد أو دون قصد، حيث إنه مع بدء الحديث عن اجراء تعديلات على قانون الاستثمار كانت المسودة التى أعدتها الوزارة تتضمن وقف العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة تماما.. ورغم الاعتراضات على هذا التوجه إلا أنه لم تكن هناك آذان صاغية لوجهات النظر تلك وبعد صدور القانون واقراره بالصورة التى تمت بشكل سريع قبل انعقاد المؤتمر الاقتصادى بشرم الشيخ مارس الماضى، بدأت تظهر سلبيات القانون الامر الذى دفع الوزارة الى الاقرار بأن هناك 4 تعديلات واجبة فى القانون ومنها التعديل الخاص باعادة العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة، ومن أجل هذا أعدت الوزارة تقريراً عن أهمية المناطق الحرة الخاصة والعامة وكيف انها مهمة جدا للاقتصاد المصرى وأنها تشكل 25% من حجم الصادرات المصرية (262 مشروعا) نظرا لمساهمتها فى زيادة حجم الصادرات المصرية للخارج وتوظيفها لأعداد كبيرة من الأيدى العاملة. وبالفعل هذا الكلام حقيقى لان المناطق الحرة العامة والخاصة لها اهمية كبرى للاقتصاد حيث تجذب شرائح كبيرة من المستثمرين الذين يفضلون الاستفادة من مميزات العمل بتلك النظم. والمناطق الحرة فى مصر نوعان مناطق حرة عامة ومناطق حرة خاصة ولكل منهما شكل ونظام ومزايا فمثلا المناطق الحرة العامة عبارة عن قطعة أرض محاطة بأسوار من جميع الجهات مخصصة لإقامة المشروعات الاستثمارية الصناعية والخدمية والتخزينية تخصص المساحات بها للمشروعات بنظام مقابل حق الانتفاع السنوى للمتر المربع. أما المناطق الحرة الخاصة وهي قطعة أرض فتقع خارج نطاق المنطقة الحرة العامة يتم اقامة مشروع استثماري واحد عليها لعدم توافر مساحات بالمناطق الحرة العامة أو لصلاحية المكان لقربه من مصادر المواد الخام أو أحد موانئ التصدير لسهولة نقل الخامات أو تصدير المنتجات. وأهم مزايا المناطق الحرة الخاصة حرية اختيار مجال الاستثمار وتحويل الأرباح والمال والاستيراد وتسعير المنتجات من السلع والخدمات. وحرية الاستيراد والتصدير دون القيد بسجل المصدرين والمستوردين. وتشمل الاعفاءات للمشروعات فى المناطق الحرة الخاصة الخاصة إعفاء الأصول الرأسمالية للمشروع ومستلزمات الإنتاج من الضرائب والرسوم الجمركية وإعفاء واردات وصادرات المشروع من وإلى الخارج من الضرائب والرسوم الجمرك وإعفاء كامل المكونات المحلية من الرسوم الجمركية في حالة البيع للسوق المحلي. واقرت التعديلات أنه لن يتم الإخلال باستمرار الشركات القائمة بالفعل وفقا لهذا النظام، وجواز تجديد الترخيص لها حال انتهاء مدة الترخيص، ولكن أصبحت المشكلة فى الترخيص لمشروعات جديدة وهناك العديد من المشروعات تنتظر تحديد الموقف من المناطق الحرة . علاء عمر الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة قال ان المفاوضات بين الوزارتين مستمرة وأن وزارة المالية تظن ان المناطق الحرة الخاصة باب من أبواب التهرب الجمركى ولكن هناك العديد من الضوابط التى تتفاوض الوزارتان حولها وتم الاتفاق المبدئى على اجراءات تتم بمشاركة الجمارك لوضع كاميرات مراقبة فى المناطق الحرة الخاصة اسوة بما تم فى المناطق الحرة العامة وذلك لأحكام الرقابة. المشكلة الآن فى استمرار رفض وزارة المالية لعودة العمل بنظام المناطق الحرة الخاصة خاصة بعد أن رفضت اللجنة الاقتصادية المُنبثقة من اللجنة العليا للإصلاح التشريعي، مقترح وزارة الاستثمار، بتعديل الفقرة الثانية من المادة (29) من قانون ضمانات وحوافر الاستثمار، الصادر برقم 17 لسنة 2015، بإعادة الاستثمار وفقا لنظام المناطق الحرة الخاصة. حيث كانت وزارة المالية، أرسلت خطابا إلى الإصلاح التشريعي، أعربت فيه عن رفضها المقترح الخاص بالترخيص لمشروعات جديدة، وفقا لنظام المناطق الحرة الخاصة، مع عدم الإخلال باستمرار الشركات القائمة بالفعل وفقا لهذا النظام، وجواز تجديد الترخيص لها حال انتهاء مدة الترخيص، مع التأكيد على خضوعها للرقابة الضريبية والجمركية. وعللت اللجنة الاقتصادية رفضها التعديل، بأن الاستثمار وفقا لنظام المناطق الحرة الخاصة، كشف خلال تطبيقه عن سلبيات متعددة بخاصة في مجال التهريب الجمركي، ما ترتب عليه حرمان خزينة الدولة من مستحقاتها. المشكلة ما زالت مستمرة وحسمها ضرورة لانهاء الموقف وتوضيحه امام المستثمرين، خاصة ان الوضع الحالى يؤدى الى رسالة سلبية عن مناخ الاستثمار وتخبط التشريعات.