تشكيل حكومة ليبية جديدة خلال أسابيع برئاسة فايز السراج الوضع فى طرابلس يهدد دول الجوار .. ووجود «داعش» هناك أصبح مخيفًا اتفاق الصخيرات لم يصمد وكنا نتوقع أن يسفر عن حل النزاع مؤتمر كبير بالتعاون مع أوروبا ومنظمات دولية فى يناير لمواجهة «الهجرة غير الشرعية» كشف الدكتور عبداللطيف عبيد، أمين عام مساعد جامعة الدول العربية، رئيس مركز الجامعة بتونس، عن قرب التوصل إلى اتفاق بين الفرقاء الليبيين ينهى حالة الانشقاق الراهنة هناك، بما يحقق نتائج الحوار الذى تم برعاية الأممالمتحدة مؤخرًا، متوقعًا أن يتم الاستقرار على تشكيل الحكومة الليبية الجديدة خلال أسابيع، وأشار إلى أنها فى كل الأحوال ستكون برئاسة «فايز السراج» الذى يحظى بقبول واسع لدى الفرقاء فى ليبيا. وعن أبعاد الكشف عن بدء انتشار لتنظيم «داعش» على الأراضى الليبية أكد عبيد، أن ذلك قد يكون له بعد نافع، حيث انتبهت الأطراف الليبية إلى أن وجود داعش يعد خطرًا داهمًا، كما استشعرت الفصائل هناك الخطر الذى يهدد ليبيا كلها بوجود مثل هذا التنظيم. وأكد رئيس مركز الجامعة العربية بتونس، فى حواره مع «البوابة»، أن الجامعة العربية لم تغب عن القضية الليبية منذ البداية، وأنها قطعت العلاقة مع نظام العقيد معمر القذافى، ورغم أن الدور الراهن هو دور أممى تلعبه الأممالمتحدة، إلا أن الجامعة موجودة وتتابع الوضع هناك. ■ شاركت فى الاجتماعات التى جرت مؤخرًا فى إطار الحوار الليبى ممثلًا عن الجامعة العربية، فكيف تقيم مخرجات هذا الحوار وتأثيره على واقع الأزمة الليبية وسبل حلها؟ - نعم، شاركت فى جلسات حوار الصخيرات التى جرت فى سبتمبر، وفى أكتوبر بطلب من معالى الأمين العام للجامعة العربية، وتابعت الحوار الليبي الليبى، والذى جاء بإشراف الأممالمتحدة، ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا السيد برنارد ليون، والذى غادر منصبه وحل محله الآن مارتن كوبلر، وكنا نظن أنه تم الاتفاق على مجلس رئاسة الحكومة، وتم الاستقرار علي الاختيار المبدئى لرئيس الحكومة ومساعديه الأربعة إلا أن هذا الاتفاق لم يصمد، لكن الآن هناك مشاورات جديدة بإشراف المبعوث الجديد للأمين العام للأمم المتحدة «كوبلر»، ونتوقع أن يتم التوصل إلى الحكومة الجديدة خلال أسابيع إذا سارت الأمور كما ينبغى، ونشعر أن ما يتسرب من أخبار جيدة حول هذا الموضوع صحيح، وهو ما نأمله. والجامعة العربية بطبيعة الحال تتابع هذا الملف، وتحرص على أن ينشأ حوار جاد بين الأطراف الليبية المختلفة، يمكن الوصول من خلاله إلى حل القضية الليبية، وبدء تشكيل حكومة جديدة تتولى حفظ الأمن وتحقق الاستقرار ووحدة الأرض والبشر فى ليبيا. ■ ماذا عن انتشار داعش فى ليبيا فى الوقت الراهن، ومدى تأثير ذلك على عملية الحوار فى ليبيا؟ - داعش بالفعل أصبح موجوداً الآن فى ليبيا وبصورة تؤدى إلى التخوف، لكنى أردد مع هذه الحالة: «وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم»، لأن العديد من الأطراف الليبية انتبهت مؤخرًا بشكل جاد إلى داعش كخطر يداهم الجميع. ولعل ذلك يؤدى إلى تكاتف الصفوف، وحل هذه الخلافات وتجاوزها من أجل المصلحة الوطنية العليا للشعب الليبى. وبالفعل فإن مصالحات عديدة تمت فى ليبيا خلال الأسابيع الأخيرة خصوصًا بين جماعة مصراتة وجماعة تاغوراء، وبين جماعة التبو وجماعة الطوارق فى ليبيا، وهذا ما قرأناه فى الصحف، وعلى كل حال هناك وعى يتزايد يومًا بعد يوم لدى الأطراف الليبية، بضرورة التوصل إلى حل للأزمة الليبية، وهذا الحل لا يكون إلا بالحوار الجاد البنّاء بين مختلف الأطراف، كما كنت أقول دائما، وهذا ما تشجع عليه جامعة الدول العربية، وما يحث عليه الأمين العام للجامعة العربية. ■ الحادث الإرهابى الأخير الذى وقع فى تونس، أشارت أصابع الاتهام فيه إلى جماعات ليبية.. فهل ذلك يؤثر على طبيعة العلاقة الراهنة بين ليبيا وتونس خاصة وبين ليبيا ودول الجوار الليبى بشكل عام؟ - بالطبع، الإرهاب فى ليبيا يمثل مشكلة لدى الليبيين أنفسهم، كما يمثل مشكلة لدول الجوار وهى «مصر وتونس والجزائر والسودان والنيجر وتشاد»، ومن المؤكد أن كثيرًا من الأسلحة والذخائر الحربية، وما إلى ذلك تتسرب من ليبيا إلى تونس. كما أن بعض الإرهابيين يتدربون فى ليبيا، وهذا لا شك فيه، رغم أن دول الجوار حريصة على أن تستتب الأمور فى ليبيا، وأن تحل المشكلة الليبية، لأنه إذا لم تحل مشكلة ليبيا، فستكون دول الجوار مهددة تهديدًا كبيرًا، والتونسيون بدورهم حريصون على استتباب الأمن بليبيا، وعلى وصول مختلف الفرقاء الليبيين إلى حل عن طريق الحوار، خصوصًا أن المشكلة الليبية تعد مشكلة عربية، أى إقليمية ودولية أيضًا. ■ كيف ترد على من يرون الجامعة العربية لم تقم بالدور المأمول منها فى ليبيا؟ - غير صحيح؛ الجامعة العربية اهتمت بالملف الليبى منذ اندلاع الثورة فى ليبيا، واتخذت قرارا بمقاطعة نظام معمر القذافى، والوقوف إلى جانب الثورة، والجامعة العربية منظمة إقليمية، تعمل بالتعاون مع الأممالمتحدة، لكن الملف الأمنى بالعالم بيد الأممالمتحدة، وتحديدا مجلس الأمن الدولى وهو الذى تكفل بالملف الليبى، مثلما تكفل بالملف السورى وبالملف العراقى، وبالتالى لا تعتبر الجامعة متخلية عن الملف الليبى، لأنه بالأساس لدى الأممالمتحدة، لكن الجامعة تقوم بكل ما تستطيع من أجل الإسهام فى حل الأزمة الليبية حلًا سلميًا عن طريق الحوار، والحل الذى تريده الجامعة ليس حلًا عسكريًا، وهذا معروف من خلال قرارات مجلس الجامعة العربية فى الدورات الأخيرة، وطيلة هذه السنوات التى تبعت الثورة الليبية. ■ من واقع مشاركتك السابقة فى مؤتمر «الصخيرات».. هل سيستمر تشكيل حكومة فايز السراج وفقًا للتشكيلة المعلن عنها، أم ستشملها بعض التعديلات؟ - لا أعرف، لكن على كل حال «فايز السراج» يحظى بحظوظ كبيرة، وعليه وفاق والمشكلة ليست فيه؛ هو عنصر من عناصر الحل والطلبات متعددة ومنها زيادة تمثيل بعض المناطق، وبعض الأطراف فى الحكومة وفى رئاسة المجلس والحكومة الليبية كما هو معروف. ■ هذا يعنى أن السراج سيكون فعلًا رئيس الحكومة القادمة فى ليبيا بغض النظر عن وجود تعديلات فى أعضائها أم لا؟ - على ما أعتقد هناك استقرار على السراج، فالسراج كما أشرت يحظى بقبول كبير بين الجميع، ولم تختره الأممالمتحدة إلا بعدما استطلعت آراء جميع الأطراف الليبية، ووجدت لديها الموافقة المبدئية. ■ وماذا عن طبيعة دور مركز الجامعة العربية فى تونس؟ - مركز جامعة الدول العربية فى تونس تأسس سنة 1990، عندما عادت الأمانة العامة من تونس إلى القاهرة، والأمانة العامة كانت فى تونس بين عامى 79 و1990، أى ظلت هناك أكثر من عشر سنوات، وتأسس المركز بتونس وعهدت إليه بعض الملفات مثل ملف الهجرة المغاربية إلى أوروبا ومثل الشراكة الأورومتوسطية، وقضايا المغرب العربى وهو الآن يقوم بأنشطة عديدة تتمثل فى متابعة الأوضاع فى المغرب العربى والتعاون الثنائى ومتعدد الأطراف بين دول المغرب العربى، والآن يتابع الملف الليبى، كما يتابع ملف الأمن وملف الإرهاب فى المنطقة، ويقدم فى ذلك تقارير ويتابع الأنشطة المهمة «سياسية واجتماعية واقتصادية» التى تتم فى تونس، خاصة فى إطار العلاقات العربية والمؤتمرات العربية والخارجية التى تعقد بتونس. كما يعقد مركز جامعة الدول العربية بتونس ندوات ومؤتمرات مهمة، كان آخرها مؤتمر عقد بين 30 نوفمبر و1 ديسمبر حول نضال المغاربيين لتحرير فلسطين، وكان هذا المؤتمر برعاية رئيس الجمهورية التونسية، وبحضور ممثل رئيس دولة فلسطين الدكتور زياد أبوعمرو، وبحضور ممثل عن الأمين العام للجامعة العربية الدكتور سعيد أبوعلى، الأمين العام المساعد للشئون الفلسطينية والأراضى العربية المحتلة، وألقيت فى هذا المؤتمر 19 محاضرة تعلقت بإسهام دول المغرب العربى الخمس فى النضال من أجل تحرير فلسطين وما قبل ذلك. ■ لكن ماذا عن ملف الإرهاب وسبل مكافحته، خصوصًا أن منطقة المغرب العربى هى منطقة تماس مع دول أوروبا، وكيف تتعاملون مع هذا الملف؟ - كنا سنعقد يومى 14، 15 ديسمبر مؤتمرًا كبيرًا حول أوروبا والوطن العربى، وقضية الهجرة القسرية. وذلك فى ضوء موجة الهجرة خلال الأشهر الأخيرة بمشاركة المنظمة الدولية للهجرة. لنتناول جميع الأمور الخاصة بهذا الأمر، ومنها ما يتعلق بالإرهاب، ولكن الظروف التى تعيشها تونس هذه الأيام، بسبب حالة الطوارئ وحظر التجوال ليلاً، جعلتنا نؤجل هذا المؤتمر إلى آخر يناير المقبل أو بداية فبراير.