صلاح فضل يكتب وثيقة المشروع.. والمشيخة تعترض عليها: «لا تصلح.. مكتوبة كأنها صادرة من وزارة الثقافة» «القعيد وقلاش» يهاجمان الطيب بعد انتقاده ل«عبد الناصر».. والإمام الأكبر يوبخ «كريمة» رفضًا لاستبدال الحدود ب«القوانين الوضعية» أزمة بسبب قاسم أمين وطه حسين.. ودعوة رجائي عطية ومصطفى الفقي وجابر نصار كان الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحا فى دعوته لتجديد الخطاب الدينى، خلال كلمته بمؤتمر الاحتفال بالمولد النبوى الشريف. وجه الرئيس حديثه إلى شيخ الأزهر، الدكتور أحمد الطيب، بشكل مباشر: «سأحاججك أمام الله». التقط شيخ الأزهر الأمر من حديث الرئيس، وبدأ العمل على مشروع لتجديد الخطاب الدينى. ظهرت محاولات عديدة لتجديد وتطوير الخطاب الدينى عقب دعوة الرئيس، تنافست فيها أغلب قطاعات المؤسسة الإسلامية فى مصر، وظهر ذلك فى عقد اجتماعات وتنظيم مؤتمرات من قبل وزارة الأوقاف، اقتصرت جميعها على الخروج بتوصيات، ووضع قواعد أولية لفكرة التجديد، ولم تنتقل أى من هذه القطاعات إلى أرض الواقع والتجديد بصورة عملية. وبالرغم من أن مشيخة الأزهر لم تخرج عن السياق الذى قامت به بقية قطاعات الأزهر، إلا أنها نهجت نهجا مختلفا، عندما استعانت بعدد من المثقفين والشخصيات العامة للاستعانة برؤيتهم فى التطوير والتجديد. عقدت الجلسات الخاصة بتجديد الخطاب الدينى داخل مشيخة الأزهر وبحضور الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، الذى ترأس الجلسات الثلاث المنعقدة التى كان آخرها فى السادس من يوليو الماضي، وتمت خلالها دعوة كل من الإعلامى أحمد المسلمانى، ونقيب الصحفيين يحيى قلاش، والأديب يوسف القعيد، والإعلامى معتز الدمرداش، والكاتبة سناء البيسى، بمشاركة عدد من علماء الأزهر، على رأسهم الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، والدكتور أحمد عمر هاشم رئيس جامعة الأزهر الأسبق، والشيخ محيى الدين عفيفى الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية، والدكتور أحمد معبد عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور محمد عبد الفضيل القوصى وزير الأوقاف الأسبق، والدكتور محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء، والدكتور محمد مهنا عضو المكتب الفنى لشيخ الأزهر، كما تمت دعوة الدكتور أحمد كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر، والدكتور عبد الحى عزب رئيس جامعة الأزهر الحالي، والدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية، والدكتور إبراهيم الهدهد نائب رئيس الجامعة لشئون الطلاب، والدكتورة إلهام محمد شاهين أستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، بالإضافة إلى تواجد الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف الأسبق كمقرر للجلسات، كما عهد إلى الدكتور صلاح فضل لكتابة الوثيقة. الأزهر وجه الدعوة للدكتور جابر نصار رئيس جامعة القاهرة، والدكتور مصطفى الفقى، والمحامى رجائى عطية. كانت هناك ثلاث جلسات قد عقدت، شهدت مناقشات عديدة حول مفهوم التطوير، جاءت خلاصتها فى وثيقة مشتركها كتبها الدكتور صلاح فضل بين الأزهر والمثقفين بعنوان «منطلقات تجديد الخطاب الدينى»، وتم التصويت على اسم الوثيقة، ورفض أغلبية الحضور الاسم واعترضوا عليه. الجلسات الثلاث شهدت مشادات عنيفة بين الحضور وشيخ الأزهر، فيحيى قلاش نقيب الصحفيين، والأديب يوسف القعيد، اعترضا على اتهام الطيب للرئيس الراحل جمال عبد الناصر بافتقاده تطبيق العدالة الاجتماعية، الأمر الذى يفسر الهجوم العنيف الذى شنه القعيد على الطيب فى وسائل الإعلام عقب الجلسات. كما وجه الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، نقدا عنيفا للدكتور أحمد كريمة بلفت نظره إلى خطورة استبدال الحدود الشرعية فى التشريع الجنائى الإسلامى بعقوبات وقوانين وضعية، قائلا: «إن ذلك لا علاقة له بتجديد الخطاب ولن يعود عليه بفائدة». وواجه الدكتور كريمة هجوما آخر من قبل الدكتور صلاح فضل، بسبب توجيه كريمة إساءة شديدة إلى الراحل قاسم أمين، واتهامه بالدعوة إلى سفور المرأة وفسقها بسبب دعوته لتحرير المرأة. وهاجم فضل الأزهر، خلال الجلسة الثانية، واعترض على الإساءة التى وجهها الأزهر فى مجلته للدكتور طه حسين، قائلا: «إن التعرض لشخصية المفكر الراحل هو اعتداء على العلم والثقافة، ولا يليق بمؤسسة تدعو للتطوير والتجديد أن تفعل هذه الفعلة». وأضاف فضل: «إن كتاب «الإسلام وأصول الحكم»، الذى اتهم الأزهر، طه حسين بتحريض الشيخ على عبد الرازق لكتابته، هو مرجعية هامة، ولا يحق للأزهر توجيه هذا النقد، وعلى الأزهر أن يراجع نفسه، وإلا لن تكون لدعوة التجديد أى نتيجة على أرض الواقع». واعترض الأزهر على صياغة «وثيقة فضل»، فقد سجل الأزهر أن الصياغة لا تصلح لوثيقة من قبل الأزهر، لكنها تليق بوثيقة صادرة عن وزارة الثقافة أو وزارة الشباب، وأن أسلوبها خال من المضمون، وهى أقرب إلى التقرير الإعلامي الخالى من الدواعى والبواعث، كما سجل الأزهر اعتراضه على خلو الوثيقة من تعاريف ووسائل وآليات وأهداف التجديد. فيما اقتصرت مشاركة الدكتور عباس شومان على التعريف بالجهود التى قام بها الأزهر فى الفترة الماضية، من خلال إعادة هيكلة مناهج الأزهر، وحذف كل ما يدعو إلى التطرف والتشدد، قائلاً: «إن التجديد يتم فى حلقات مترابطة، فالأزهر هو الجهة الاسترشادية الوحيدة التى تتم الاستعانة بها فى هذا المشروع». القاضى محمد عبد السلام، مستشار شيخ الأزهر للشئون القانونية، استعرض فى مشاركته استراتيجية التجديد وآلياته المنوط تنفيذها، وقال: «إن الوثيقة لا بد أن تتضمن مفاهيم التجديد بكل صورها، وتوضح هذه المفاهيم، وطالب بوضع تصور لتفعيل الوثيقة». من جانب آخر، قالت مصادر داخل الأزهر، قالت: «إن الطيب ينوى دعوة الأديب يوسف القعيد، بالرغم من المشادات التى وقعت بينه وبين الطيب خلال الجلسات».