لاتزال قضية القروض المتعثرة وربما سوف تظل لسنوات طويلة تثير كثيراً من الجدل بين الخبراء الاقتصاديين والمصرفيين والقانونيين ورجال الأعمال علي السواء.. ويحتدم النقاش حول جوانب مختلفة لهذه القضية المهمة. ولاشك أن قضية المادة (133) من القانون رقم (88) لسنة ،2003 المتصلة بإمكانية التصالح بين المقترض المتعثر والبنك قبل صدور حكم بات في حق المقترض، تعتبر من أهم الجوانب المتصلة بقضية القروض المتعثرة. ومعروف أن كثيرين من رجال الاقتصاد والبنوك والقانون، فضلاً عن رجال الأعمال يرون ضرورة تعديل المادة المذكورة، بما يتيح إمكانية التصالح حتي بعد صدور حكم قضائي بات بحق المدين المتعثر، بينما يصل البعض الآخر إلي حد المطالبة باستبعاد الأحكام السالبة للحرية في قضايا الائتمان المصرفي، الأمر الذي يرفضه آخرون، معتبرين أن من شأن هذا الاستبعاد أن يفتح الباب أمام الفساد ونهب المال العام. وفي هذا الإطار ننشر مقال اليوم الذي يطالب بتعديل المادة (133) من القانون (88) لسنة 2003.. ونرحب بكل المساهمات ووجهات النظر التي يمكن أن تثري النقاش حول هذا الموضوع، وحول مختلف جوانب قضية الديون المتعثرة (صفحة الرأي). في عدد جريدتكم المحترمة الصادر بتاريخ 5 أكتوبر الجاري فتحتم ملف تعديل المادة 133 من القانون 88 لسنة 2003 للنقاش وأعلنتم أنكم بانتظار أي تعليقات بشأن ما نشرتموه حول اقتراح تعديل هذه المادة. وأود أن أشير إلي الملاحظات التالية والتي أعتقد أنها تثري النقاش في هذا الموضوع خصوصاً أن مجلس الشعب سوف يناقش اقتراح التعديل في بداية دور انعقاده في نوفمبر إن شاء الله وملاحظاتي هي: 1 واضح أن هناك رأيين متعارضين حول التعديل: الأغلبية من رجال الأعمال والبنوك بما فيها البنك المركزي يدافعون علي التصالح إلي ما بعد الحكم البات والأقلية الواضحة من قيادات البنوك وعلي رأسهم أحمد البردعي رئيس بنك القاهرة وبعض رجال التشريع في وزارة العدل يعترضون. 2 في جميع دول العالم وخصوصاً المتقدمة منها مشكلات الائتمان المصرفي يتم التعامل معها علي أنها قضايا تجارية وليس فيها أية عقوبات مقيدة للحرية، ولكن عقوبتها دائماً مالية ولكن في مصر صدر القانون 63 لسنة 1975 يتشدد في فرض عقوبات مقيدة للحرية علي المساس بالمال العام. ورغم صدور هذا القانون إلا أن المحاكم المصرية علي طول البلاد وعرضها أصدرت أحكاماً بالبراءة في جميع القضايا الخاصة بالائتمان المصرفي حتي عام 2000 (أكثر من 22 قضية) وقد نوهت بعض الأحكام إلي أن هذه العلاقة التجارية بين البنوك وعملائها يجب ألا تتحول إلي اتهامات جنائية. 3 يلخص المعارضون للتعديل وهم في الغالب من مسئولي وزارة العدل رأيهم اتساقاً مع رأي المستشار وزير العدل السابق والذي أعلن في مجلس الشعب في جلستين 94 في 28 مايو ،2003 100 في 9 يونيه حيث كرر نفس العبارات في الجلستين ونصها: "يتحتم يا سادة استبعاد التصالح بعد صدور الحكم البات في الدعوي الجنائية وهذا هو النهج الذي سار عليه قانون الجمارك في التعديل الأخير سنة 2000 والذي نص صراحة علي إجازة التصالح قبل أن يصدر حكم بات في الدعوي" لعدم الالتفاف علي مقتضي حجية الحكم البات مهما كانت الذرائع". الحجية وقانون الجمارك 4 ولشدة الغرابة فقد تبين أن المادة 124 أ من قانون الجمارك تبيح التصالح بعد الحكم البات أي أن السيد الوزير السابق قد ذكر غير الحقيقة لإقناع المجلس بوجهة نظره. كما ثبت للجميع أن السيد الوزير السابق شخصياً قد دافع عن أحكام قانون التجارة الخاصة بالشيك والتي تبيح التصالح حتي بعد صدور حكم بات ولم يتهمه أحد بالالتفاف علي مقتضي حجية الحكم البات. كما أن حجية الأحكام الباتة أسقطت تماماً وبمعرفة النيابة العامة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية المادة 48 وأصدرت النيابة قراراتها بإيقاف تنفيذ عقوبات صدرت بأحكام باتة. ويتفق جميع خبراء التشريع أن حجية الحكم البات ترتبط بنصوص القانون التي صدر الحكم علي أساسها ولا يمكن فرض حظر علي السلطة التشريعية في تعديل القوانين احتجاجاً بها والأمثلة السابقة غنية عن البيان. 5 إن العقوبات في مواد الجنح لها استئناف قبل الطعن بالنقض ولكن العقوبات في مواد الجنايات لا تستأنف بل يقتصر الطعن عليها أمام محكمة النقض علي تطبيق القانون في الحكم والإجراءات التي سبقته.