حذر الطبيب تشارلز كيزلر رئيس قسم طب النوم في مستشفي بريجهام آند وومن الأمريكية، من أن النظر في شاشات الحواسيب والهواتف الذكية والتلفزيون خلال فترة المساء يتسبب في نقص النوم، وهو ما يزيد من مخاطر التعرض لمشكلات صحية عدة منها البدانة والاكتئاب وأمراض القلب والسكتة الدماغية. وبحسب مقال كيزلر المنشور علي الإنترنت، فإن التعرض للضوء الكهربائي في أوقات الليل الذي يفترض أن يكون وقت النوم الطبيعي، هو السبب الأهم في حدوث نقص واضطراب النوم، بالرغم من وجود عوامل أخري أحدثها نظام الحياة المعاصرة الذي يتحرك علي مدار أربع وعشرين ساعة طوال أيام الأسبوع، مثل الاستيقاظ مبكرا للعمل والدراسة، والإفراط في تناول الكافيين، والرحلات الطويلة. ويقول: لذلك يواصل كثير من الناس قراءة البريد الإلكتروني أو أداء الواجبات أو مشاهدة التلفزيون في منتصف الليل. ويقلل التعرض للضوء الاصطناعي من راحة الجسم خلال الليل بتثبيطه نشاط الخلايا العصبية المسئولة عن النوم مع تنشيط الخلايا المسئولة عن اليقظة، بجانب إعاقة إفراز هرمون النوم المعروف باسم الميلاتونين، كما يؤثر علي الخلايا الحساسة للضوء في العين، وتؤدي هذه العوامل معاً إلي اضطراب الساعة البيولوجية أو الحيوية للجسم، والتي تضطلع بتنظيم أوقات النوم والاستيقاظ. ويري كيزلر أن التكنولوجيا تتسبب في إبعادنا عن نمط اليوم الطبيعي الذي يلائم أجسامنا، ويعتقد أن انتشار الإضاءة الاصطناعية والزيادة المستمرة في استهلاكها أدي إلي شيوع نقص النوم؛ حيث يرتبط انخفاض تكلفة توفير الإضاءة بزيادة استهلاك الفرد لها. فابتداء من مطلع الخمسينات من القرن العشرين وحتي نهايته تراجعت تكلفة إنتاج الضوء ستة مرات في المملكة المتحدة، وفي المقابل تضاعف نصيب الفرد من استهلاك الضوء بمعدل أربع مرات. وهو ما يتفق مع رأي ديرك جان ديجك مدير مركز أبحاث النوم في جامعة سري البريطانية، الذي يعتقد بتأثير التعرض للضوء الاصطناعي في فترات المساء علي تقليل الميل للنعاس؛ فأصبحت تصرفات الناس هي العامل الرئيسي في تحديد وقت النوم، بعكس الماضي حين كان دوران الأرض حول محورها، والذي يتحكم في الليل والنهار، هو المحدد الأول. وتشير بعض الدراسات إلي تراجع عدد ساعات النوم لكثير من الأشخاص في السنوات الأخيرة؛ وبحسب استطلاع نُشر العام الماضي كان متوسط ساعات نوم 30% من الموظفين، و44% من العاملين في الفترات المسائية في الولاياتالمتحدةالأمريكية أقل من ست ساعات كل ليلة، وهو ما يختلف كثيراً عن الوضع قبل خمسين عاماً؛ إذ كان نحو 3% فقط من سكان الولاياتالمتحدة ينامون قليلا، كما أفاد 5% من الموظفين البريطانيين بنومهم أقل من خمس ساعات في الليلة. وعالمياً ينام الأطفال في الوقت الحاضر خلال الأيام الدراسية أقل مما كان الوضع عليه قبل مائة عام بمعدل 1.2 ساعة، ويري كيزلر أن قلة النوم لدي الأطفال تدفعهم للاستيقاظ ولا تزيد من شعورهم بالنعاس، كما تتسبب في ضعف تركيزهم. ويرجح أن يكون نقص النوم ضمن الأسباب المؤدية لما يعرف باسم متلازمة اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط، والتي يعاني منها 19% من الفتيان الأمريكيين في المرحلة الثانوية. ويتوقع كيزلر ارتفاع عدد الأشخاص الذين يعانون من نقص النوم في المستقبل بسبب زيادة تعرضهم للضوء، الذي يستحوذ وحده علي 19% من الميزانيات المخصصة لتوليد الكهرباء حول العالم، واتجاه الكثير من الدول لإحلال المصابيح الثنائية الباعثة للضوء ليد، والتي تستخدم علي نطاقٍ واسع في كثير من شاشات التليفزيون والحواسيب والهواتف الذكية، محل المصابيح التقليدية ذات الإضاءة المتوهجة. ويري أن هذه النوعية تتسبب أكثر من غيرها في اضطرابات النوم وإعاقة عمل هيرمون الميلاتونين؛ إذ تنتج ضوءا غنيا باللونين الأزرق والأزرق المائل إلي الخضرة، والذي تستجيب له الخلايا الحساسة للضوء في العين البشرية بدرجة أقوي، ويعتقد أن من الأفضل استبدال الإضاءة المستخدمة في فترات الليل باللونين الأحمر والبرتقالي.