ظهرت تركيا علي مشهد الأحداث وقد قلبت ظهر المجن لسوريا عندما شرعت العداء طريقا بدلا من الصداقة فبعد أن سعت إلي مد جسور الصداقة تحولت إلي دور العدو الشرس الذي عكس بأدائه نزعة استئصالية أطلقتها أجندات غربية لعبت فيها تركيا رأس الحربة المسمومة التي تحركها في الأساس الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة في إطار الدور التخريبي الذي أنيط بها واندفعت لتنفيذه علي أمل استعادة أمجاد الأمبراطورية العثمانية. تلاقي طموح المشروع التركي مع أحلام الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة وظهر هذا تحديدا مرتبطا بحسم الصراع علي سوريا من خلال شبق حاد نحو اسقاط النظام أو بالأحري اسقاط الدولة عمدت تركيا أردوغان إلي التماهي مع الولاياتالمتحدةالأمريكية وتنفيذ أجندتها في المنطقة اعتمادا علي وعد أمريكي لها بأن يكون لها دور طليعي في المشرق العربي من خلال مشروع الشرق الأوسط الجديد ولهذا لم يكن غريبا أن تتحول تركيا من الصداقة مع سوريا لتصبح عدوا طامحا إلي اسقاط الدولة. جسور الصداقة بين سوريا وتركيا بدأت تنسج خيوطها مع عام 2004 وفي إطار وصلت العلاقات إلي شبه تحالف علي المستوي السياسي والاقتصادي فوقعت بعدها اتفاقية التجارة الحرة لتدخل حيز التنفيذ 2007 كما فتحت حدود الدولتين فلم يعد الدخول إلي أي منهما يحتاج إلي تأشيرة ورأينا يومها كيف باتت سوريا هي البوابة التي دلفت منها تركيا إلي الدول العربية الأخري. اليوم تبدل الحال فلقد تحولت تركيا من منصة الصداقة إلي منصة العداء الباتر الساعي إلي اشعال الطائفية البغيضة في سوريا والعمل علي توسيع دوائر المواجهة بين الدولة ومقاتلين معارضين أعدتهم تركيا في أراضيها إيواء وتدريبا وتسليحا وتمويلا ليتم بعد ذلك تسريبهم عبر الحدود ليعيثوا فسادا في سوريا يدمرون ويفجرون مقرات ومؤسسات ويصعدون الهجمات ضد نقاط استراتيجية لتكبيد الدولة خسائر فادحة امعانا في اسقاطها. الغريب أن الارهاب الذي تتم محاربته في كل أنحاء العالم بات مشروعا في سوريا يتنافس الغرب علي تصديره إليها من خلال أدواته في المنطقة وتأتي تركيا اليوم في مقدمة الدول المناط بها تنفيذ هذه المهمة ومن ثم فتحت حدودها لدخول المسلحين والمرتزقة ومنحتهم الايواء والتدريب والدعم بكل أنواعه من أجل هدف واحد ألا وهو قلب النظام السوري. وعوضا عن ذلك تعمل تركيا اليوم علي إقامة مناطق عازلة علي الشريط الحدودي شمال سوريا وتحديدا شمال "أدلب" لتصبح هذه المنطقة صوريا تحت حماية الجيش الحر بينما تكون في الأساس في عهدة الجيش التركي وهو ما يمنحها الفرصة لممارسة الضغط السياسي والإعلامي علي دمشق بحيث يتم التفاوض مع الحكومة السورية من موقع المسيطر علي مناطق محررة ولهذا تذرعت تركيا بقضية القذائف التي سقطت داخل أراضيها لتطلق عملية عسكرية هدفها تدمير المواقع المتقدمة علي الحدود الشمالية التابعة للجيش النظامي السوري وإرسال المرتزقة لاحتلال تلك المواقع للايحاء بأن الثوار قاموا بعمل بطولي. ولهذا بادرت تركيا بالرد المدفعي والصاروخي علي مواقع الجيش السوري لفتح الطريق لعشرات الارهابيين للدخول إلي تلك المواقع وإعلان سيطرتهم عليها ولاشك بأن تركيا قد غيرت مسار اللعبة الآن، فبعد أن كانت خلف الكواليس باتت اليوم متورطة علنا في ادخال الارهابيين والأسلحة إلي سوريا ولم تتورع عن اشعال التوتر أكثر وأكثر عندما أجبرت في العاشر من الشهر الحالي طائرة مدنية سورية قادمة من موسكو في طريقها إلي دمشق فأجبرتها علي الهبوط في أنقرة بذريعة أن حمولتها تضم معدات عسكرية وهي فرية لا تمت بصلة إلي الحقيقة إذ أن الطائرة كانت تقل معدات رادار مشروعة. لقد ناقض "أردوغان" نفسه وظهر التباين كبيرا بين أقواله وأفعاله ففي معرض محاولته لتبرئة ساحته من جريمة اشعال الموقف في سوريا قال مؤخرا بأنه لانية لدي بلاده للتدخل في الشئون الداخلية لسوريا وذلك لأسباب أخلاقية وحقوقية ولكنه علي أرض الواقع غرق في مستنقع العداء لسوريا إلي الحد الذي داس فيه علي معايير الأخلاق ونسف خلاله كل الحقوق...