تغني الشعب المصري كثيرا "بالقطن" وارتبطت أفراحه وانجازته بموسم جني القطن ولكن انقلب الحال ويمر الموسم بعد الأخر وتتناقص إنتاجية القطن وتتقلص المساحات المزروعة لحد مخيف حذر من استمرارها الخبراء أبدوا مخاوفهم من اختفاء القطن المصري بعد أن انحدرت المساحات المزروعة من 1،9 مليون فدان ل 300 ألف فدان في الموسم الجديد. "الأسبوعي" يفتح ملف القطن المصري، كيفية استعادته لمكانته في مصر ما بعد الثورة؟ والاجراءات المطلوبة للنهوض به والعودة إلي ما كان عليه من سمعة ومكانة عالمية بارزة؟ كانت صادرات القطن قد ارتفعت خلال الموسم الأخير من 146 مليون جنيه إلي 255 مليون جنيه كما زادت الكمية من 246 ألف قنطار متري إلي 268 ألف قنطار متري وفقا لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء وزادت الصادرات بنسبة 9% للكمية و74% للقيمة خلال الموسم الزراعي الأخير مقارنة بالموسم السابق له. وجاءت الصين أكثر الدول إستيراد للقطن المصري بنسبة قدرها 36% من اجمالي الكميات المصدرة خلال الموسم الزراعي، كما انخفض الاستهلاك المحلي من القطن المصري بنسبة 26% من القطن عالي الجودة وزادت نسبة الأقطان المستوردة بالمغازل المحلية بنسبة 8% حيث بلغ إجمالي المستهلك من الأقطان المستوردة بالمغازل المحلية خلال الموسم الأخير 257 ألف قنطار متري مقابل 238 ألف قنطار متري لنفس الفترة من الموسم السابق. يقول مجدي طلبة رئيس المجلس التصديري للملابس الجاهزة السابق إن القطن المصري يواجه كارثة وتراجعت مساحته المزروعة من مليون فدان إلي أقل من 300 ألف فدان نتيجة غياب السياسة الواضحة وعدم وجود أسلوب تسويقي محدد والتخلي عن دعم المزراع بما دفعه للعزوف عن زراعة القطن لصالح محاصيل أخري. يشير إلي أن قانون الإصلاح الزراعي أحد الأسباب في تدهور زراعة القطن نتيجة تفتت الرقعة الزراعية واتباع أساليب قديمة في الزراعة وجني وتخزين محصول القطن بما افقدته قيمته وجودته المتعارف عليها وادي ذلك لتشويه سمعة القطن المصري في الأسواق العالمية. يؤكدعلي أن تراجع صناعة الغزل وتهالك مصانع الغزل انعكس سلبيا علي القطن بعد أن تقادمت 70% من مصانع الغزل تهالكت ومعداتها ولا تقوم بغزل القطن بالشكل المطلوب ما يدفع إلي تصديره كمادة خام وعدم الاستفادة من قيمته الإضافية. كما أن المصانع اعتمدت علي الأقطان قصيرة التيلة المستوردة من الهند وباكستان وصارت المصانع تعتمد علي 95 من صناعتها علي الأقطان قصيرة التيلة. يشير إلي استنباط الولاياتالمتحدةالأمريكية لأصناف شبيهة بالقطن المصري وهو قطن "البيما" ونافست به القطن المصري وتفوقت بفضل سياستها وامكانياتها وصار القطن الأول في الأسواق العالمية. وينوه لمشكلة خطيرة وهي استخدام الصينيين والهنود للقطن المصري وخلطه بأقطان ذات مستويات جودة أدني بما أساء لسمعة القطن المصري في الأسواق العالمية والاضرار به بشكل كبير. انحدار الصناعة ويقول يحيي زنانيري رئيس جمعية منتجي الملابس الجاهزة المصرية أن تدهور القطن المصري يعود لعدة أسباب أبرزها تراجع الاستهلاك واعتماد الأسواق العالمية علي القطن طويل التيلة والتركيز علي استخدام القطن متوسط وقصير التيلة وانخفاض حجم الطلب العالمي والمحلي علي القطن المصري، علاوة علي تطوير الولاياتالمتحدةالأمريكية لأصناف جديدة من القطن وهو "البيما" لمنافسة القطن المصري. وتدهور مستوي الزراعة وسوء أساليب الجني والتخزين بما يؤثر سلبيا علي مستوي جودة القطن المصري وقدرته التنافسية في الصناعة. يشيرا إلي أن انحدار مصانع الغزل والنسيج المصرية أسهمت في زيادة تدهور أوضاع القطن المصري وكانت لمصانع الغزول المصرية سمعة عالمية ولكن تبعيتها للقطاع العام وعدم تجديدها وتحديث آلاتها وفكر إدارتها زاد "الطين بلة" في حين تطورت صناعة النسيج في جميع دول العالم والتي بدأ أكثرها بعدنا إلا أن هذه الدول تفوقنا الآن بمراحل. ويلفت زنانيري إلي أن تدهور مصانع الغزل والنسيج أدت إلي ارتفاع أسعار المنتجات المصرية وعدم قدرتها علي منافسة مثيلاتها في الأسواق العالمية وباتت المصانع القائمة حاليا لا تعتمد علي القطن المصري طويل التيلة نظرا لارتفاع أسعاره وعدم استخدامه في 95% من صناعة النسيج والملابس الجاهزة في الأسواق المحلية والعالمية وصارت المصانع المحلية تفضل استيراد قطن "الشعر" قصير التيلة من الأسواق الهندية نتيجة انخفاض أسعاره وأغلب صادراتنا من الملابس الجاهزة تقوم علي الأقطان قصيرة التيلة. ويلفت إلي أن احتياجات المصانع المصرية من الأقطان قصيرة التيلة تصل ل 400 ألف طن سنويا فيما لا تتجاوز 50 ألف طن قطن طويل التيلة. أكد علي أن تراجع الطلب علي القطن المصري محليا وخارجيا أدي لتراجع المساحات المنزرعة به وعزوف المزارعين عن زراعته ولذلك فعلينا الالتزام بالجدوي الاقتصادية لزراعة القطن ودراسة احتياجات السوق وحجمها سواء محليا أو تصديريا وزراعة نسب محدودة وفقا لهذه الدراسات حتي لا يتم ضرب أسعار القطن وتكبيد المزارعين خسائر كبيرة. أشار إلي أهمية تطوير أصناف القطن المصري وزراعة الأقطان طويلة التيلة ومتوسطة وقصيرة التيلة لتلبية احتياجات السوق المحلي والخارجي. سياسة سعرية فيما يقول د. جمال صيام مستشار مركز الدراسات الاقتصادية الزراعية إن انحدار القطن المصري نتيجة تخبط السياسات الزراعية وغياب دور الدولة وعدم مساندة المزارعين، ويشير إلي غياب السياسات القطنية والسعرية الواضحة والتي أثرت سلبيا علي المزارعين وجعلتهم في متاهة نظرا لتقلب الأسعار العالمية للقطن ضاربا المثال بارتفاع الأسعار في الموسم قبل الماضي والتي دفعت المزارعين للتوسع في زراعة القطن إلا أنهم فوجئوا بانخفاض أسعارها وتكبد المزراعون خسائر كبيرة وزادت نسبة المعروض في السوق ولم يجدوا من يشتروا القطن والحكومة التزمت في بداية الموسم بسعر 1200 جنيه للقنطار إلا أنها لم تف بوعدها وتركت المزارع فريسة لاحتكار الشركات وتقلب الأسعار بالأسواق العالمية. يلفت إلي تدهور وتراجع المساحات المنزرعة بالقطن بنسبة كبيرة خلال الموسم الجديد الذي يبدأ في شهر مارس الحالي ومن المتوقع الا تزيد المساحات المزروعة عن 100 ألف فدان متراجعة عن 500 ألف فدان الموسم الماضي. ويحذر صيام بأن استمرار تخبط السياسة الزراعية وتخلي الحكومة عن المزارعين بما يهدد بإختفاء القطن المصري من الأسواق المحلية والخارجية ويتساءل هل نقبل باختفاء القطن المصري؟ يشير إلي تدهور زراعة وصناعة القطن بشكل كبير بما دفع المصانع لاستيراد القطن قصير التيلة لأنه أرخص من القطن المصري علاوة علي تهالك وتراجع مستوي مصانع النسيج والتي لا تعرف كيفية الاستفادة من الجودة العالية للقطن المصري كما يحدث في الخارج، ولذلك فيمكن القول انه لا توجد صناعة نسيج في مصر تستوعب الإنتاج ومحصول القطن. كما أن هناك احتكارا من بعض شركات الغزول وتتحكم في المزارعين كما يحلوا لها. ويوضح أن الولاياتالمتحدةالامريكية طورت من أصنافها للقطن وخاصة قطن "البيما" والذي نافس القطن المصري بقوة وتفوق كثيرا نتيجة الاهتمام به وتعظيم الاستفادة منه ودعم الحكومة الامريكية للمزارعين علي عكس ما يحدث في مصر. ويؤكد علي أن غياب دور الدولة في مساندة المزارعين أساس العديد من المشاكل حيث سحبت الحكومة يدها من الأمر وفهمت مفهوم اقتصاد السوق بشكل خاطئ وتركت المزارع وحيدا ليتلقي العديد من الضربات الموجعة التي اثقلت كاهله وانعكس الأمر سلبيا علي القطاع الزراعي كله. يشدد علي أهمية التزام الحكومة بدورها في مساندة الزراعة الوطنية وتحديد أسعار معينة للقطن يضمن من خلالها المزارع الحد الأدني من الربحية وعلي الحكومة توقع الأسعار وتحديد النسبة المزروعة، ويشير إلي ضرورة تفعيل دور صندوق موازنة الأسعار والمنصوص عليه في القانون ولكن لا يتم العمل به بهدف مساندة المزارع في حالات تقلب الأسعار والحد من المشكلات والأخطار التي تواجهه. ويطالب بوضع خطة شاملة للنهوض بصناعة الغزل والنسيج وتعظيم الاستفادة من القطن المصري وتصديره كمنتجات نهائية وليس كمادة خام ولابد من ضخ استثمارات جديدة بالقطاع بهدف تطويره وتحديثه ومواكبة الأسواق العالمية واستعادة مكانة مصر في هذا المجال الحيوي. أمر معتمد ومن جهته يقول د.سعد علام أستاذ الاقتصاد الزراعي بمعهد التخطيط القومي إن القطن المصري يعاني كما كبيرا من المشكلات أدي لتدهوره الحالي وانخفضت المساحة المزروعة بالقطن إلي 300 ألف فدان فقط. يشير إلي أن تقليص المساحة المزروعة كان أمرا معتمدا تحولت مصر من كبري الدول المصدرة للقطن بجانب السودان وبيرو لدولة مستوردة مع خروج الأصوات المطالبة باستبدال زراعة القطن المصري طويلة التيلة بأصناف مستوردة وقصيرة التيلة وهي سياسة عشوائية تدل علي أن القائمين علي هذه السياسية لا يدركون تداعياتها الخطيرة علي القطن المصري. يضيف من المصائب الكبيرة أن مصر أصبحت دولة مستوردة للقطن وهذا أمر مستهدف للاضرار بالمصالح المصرية ويؤكد علام علي أن السياسات المحلية