* يجمع الفلسطينيون بأن اللقاء الذي عقد في القاهرة بين الرئيس محمود عباس "أبو مازن" وخالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس قد طوي بالفعل صفحة الخلافات بين حركتي فتح وحماس، ويضع اللبنات الأساسية لتحقيق المصالحة، وإعادة اللحمة الفلسطينية يأتي هذا التأكيد ليرد علي تقارير إسرائيلية وغير إسرائيلية تشكك في النتائج التي حققها اجتماع القاهرة، فالإسرائيليون يقولون إن لقاء القاهرة ونتائجه لن تكون أكثر من حبر علي ورق ولن تسفر عن نتائج ملموسة علي الأرض، بينما قالت جهات فلسطينية إن ا لاجتماع حقق فقط المصالحة بين أبو مازن وخالد مشعل، وليس المصالحة الوطنية. أيا كانت التقديرات فإن الاعترافات الضمنية من قيادات حركتي فتح وحماس تدلل علي أن اللقاء الذي جمع بين الطرفين ترك بالفعل أثراً طيباً مختلفاً عن سابقيه من اللقاءات، وأكد علي ذلك مشعل نفسه حينما عبر عن تفاؤله الكبير من نتائج اللقاء الذي جمعه مع الرئيس عباس في القاهرة، ووصف مشعل حركتي فتح وحماس بأنهما تتمتعان بروح إيجابية وجدية، هذه الروح ظهرت خلال اللقاء الذي جمعه بعباس، مؤكداً أن الحركتين جادتان في إنهاء حالة الانقسام وإتمام المصالحة. ويطغي علي اللغة الفلسطينية في الآونة الأخيرة لغة وحدوية وتلاحمية لا انقسامية أو خلافية علي الأقل في تصريحات كبار المسئولين المعنيين، وهناك تطور ملحوظ علي خطاب حماس السياسي الذي كانت تهاجمه فيما مضي وتنتقد كل تفصيلة لا تكون علي هواها، أما الآن فهي تدعو إلي الوحدة والتلاحم في شكل لافت، وينطبق نفس الأمر علي حركة فتح لإتمام المصالحة التي هي حجر الأساس الذي سيبني عليه الفلسطينيون علاقاتهم الداخلية والخارجية لاحقا وبالذات الداخلية التي تتعلق بالعلاقات الاجتماعية والعشائرية من أجل التئام الجروح التي نتجت عن المرحلة السابقة، وما خلفته من ضغائن بين الفرقاء. لكن هذا الوفاق لم يمنع من بروز ملفات شديدة الأهمية ربما تكون غير محسومة حتي الآن، فبرز موضوع تأجيل الحكومة الانتقالية علي سطح الأحداث مرة أخري، وعزا البعض هذا التأجيل للانتخابات المقبلة، ولكن هناك من يري أن سبب هذا التأجيل يرجع لنفس السبب السابق وهو رئيس الحكومة، وقد عبرت عنه حماس صراحة فيما بعد قائلة بأنها لم تحصل علي وعد من حركة فتح علي طرح بديل من رئيس حكومة تسيير الأعمال سلام فياض رغم التوافق الذي بدا بين الحركتين علي تغيير فياض وليس استبداله بآخر. ملف الحكومة مازال معضلة لا أحد يستطيع تغافل ذلك، يفرضها الواقع السياسي الفلسطيني من جهة، والواقع الدولي الذي يضغط في اتجاه استمرار فياض من جهة أخري، وخلافا لما تردد في وسائل الإعلام من احتمالات الإبقاء علي الوضع الحكومي كما هو عليه في الضفة الغربية وقطاع غزة حتي موعد الانتخابات المقررة في مايو المقبل، وعاد مسئول ملف المصالحة في حركة فتح وعضو لجنتها المركزية عزام الأحمد ليؤكد من جديد أن ذلك غير صحيح علي الاطلاق، وأن الحكومة الجديدة ستشكل في غضون شهرين من الآن! الأحمد يستند في تأكيداته هذه علي عدم إمكانية إجراء انتخابات حرة ونزيهة في ظل حكومتين، لذا فإن ملف الحكومة لابد وأن يناقش في اجتماع سيعقد في القاهرة في 18 من الشهر الحالي بين حركتي فتح وحماس، أي قبل يومين من الاجتماع الموسع الذي ستشارك فيه الفصائل الأخري التي وقعت علي اتفاق المصالحة في العاصمة المصرية. ربما تبرهن الأيام المقبلة عملياً أن الأمر ليس مجرد وعود فقط إذ إنه تم تحديد تواريخ محددة لمعالجة الملفات في مجملها، ولعل ملف رئيس الحكومة الأكثر تعقيداً في المرحلة المقبلة يثبت ذلك فإذا كانت حماس قد أعلنت رفضها القاطع لوجود سلام فياض وكتبته خطياً بعلم المصريين الراعين للحوار، فإن هذا الأمر لم يعد يشكل أزمة للرئيس عباس وحركة فتح التي لم تعد لديها إشكالية في أن يغادر فياض، وأن يتم طرح أسماء جديدة لشغل موقع رئاسة الحكومة، وهذا ما ستظهره الاجتماعات المقبلة في الأيام القادمة بين الحركتين!!