أثار موقف الجمعية العمومية من مسألة تعيين المرأة قاضية في المجلس مشاعر مختلطة من الغضب والحيرة، وأضاف الاصرار علي الموقف المزيد من الحيرة نظرا لمخالفته للنظام العام والدستور. اتخذ الموضوع منحي آخر عند مناقشته فامتد الي مراجعة موقف المجتمع المصري من المرأة، بينما صوره البعض الآخر علي أنه يعكس خلافا حول دورها في المجتمع المصري، وإمكان توليها المناصب العليا. كان رئيس مجلس الدولة المستشار محمد الحسيني قرر تجاوز قرار اتخذته الجمعية العمومية للمجلس التي رفضت الغالبية العظمي من أعضائها تعيين المرأة قاضية فيه، وقال الحسيني إنه يستند في قراره عدم الالتزام بقرار الجمعية العمومية إلي أنه لا يمكن التصويت علي أمور تخالف الدستور الذي يكفل المساواة التامة بين الرجل والمرأة، بالطبع لم يتقبل المستشارون المعترضون الأمر بل لجأوا إلي التصعيد الكلامي والاصرار علي الاعتراض لدرجة أن بعضهم أعلن عزمه علي اتخاذ إجراء قانوني لاقالته من منصبه. الأسباب التي يستند اليها الرافضون لا يدعمها الدستور أو النظام العام فهي تتعلق برؤية ذاتية وشخصية لدي المعترضين، فمن حيث المبدأ المرأة تتولي فعلا المنصب القضائي في المحكمة الدستورية العليا والنيابة الادارية، ويبلغ عدد القاضيات في مصر الآن نحو42 قاضية . من الطبيعي أن يكون في الثقافة المصرية جانب يري أن المرأة مكانها البيت وتربية الأولاد وتقديم الخدمة للزوج حين يطلبها، ولكنها ليست الثقافة السائدة علي أية حال وانما يحاول البعض فرضها علي المجتمع المصري من خلال تأكيد التعامل مع المرأة من منظور جنسي، أي معاملتها علي أنها وعاء أنثوي يثير الشهوة الجنسية متجاهلين أن ذلك ينطبق علي الرجل أيضا اذا نظرنا اليه علي أنه وعاء ذكوري والخطر الذي تمثله النظرة إلي المرأة علي أنها أنثي لا يقل عن النظرة المقابلة للرجل علي أنه مجرد ذكر في حاله استعداد للتهيج الجنسي في أي لحظة والقفز علي الاناث في الطرقات . مأساة حقيقية أن يسود في مجتمع التعامل بين الجنسين علي أساس أنهما مجرد ذكر وأنثي، ثم تتحكم النظرة الذكورية فتلقي العبء علي الأنثي باجبارها علي الاختباء أو الاختفاء حتي يتعرض الرجل للاغواء وهو الذي يزعم أنه يتمتع بالقوة والشجاعة الا علي نفسه الإمارة بالسوء . هناك فرق بين الرجل والمرأة كمصطلح، وبين الذكر والانثي كمصطلح، الرجل والمرأة يعبران عن كيان مادي تشريحي، وكيان معنوي مجتمعي لكل منهما، بينما الذكر والأنثي يعبران عن رؤية مادية بحتة تتعلق بالوظيفة البيولوجية والفسيولوجية وليست بالوظيفة الاجتماعية لكل منهما .