كشف خبراء في مجال الاقتصاد والقضاء عن الخطورة المستمرة التي يسببها الفساد لعمليات التنمية، وقالوا إن الادلة التجريبية تشير إلي الآثار السلبية للفساد علي الاستثمارات والنمو، فمع افتراض وجود مؤشر للفساد يتكون من 10 نقاط "صفر الاكثر فسادا، وعشرة الاقل فسادا" فإن الدولة التي تحسن من درجاتها علي المؤشر من 6 إلي 8 نقاط مثلا، يمكنها ان تزيد من معدل استثماراتها بمعدل 4 نقاط مئوية، بالاضافة إلي زيادة قدرها نصف نقطة مئوية في نصيب الفرد السنوي من الناتج المحلي الاجمالي.. جاء ذلك خلال انعقاد الجلسة الرابعة لمنتدي سياسات العقد الاجتماعي الجديد التابع لمجلس الوزراء الذي انتهت فعالياته مساء الثلاثاء الماضي، وكانت بعنوان: مكافحة الفساد شرط اساسي لتعزيز جهود التنمية وبناء الثقة التي تحدث فيها د. احمد درويش وزير الدولة للتنمية الادارية، وسعد هجرس الخبير الاقتصادي ومدير تحرير جريدة "العالم اليوم"، واللواء محمد فريد التهامي رئيس هيئة الرقابة الإدارية، والمستشار د. خيري الكباش رئيس محكمة استئناف الاسكندرية ود. نهي المكاوي في برنامج الاممالمتحدة الانمائي، وقام المستشار حسام أبوسيف بعرض دور وخطط الدولة ومركز العقد الاجتماعي في مواجهة الفساد، وأدار الحوار د. محمد مصطفي شردي. المتحدثون كشفوا أيضا عن أن استمرار ظاهرة الفساد داخل المجتمع المصري يؤدي إلي احجام المستثمرين عن اقامة مشروعات جديدة وكذلك إلي قطع المعونات والمساعدات للشك في تحقيق الاهداف المرجوة من التنمية. قال المتحدثون أيضا إن هناك علاقة قوية بين الدول التي تتمتع بمناخ ديمقراطي، وبين انخفاض نسبة الفساد، فمن اصل 19 دولة اقل فسادا علي مؤشر قياس الفساد الذي اجرته منظمة الشفافية الدولية، توجد 17 دولة منهم ديمقراطية متقدمة باستثناء سنغافورة وهونج كونج. محاور المواجهة اللواء محمد احمد فريد التهامي رئيس هيئة الرقابة الإدارية قال إن الجهة الرقابية التي يرأسها نجحت خلال عام 2009 في ضبط 500 قضية فساد، ونجحت في ايقاف مناقصات مشبوهة تقدر ب 950 مليون جنيه كان من الممكن أن تضيع علي المال العام. وأشار التهامي إلي أن الهيئة تتلقي شكاوي يومية من مواطنين حول قضايا فساد سواء في المحليات أو الشركات العامة أو الخاصة أو المؤسسات الحكومية، وأضاف أن هيئة الرقابة الإدارية تعتمد في مواجهة ذلك علي بعض المحاور منها: تحقيق الرقابة الوقائية والتوعية في مكافحة الفساد، والتعاون الدولي فيما يخص الجرائم الدولية التي افرزتها سياسات الانفتاح الاقتصادي وفي النهاية طالب رئيس هيئة الرقابة الإدارية من جميع فئات المجتمع وقواه السياسية والفكرية بتوحد الجهود والسعي نحو مقارنة الفساد بجميع الاشكال خاصة التوعية وفضح المخاطر المترتبة علي توغل ظاهرة الفساد والرشوة واهدار المال العام في حياتنا اليومية. الأسباب ويؤكد سعد هجرس أن مصر تشهد حالة فساد كل دقيقتين، وأن المشكلة الاساسية تكمن في القضاء علي أسباب هذا الفساد والناتج عن مشاكل تداول السلطة، والحريات والديمقراطية، وعدم وجود قانون لمحاسبة الوزراء أو تداول المعلومات. وأشار هجرس إلي خطورة هذا الملف الذي يهدد التنمية الاقتصادية، مؤكدا علي أن الارقام الرسمية تشير إلي ان اجمالي الدخل القومي العربي من 1950 وحتي 2000 بلغ 3000 مليار دولار، يقدر ما تم انفاقه علي التصليح ب 1000 مليار دولار، وعلي الصناعة والبنية التحتية وغيرها ب 1000 مليار دولار أيضا، أما ال1000 مليار دولار الباقية فقد ذهبت إلي المحاسيب في صورة رشاوي وعمولات لتسهيل العمليتين السابقتين؟ وحذر هجرس من خطورة الفساد مطالبا الجهات الرسمية بوضع ضوابط وحلول اكثر عملية لمقاومة هذا الغول الذي يواصل خنق التنمية الاقتصادية. التوعية وركز المستشار خيري الكباش كلمته في اهمية التوعية من جانب وسائل الاعلام بمخاطر الفساد والابلاغ عن أي واقعة في اسرع وقت، من اجل إيجاد ثقافة مقاومة الفساد لدي المواطنين العاديين، وطالب الكباش بمواجهة الفساد بشكل موضوعي ومؤسسي من خلال منهج واحد تقودة الحكومة والجهات الرقابية معا. أما د. نهي المكاوي التي تحدتت باسم برنامج الاممالمتحدة الانمائي فقد أكدت علي أن الفساد ظاهرة عالمية ولن تنتهي من علي وجه الارض ولكنها طالبت جميع الدول بالالتزام باتفاقية الاممالمتحدة لمكافحة الفساد التي صدرت عام 2006 والزمت جميع الجهات بالسعي بكل الطرق لمواجهة الفساد من خلال التوعية والتشريعات الرادعة والرقابة الحقيقية، وطالبت المكاوي أيضا بدور اكبر لمنظمات حقوق الانسان والمجتمع المدني ومشاركة الجهات المختصة في مقاومة الفساد. صحوة واذا كانت الورقة التي قدمها مركز العقد الاجتماعي التابع لمجلس الوزراء قد أكدت علي دور واهمية الاجهز الرقابية في مصر من اجل مواجهة الفساد وأكدت علي اولويات لتعزيز قدرتها علي المكافحة من خلال الشفافية والتنسيق بين الاختصاصات ودعم الاستقلالية وتعزيز المشاركة المجتمعية وتحسين احوال المواطنين، فإن د. احمد درويش وزير الدولة للتنمية الاقتصادية قد ركز ايضا كلمته في عدد من النقاط القصيرة، حيث اكد علي ان هناك 65 ألف قضية فساد تذهب الي النيابة الادارية كل عام ويجري حفظ 35 ألف قضية منهما مؤكدا علي اهمية تعدد الاجهزة الرقابية وقال الوزير ان وجود هذا العدد من القضايا يعني ان هناك صحوة واتجاها نحو المقاومة، وهو الامر الذي يتطلب تضافر جميع الجهود من كل قوي المجتمع، واشار الوزير الي اهمية القضاء علي الفساد من منبعه من خلال توعية المواطن وتحسين دخله والخدمات المقدمة له، وردا علي سؤال حول اتجاه الحكومة نحو بيع الشركات الرابحة ورفع اسعار الطاقة وهل هذا يندرج تحت بند الفساد قال الوزير ان هذا الملف يعتبر سياسات عامة واتجاهات اقتصادية ترتبط بالوضع الاقتصادي العالمي والمحلي وكذلك الدخل القومي ومعدلات النمو.