علي الرغم من نشاط حركة الاندماجات والاستحواذات في الأسواق العالمية خلال الفترة الماضية في محاولة لدعم أداء السوق ودمج كيانات صغيرة لايجاد أخري كبيرة تستطيع المنافسة إلا أن الأمر يكاد يكون مختفيا تماما في السوق المصرية. عدد من خبراء سوق المال أرجعوا محدودية الاندماجات والاستحواذات بالسوق المصري لانشغالها بتقسيم وتفتيت ملكية الأسهم بينما رأي البعض الآخر أن السوق في حالة من الاستقرار والترقب والحذر مما يستحيل معه إجراء اندماجات أو استحواذات جديدة في الوقت الراهن. في البداية أرجع هاني محمود نائب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بلوم مصر لتداول الأوراق المالية عمليات الاندماجات والاستحواذات التي ظهرت خلال الفترة الماضية في العديد من الأسواق المالية العالمية إلي شدة وقوة المنافسة بتلك الأسواق مما يصعب معه صمود الكيانات الصغيرة بها وبالتالي شهدت تلك الفترة اندماجات أكثر منها استحواذا. أوضح محمود أن الاستحواذات تتعلق أكثر بالشركات التي تمتلك سيولة عالية لم تقم بضخها في الأسواق قبل حدوث الأزمة. وأضاف أن المزايا التي تعود علي السوق نتيجة حدوث عمليات اندماج من زيادة الحصة السوقية والاستفادة من كوادر وامكانيات الشركتين بالإضافة لتخفيض التكاليف ومن ثم تعمل الشركة بفاعلية أكبر في ظل الاستفادة من التوسع التسويقي للطرفين. ولفت لتأثر سوق المال بعمليات الاستحواذ بصورة أكبر من الاندماجات حيث تعطي الأولي انطباعا عن اتجاهات السوق والتوقعات المتعلقة به سواء صعودا أو هبوطا مؤكدا انعكاسها علي القطاعات المختلفة بالاقتصاد والشركات العاملة به والمقيد معظمها بسوق المال وبالتالي يؤثر علي أداء الشركة والبورصة من خلال ما يحدثه من إعادة تقييم لتلك الشركات. واستبعد حدوث عمليات مماثلة بالسوق المصرية في المستقبل القريب لاستقرار الوضع إلي حد ما في العديد من الشركات وانتشار حالة من الترقب والحذر بالسوق المصرية لما سوف يحدث موضحا أن تلك العمليات تتخذ مكانا في أوقات التفاؤل الشديد أو التشاؤم الشديد وهو الأمر الغائب عن السوق المصرية في التوقيت الحالي نظرا لسيطرة نوع من الاستقرار مشيرا إلي عدم وجود سيولة كافية تؤهل الشركات لبدء عمليات استحواذات جديدة. ويشير محمد فتح الله مدير التسويق بشركة اوبتيما لأهمية اندماج الكيانات الصغيرة مع بعضها البعض لرفع قدرتها التنافسية وايجاد كيان كبيرة قوي لديه القدرة علي المنافسة موضحا أنه من المتعارف عليه ظهور عمليات استحواذات واندماجات في أوقات الأزمات أو الانهيارات بأسواق المال إلا أن الأمر مختف بصورة شبه كاملة في السوق المصرية في ظل انخفاض مستوي الوعي الاستثماري العام حيث انحصرت الاستحواذات والاندماجات في عمليات محدودة نتيجة عدم فهم العديد من المتعاملين بسوق المال لأهمية تلك العمليات واقتصار التفكير فقط علي تقسيم الأسهم وتجزئتها وتفتيت الملكية بشكل مبالغ فيه تلاشت معه عمليات الاندماجات أو الاستحواذات. أضاف فتح الله أن التأثير الايجابي لتلك العمليات علي أداء الأسواق المالية بصفة خاصة واقتصاد الدولة بصورة عامة نظرا لما تحدثه من رفع الطاقة الانتاجية وزيادة الحصة السوقية والقدرة علي التصدير مع رفع القدرة التنافسية للأسعار. طالب فتح الله المؤسسات المالية التي تمتلك حجم سيولة كافيا بالبدء في دراسة القيام باستحواذات علي شركات أخري جيدة انخفضت أسعارها نتيجة الأزمة المالية العالمية التي اجتاحت السوق العالمية وألقت بظلالها علي السوق المصرية مشددا علي ضرورة اقتناص تلك الفرص الجيدة. وصف مصطفي بدرة عضو مجلس إدارة شركة أصول لتداول الأوراق المالية المؤسسات المالية والشركات التي قامت باستحواذات أو اندماجات خلال فترة الأزمة المالية لاقتناص فرصة تراجع أسعار العديد من الشركات ذات الأداء الجيد ووصولها لمستويات مغرية بالفائز الوحيد من اضرار الأزمة بعد التعافي منها. رأي بدرة أن تلك المؤسسات ستؤثر بشكل واضح في تغير المنظومة العالمية بعد الأزمة متوقعا انطلاق منظومة مالية عالمية جديدة بعد انتهاء الأزمة مما سيوقف العديد من القرارات العالمية في مقدمتها ألا يصبح الدولار الأمريكي هو العملة العالمية الوحيدة وهو ما بدأت تظهر بوادره حاليا في ظل منافسة اليوان العملة الصينية له بالإضافة لتغيير منظومة النقد الدولي. طالب بدرة بضرورة العمل علي اقتناص ما تبقي من الفرصة الجيدة بالسوق المصرية علي أن تبدأ الحكومة بتسهيل عملية الاستثمار والقرارات المنظمة لها من ضرائب وجمارك وأخري للتشجيع علي محاذاة الأسواق العالمية في عمليات الاندماجات والاستحواذات مؤكدا تأثيرها الايجابي علي الاقتصاد ككل.