أخيرا.. قرر مجلس الوزراء الذي يترأسه الدكتور أحمد نظيف أن يدرس موضوع نقل العاصمة المصرية "القاهرة" إلي مكان آخر..!! قلنا هذا الكلام مائة مرة.. ولم يسمع احد ولا أن يقرأ احد ما نكتبه او نقترحه.. المهم بهذه المناسبة نعيد نشر اخر مقال عن نقل العاصمة الذي نشر في هذه الزاوية يوم 4 / 9 / 2006 وكل عام وانتم بخير. عزيزي القارئ عنوان المقال صحيح ولا يوجد به خطأ مطبعي كما يبدو لك!!.. وقريبا سوف تتغير صفة القاهرة التي نعرفها منذ زمن طويل من قاهرة المعز إلي قاهرة المذل.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!!. السبب أن سكان القاهرة يعيشون تحت الاذلال وهذا الاذلال هو شكل من اشكال "الاحتلال" اصبحنا محاصرين بكل انواع المشكلات ولم تنج أي حكومة من الحكومات المتعاقبة أن تحل أي مشكلة من مشاكلها..! وأنا لا اعلم حتي يومنا هذا أن هناك أي محاولة مجرد محاولة في نقل العاصمة من مكانها الحالي والبحث عن مكان آخر وبناء عاصمة جديدة لمصر..! لقد قمت في الستينيات بنشر حوار مع عدد من كبار المثقفين والمسئولين في مصر، تم نشره في مجلة الاهرام الاقتصادي وأجمع كل من شارك في الحوار علي ان حل مشكلة القاهرة هو نقل العاصمة إلي مكان بعيد عنها وبناء عاصمة جديدة.. وقد قيل ايضا ان هذه الخطوة ستساعد وتسهم اذا ما تم الاعلان عنها في تخفيض أسعار الاراضي بالقاهرة لأنه سيكون لمصر عاصمة جديدة علي شاكلة عاصمة البرازيل وهي "برازيليا" وعاصمة الهند "نيودلهي" وعاصمة نيجيريا "ابوجا" وهكذا. تذكرت هذا الحوار القديم الذي مر عليه اكثر من اربعين عاما بعد ان نشرت إحدي الصحف القومية خبرا صغيرا وفي مكان غير بارز في إحدي صفحاتها الداخلية يقول الخبر: إن هناك اقتراحا بنقل العاصمة إلي مكان آخر مثل السادات أو أي مدينة اخري غير القاهرة وأن انقاذ الموقف الحالي لن يكون عمليا إلا بتنفيذ هذا الاقتراح! طيب بعد ايه؟! لقد تم صرف المليارات علي بناء الكباري العلوية والانفاق والطرق والصرف الصحي.. وماذا كانت النتيجة؟! لاشيء! والكلام عن العشوائيات التي تحيط بالقاهرة من كل الجهات فحدث ولا حرج..! أما الانفلات الامني وفوضي المرور والاعداء المتربصين بنا واقصد بهم سائقي المبكروباص كل هؤلاء بالاضافة إلي السكان الذين بلغ عددهم حوالي 17 مليونا من البشر وكل ذلك يعني أن الكثافة السكانية مع العدد المهول للسيارات الخاصة والعامة هي سبب التلوث البيئي والسمعي والصحي الذي يعاني منه سكان القاهرة وقال أحد الظرفاء إن الافراج عن سجين باب الحديد "رمسيس الثاني" كان افراجا صحيا بعد أن اوصي بذلك القومسيون الطبي لمصلحة السجون ولم يكن قرارا لوزير الثقافة ولا للدكتور زاهي حواس..!! يقول تقرير رسمي يجلب لنا الحزن الشديد صادر عن الجهاز المركزي للمحاسبات ان البنية الاساسية في القاهرة انهارت تماما وأن 50% من مياه الشرب غير مطابقة للمواصفات وسكان القاهرة والجيزة والقليوبية وهي ما تسمي بالقاهرة الكبري يشربون مياها ملوثة بالحديد والبكتريا وهناك 158حالة كسر مواسير في المناطق الشعبية وبلغت مثلا في احد الشهور 419 حالة وأن 459 مترا مكعبا من مياه الصرف الصحي يشربها سكان المناطق العشوائية في القاهرة الكبري يوميا.. أما هيئة المعونة الامريكية فقد اعلنت ان 80% من مياه الشرب في مصر تضيع بسبب سوء الصيانة وانفجار المواسير العمومية. وجاء تقرير اذاعته وزارة الصحة المصرية ليضيف مأساة إلي مآسينا الكثيرة فقد اعلنت اخيرا أن عدد المرضي بالامراض النفسية بلغ الملايين لا مكان لهم في مستشفي الامراض العقلية في القاهرة وصاروا يتجولون احرارا في شوارع القاهرة واصبحوا يمثلون خطرا كبيرا علي الناس وانا اتوقع ان يتحول معظم سكان القاهرة إلي مرضي نفسيين.. والعياذ بالله..! والفوضي المرورية في القاهرة تكاد تكون العنوان الرئيسي للموضوعات الصحفية التي يكتبها المراسلون الاجانب عن العاصمة وقد كتب احد المراسلين تقريرا بثته إحدي القنوات التليفزيونية يتحدث فيه عمارآه في واحد من الشوراع الرئيسية في القاهرة وقال إن بها عربات تجرها الحمير وتحمل الخضراوات والفاكهة لبيعها لسكان ذلك الشارع وإلي جانب هذه العربات تجد عربات اخري تنقل الزبالة وتجرها الحمير ايضا، كل ذلك تراه يسير جنبا إلي جنب مع أحدث انواع السيارات غالية الثمن!! وكان تعليقه الظريف علي منظر الرجل الذي يقود دراجته حاملا علي رأسه كمية لا تقل عن 500 رغيف عيش ممسكا بذراع واحدة الدراجة والذراع الاخري ممسك بسبت العيش خوفا من سقوطه علي الارض ويسير متلويا بين السيارات وظن المراسل في البداية ان الرجل يعمل في سيرك شعبي يتفرج عليه الناس مجانا!. الامر يبدو لي بأن من يرضي بهذا الهوان ناس تتلذذ بأن تعيش في الهوان! وقد تكون الحكومة تعاني ايضا من هذا الهوان لأنها جزء منا ولكننا نعتقد انها لم تتصرف بجدية في عدم تفكيرها في مجرد اقتراح نقل العاصمة إلي مكان آخر وكان العاصمة اذا نقلت من مكانها فستكون في ارض دولة اخري غير جمهورية مصر العربية إنني انادي بوقف نزيف الانفاق علي القاهرة.. لأن الامور لن تتحسن حتي لو تم انفاق آلاف المليارات عليها والقاهرة ستعيش بنفس البلاوي ولا أمل فيها أو جعلها عاصمة تليق بدولة يبلغ عدد سكانها حوالي 75 مليون نسمة. ارحمونا.. وفكروا.. واذا عجزتم، فلا بأس من الاستعانة بالخبرة الاجنبية.. وهو ليس عيبا وانكم تفعلون ذلك الآن في أندية الكرة وفي المصانع المصرية وفي تحديث الصناعة المصرية وفي إدارة المطارات.. يعني جت علي موضوع القاهرة ويبقي حرام..؟! وانني أوكد لكم لو أن الحكومة أي حكومة اتخذت القرار الجريء بنقل العاصمة فستكون اعظم حكومة حكمت البلاد.. وانسوا حكاية قاهرة المعز، فقد صارت قاهرة المذل ولو كان المعزالدين الله الفاطمي يعرف ما سوف يحدث للقاهرة التي بناها لتبرأ منها ومن اسمها الذي تغير بالفعل ولم يعد فيها اكثر من عشرة شوارع علي الاكثر نظيفة ويقال إنها العاصمة..!