رغم الأهمية الكبيرة التي توليها الدول المتقدمة للأبحاث والاستثمارات في المجالات المختلفة للتكنولوجيا البيولوجية والجينوم، إلا أن مصر قصرت اهتمامها علي قطاع الزراعة فقط، وتظهر المفارقة في تجاهل القطاع الصحي بالكامل لدرجة أن مركز نمرو التابع للبحرية الأمريكية هو المركز الوحيد المتخصص في كل مصر في مثل هذه البحوث. دعا الخبراء الذين التقت بهم "الأسبوعي" إلي توجيه اهتمام أكبر لهذا المجال وتوفير الميزانيات الخاصة به، وأكدوا أن العائد منها مجز علي المدي البعيد سواء في مستويات الصحة أو في الجدوي الاقتصادية. ويركز تقرير منظمة الصحة العالمية (الجينوم والصحة في العالم) علي الدور الايجابي الذي تلعبه التكنولوجيا البيولوجية في تطوير الرعاية الصحية في الدول النامية، وأوضح أن دراسة وظائف الجينات في الميكروبات أو النباتات أو لدي الإنسان، تعتبر الأساس ليس فقط في تشخيص الأمراض والوقاية منها ومكافحتها، وإنما أيضا في ابتكار أدوية ولقاحات جديدة ضد هذه الأمراض ولفت في هذا الإطار إلي قدرة التكنولوجيا علي مكافحة الأوبئة الجديدة من خلال التعرف المبكر عليها وهو ما أدي علي سبيل المثال إلي وقف وباء سارس في عام 2003. وتوجه الدول الصناعية الكبري 90% من أبحاثها الصحية لخدمة شعوبها التي تمثل 10% من سكان العالم فقط، أما البلدان النامية التي تضم 85% من سكان العالم فينتشر بها 92% من الأمراض في العالم، ويمكن أن نشير هنا إلي أن الولاياتالمتحدةالأمريكية انفقت خلال عام 1999 ما يقارب عشرة مليارات دولار كدعم للأبحاث التقنية الحيوية التي أسهمت في توظيف أكثر من 135 ألف شخص، كما قام معهد الطب الجينومي في المكسيك بتوصيف التفاوت الوراثي بين المكسيكيين لتحديد مدي استجابة الأفراد للعلاج وتقليل استيراد الدواء. ويوضح هنا الدكتور مصطفي العوضي رئيس شعبة الهندسة الوراثية بالمركز القومي للبحوث أن حفظ الفيروسات التي تصيب المصريين والقيام بدراستها وابتكار مضادات لها يحتاج إلي مركز له تجهيزات خاصة، وثلاجات "لا ينقطع عنها التيار الكهربائي" بصورة متكررة كما يحدث في المركز القومي للبحوث كما يحتاج إلي لجنة للبحوث البيولوجية (BIOETHICS). ويوضح أنه يمكن الاستفادة من تلك الأبحاث في دراسة العوامل الوراثية في الأمراض الشائعة، وفي قضايا البنوة واثبات النسب، والأدلة الجنائية الخاصة بالجنايات بتكلفة أقل ووقت أسرع، ودقة متناهية تصل نسبتها إلي (99،9%) بالمقارنة بالتحاليل التي كانت تستخدم البصمة الوراثية الأجنبية، كما يمكن الاستفادة منها في وضع بصمة وراثية لكل مواطن في الرقم القومي الخاص به والتي بدأ العمل في تطبيقها في بعض الولاياتالأمريكية والدول الأوروبية. ويتمني الدكتور أحمد بعد أن يقوم بتسجيل براءة الاختراع ويتم نشر البحث في المجالات العلمية في الخارج، إن يعمم استخدام الشفرة المصرية في جميع معامل التحاليل، كما يمكن تصنيع الكيماويات التي تستخدم في مثل هذه التحاليل بدلا من استيرادها من الخارج. الأبحاث والتمويل ويؤكد الدكتور عزالدين الدنشاري أستاذ علم الأدوية والسموم بكلية الصيدلة جامعة القاهرة أن استخدام تكنولوجيا البيوتكنولوجي في صناعة الدواء مفيد جدا، ويوضح أنه قبل اكتشافها لم نستطع تحضير الانسولين البشري الذي حل محل الانسولين المستخرج من أصل حيواني مثل الخنزير الذي كان يرفض العديد من مرضي السكر تناوله لأسباب دينية، كما يرفض النباتيون الانسولين البقري، ولو قمنا بإجراء دراسة جدوي اقتصادية لوجدنا أن استخدام البيوتكنولوجي في المستقبل القريب ولو لعلاج مشكلة صحية واحدة فقط من المشاكل العديدة التي يعاني منها المصريون سوف يسهم في توفير مليارات الجنيهات التي يتم انفاقها في استيراد الأدوية من الخارج مشيرا إلي أن شركات الدواء العالمية لا تهتم سوي بأرباحها فقط.