أكدت مصادر مطلعة وعدد كبير من رؤساء مجالس إدارات شركات الوساطة في الأوراق المالية بالسوق المصري أن آثار الأزمة المالية وركود الأسواق المتوقع بدأت تظهر بوادره بالفعل علي شركات الوساطة في مصر حيث أعلن عدد كبير من شركات الأوراق المالية في الصحف أنها تبحث عن شريك استراتيجي لشراء حصص بها فيما أعلنت بعض الشركات الأخري عن تخفيض رواتب العاملين بنسب وصلت إلي 30% وفئة أخري أعلنت عن اغلاق بعض الفروع التابعة لها وقلصت من عددها وفئة رابعة أعلنت الاستغناء عن بعض العمالة لديها فيما ألغت أخري الحوافز عن عام 2008. وأجمع خبراء ومراقبون علي أن شركات الوساطة في الأوراق المالية العاملة في البورصة المصرية ستواجه عدة سيناريوهات جميعها صعب ومستقبلا غامضا خلال العام الجاري 2009 لاسيما وسط توقعات بهبوط حاد في أحجام التداول بسوق الأسهم المصرية من متوسط يومي كان يتجاوز 2.5 مليارجنيه خلال النصف الأول من عام 2007 وحتي منتصف عام 2008 إلي متوسط لا يتجاوز نحو 400 إلي 600 مليون جنيه يوميا بعد اشتداد حدة الأزمة المالية العالمية وتأثر أسواق العالم بها. ورحب رؤساء شركات الوساطة في الأوراق المالية بالسوق المصري بمساعي إدارة البورصة وجهود شعبة الأوراق المالية من أجل تخفيض التكاليف علي شركات الوساطة في الأوراق المالية لاسيما بعد اشتداد حدة الأزمة المالية التي تبعها تراجع كبير في قيم واحجام التداول اليومي بالبورصة وهو ما أدي إلي تكبد شركات الوساطة خسائر كبيرة جعل بعضها عرضة للافلاس وطالب رؤساء شركات الوساطة بضرورة التدخل الفوري لبحث هذه المشكلة الكبيرة خاصة في ظل تراجع النشاط علي نحو ملحوظ خلال الاشهر الماضية. وكانت شركة الوساطة قد اتجهت مثلها مثل كبري الشركات العالمية إلي تسريح العمالة وتخفيض الأجور من أجل التقليل من الآثار السلبية الناجمة عن تراجع نشاط البورصة بسبب اشتداد حدة الأزمة المالية العالمية وأشار رؤساء شركات السمسرة إلي أن تكاليف ونفقات الشركات مازالت مرتفعة مؤكدين أنهم كانوا يتحملون الوضع خاصة في وقت نشاط السوق ووقت أن كانت قيمة وأحجام التداول تتجاوز حاجز 2 مليار جنيه يوميا بينما لا يتجاوزحجم التداول اليومي حاليا حاجز 500 مليون جنيه وهو ما أثر بشدة علي نفقات الشركات والتزاماتها تجاه المستثمرين والذين هم في الأصل "عملاؤها". يقول محمد عبد العزيز رئيس مجلس إدارة شركة ميراكل لتداول الأوراق المالية إن هذا الاتجاه يكاد يكون جيداً للغاية.. مشيرا إلي أن قيام البورصة وشعبة الأوراق المالية بدراسة أوضاع الشركات والإحساس بالمعاناة التي تتعرض لها شركات الوساطة حاليا جراء الأزمة المالية العالمية وما تسببت فيه من تدهور سوق الأوراق المالية ليس في مصر فقط وإنما في جميع أسواق المال العالمية وأكبرها وأقواها علي الاطلاق.. وأكد أن تخفيض تكاليف شركات الوساطة إنما هو أمر إيجابي وخطوة مهمة للغاية من شأنها التقليل من الآثار السلبية للأزمة في الوقت الحالي والذي هو في حاجة إلي تكاتف الجميع والتنسيق فيما بين القائمين علي سوق المال المصري. وأضاف أن الأعباء المالية علي شركات الوساطة زادت بشكل كبير ولم نشعر بها في السابق لأن البورصة كانت في نشاط كبير إلا أنه ومع تراجع قيم واحجام التداول حاليا بشكل لافت للنظر كان لابد من تضافر الجهود من قبل القائمين علي السوق. وأضاف: هناك إيجارات وتكاليف ونفقات شهرية لم تنخفض ومن ثم لم يعد تسريح العمالة هو الحل الوحيد في هذه الأيام خاصة وأن هناك اعتبارات اجتماعية لابد من وضعها في الاعتبار. وتقول صافي عبد الرحمن المدير التنفيذي بشركة المجموعة الاستراتيجية لتداول الأوراق المالية: إن اتجاه البورصة وشعبة الأوراق المالية نحو تخفيض تكاليف شركات الوساطة أمر محمود وجاء ليساند شركات الوساطة والوقوف بجوارهم في أوقات الأزمات وهو دليل علي أن هناك عزما قويا علي حماية السوق وإنقاذه من أية انهيارات قد تؤثر بالسلب علي السوق وعلي المتعاملين به. وأشارت إلي أن هناك عددا كبيرا من شركات الوساطة الصغيرة في السوق المصري وهي أكثر الشركات تأثرا بتراجع البورصة خاصة وأن عملاء هذه الشركات محدود للغاية ومن ثم اصبحت هذه الشركات عرضة للإفلاس.. وأضافت أنه في أوقات رواج البورصة كانت الأمور تكاد تتصف بالتوازن والاستقرار إلي حد ما لأن الشركات كانت تغطي تكاليفها في أوقات النشاط والرواج ولكن في هذه الأثناء بات الوضع يشكل خطورة كبيرة علي مستقبل هذه الشركات.. وأشارت إلي أن هذا الاتجاه جيد ومن ثم اصبح الأمر في حاجة إلي تضافر الجهود من قبل المسئولين والقائمين علي سوق الأوراق المالية. ومن جانبه أكد محمود شعبان رئيس مجلس إدارة شركة الجذور لتداول الأوراق المالية أن الأزمة المالية العالمية عصفت بجميع الأسواق الناشئة المتقدمة ومن ثم تراجعت الإيرادات والأرباح علي نحو كبير خلال الأشهر القليلة الماضية.. مشيرا إلي أن هناك التزامات مالية لشركات الوساطة تجاه أطراف عديدة ومن ثم ومع تراجع قيم واحجام التداول بالبورصة واشتداد حدة الأزمة المالية كان لابد من النظر من جديد إلي هذه المصروفات والعمل علي تخفيضها بعض الشيء علي الأقل لحين عودة النشاط مرة أخري.. وأشار إلي أن بعض من شركات الوساطة رأت أن هناك حلولا مثل تقليص العمالة وخفض المرتبات وتخفيض نسبة العمولة لجذب شرائح جديدة من المستثمرين إلا انها أمورا لم تجد في مثل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها السوق.. وأكد أن اتجاه البورصة وشعبة الأوراق المالية نحو النظر في هذا الأمر إنما هو شيء إيجابي للغاية وينبع من حرصهم علي الحفاظ علي السوق.. وأضاف أن الوقت الحالي في حاجة حقيقية إلي تضافر جميع الجهود داعيا إلي ضرورة التنسيق فيما بين القائمين علي سوق الأوراق المالية بهدف محاصرة الأزمة المالية والتقليل من آثارها السلبية علي السوق وعلي المتعاملين به. وأضاف أن شركات الوساطة الصغيرة الموجودة بالسوق حاليا يكاد يكون الأمر في غاية الصعوبة بالنسبة لهم وكان لابد من الحفاظ علي أدائها وبالتالي فإن تخفيض التكاليف علي شركات السمسرة إنما هو أمر جيد للغاية.