هل تمثل نقابة الصحفيين جموع الصحفيين في مصر أم أنها تتخذ من المواقف والقرارات ما يتسم وأفكار وتوجهات بعض أعضاء مجلس النقابة دون الالتفات أو الاهتمام بالغالبية العظمي من أعضاء النقابة. إن النقابة في السنوات الأخيرة قد تحولت بشكل غير معلن إلي حزب سياسي له مواقفه الخاصة وبدأت في استضافة فعاليات واجتماعات وندوات لا علاقة لها بالعمل النقابي ولا بأهداف النقابة. ومؤخرا شهدت سلالم نقابة الصحفيين وقفة احتجاجية بالأحذية تضامنا مع الصحفي العراقي منتظر الزبيدي الذي اعتقل الأحد قبل الماضي علي خلفية ضربه الرئيس جورج بوش بالحذاء في المؤتمر الصحفي في بغداد. والوقفة دعت إليها لجنة الحريات بنقابة الصحفيين وحضرها ممثلون لحركة "كفاية" وحركة "9 مارس" وشباب 6 أبريل وبعض أفراد الجالية العراقية بالقاهرة ورفعوا خلالها مجسما لحذاء كما رددوا هتافات حول الحذاء ودوره في صناعة النصر المنتظر..! وحقيقة لا ندري ما الذي يمكن أن نجنيه من وراء هذه الحركات التمثيلية التي لا قيمة لها والتي تحاول استغلال أي أزمة وأي قضية للوقوف علي سلالم النقابة وكيل الاتهامات للجميع والهجوم علي الجميع.. فنحن جميعا وجهنا أقسي وأغلظ الانتقادات لإدارة الرئيس جورج بوش التي ربما كانت الأسوأ في تاريخ الإدارات الأمريكية، وقلنا إننا في انتظار يوم 20 يناير القادم الذي سيشهد نهاية السنوات الثمانية العجاف للرئيس الذي أدي إلي خراب العالم كله وليس الولاياتالمتحدةالأمريكية فقط.. وكلنا وقفنا ضد الغزو والاحتلال الأمريكي للعراق وهو الاحتلال الذي دمر الشرعية الدولية وتجاوز كل الأعراف والقوانين وقضي علي المسيرة الحضارية لشعب العراق وأعاده إلي الوراء أعواما طويلة. ونحن في كل انقاداتنا وهجومنا علي السياسة الأمريكية ننطلق في ذلك من لغة الصحافة، وهي لغة المنطق والحوار التي لم تكن أبدا مستندة إلي العنف والأحذية وما شابه ذلك من أعمال صبيانية تدخل في إطار المراهقة والظهور الإعلامي. فإذا كان الزبيدي قد وجه ضربة حذاء طائشة إلي بوش فإنهم قد داسوا علينا بالأحذية يوم أن احتلوا العراق وأعدموا رئيسه وشردوا أهله ولكنهم برروا ذلك بسعيهم إلي دمقرطة العراق وإلي تحريره والتخلص من الطاغية الديكتاتور.. وكان لأحذيتهم هدف وغاية، أما حذاء الزبيدي فلم يكن له نتيجة أو هدف إلا أن يسحلوا صاحبه ويضربو حتي يبكي ثم يرسل برسالة إلي رئيس وزراء العراق يبدي فيها ندمه واعتذاره.! وموقف مظاهرة السلالم أو الوقفة الاحتجاجية علي سلالم النقابة أشبه بالبيانات التي صدرت عقب واقعة الحذاء من العديد من المنظمات والجمعيات السياسية والثقافية العربية التي وجهت تحذيراتها الشديدة ضد أي عمل يمس سلامة الصحفي العراقي ولم تقل لنا هذه الجمعيات ما الذي يمكن أن تفعله لو أنهم قتلوه أو سجنوه أو حتي قاموا بقطع لسانه وما فائدة هذه التحذيرات وما قيمتها..! لقد وجهت نفس هذه الجمعيات والهيئات تحذيرات من قبل للأمريكان مطالبين بعدم إعدام الرئيس العراقي السابق صدام حسين، ومع ذلك أعدم الأمريكان أو حكومة العراق الحليفة صدام حسين ولم نر أي فائدة لهذه التحذيرات ولم نر موقفا من أي نوع من هذه الهيئات والجمعيات والمنظمات التي اكتفت فقط كما هي عادة العرب بالشجب والتنديد..! إن الاحتفال المبالغ فيه لدي البعض بحذاء الزبيدي يعكس حالة من الخواء لدي العقل العربي الذي أصبح كالغريق الذي يبحث عن قشة يتعلق بها بعد أن فقد كل أدوات النجاة. فنحن في هذا العمل علي أنه تعبير عن حالة من اليأس والشعور بالألم لضياع بلد بأكمله ولكننا ضد أن يخرج خارج هذا الإطار لتصويره علي أنه بطولة أو ضربة موجعة للكرامة الأمريكية، فالرجل الذي تلقي ضربة الحذاء علي وشك الرحيل، وهناك إدارة جديدة كلها تقريبا من الصقور الذين لا يتعاطفون كثيرا مع القضايا العربية وعلينا أن نبدأ معهم حوارا عقلانيا جادا وبناء بدلا من لغة الاستعداء والحوار بالأحذية فلا هذا من أساليب الحوار ولا هذا ما يجب أن يكون أسلوب العرب ولا طريقتهم.. وعذرا.. "سلالم" نقابة الصحفيين فيبدو أنها في حاجة "لتدعيم" وإصلاح..! [email protected]