هاجت الدنيا وانقلبت منذ تفجير برجي التجارة العالمية في نيويورك منذ سنوات. وصار يوم 11 سبتمبر هو تذكار حزين في الولاياتالمتحدة، ولكن كان له فائدة أساسية وقوية وواضحة، وهو إحساس الامريكيين أنهم ليسوا بمنأي عن الخطر داخل حدود بلادهم كما كانوا يتوهمون من قبل. وعلي الرغم من ان أحدا في الكون المعاصر لم يرد علي الأخبار التي تسربت عن إلغاء زيارة لشارون كان من المفترض ان تتم في نفس اليوم إلي نيويورك، فضلا عن قيام كل اليهود العاملين بكل من مبنيي برجي التجارة، وفوق ذلك عملية القبض علي عدد من الإسرائيليين كانوا بالقرب من موقع البرجين، وتم ترحيلهم إلي اسرائيل في نفس اليوم. ولكن الولاياتالمتحدة بقيادة الحزب الجمهوري وسلطان المحافظين بالجدد قرر توجيه الدفة إلي مصدر الثروة في هذا الكون، وكان البترول، وبالتحديد فأهل الجغرافيا الاقتصادية يعلمون ان البترول له أنابيب محتملة بين الجمهوريات الإسلامية التي كانت ضمن نسيج الاتحاد السوفييتي، ويمكن ان تسهم أفغانستان في تسهيل تركيبها، وعلي الرغم من الفقر المدقع بأفغانستان، فقد اسرعت الولاياتالمتحدة في إلقاء صواريخ بملايين الدولارات فوق بلد يجد أهله الطعام بصعوبة، أوبزراعة المخدرات. وتم استخدام خطايا طالبان النابعة من الجهل بالاسلام، فتم ابراز تدمير تمثال بوذا كعمل ضد البشرية كلها. وتم للولايات المتحدة ما أرادت بإسقاط سلطة طالبان القائمة علي خداع ينم عن جهل أغلب المنضمين إليها، الذين آمنوا ان الملا محمد زعيم طالبان تلقي الإلهام عن رسول الله صلي الله عليه وسلم، واحتفظ بعباءة للنبي الكريم، وصارت تلك العباءة رمزا لبناء اول إمارة إسلامية في العصر الحديث، فالأمر المؤكد ان الإسلام بريء من هذا الغباء المتأصل في تفكير جماعة طالبان، مثل الغباء المتأصل في فكر بن لادن وجماعته، وان كلتا الجماعتين هما من صناعة المخابرات المركزية الامريكية، والهدف ليس وجود شوكة في ظهر روسيا فقط، ولكن يتعدي الهدف ذلك بمحاولة الاقتراب من بترول بحر قزوين ومناطق الجمهوريات التي استقلت بتفكك الاتحاد السوفييتي. ومن بعد ذلك اعلنت الولاياتالمتحدة بخدع تشبه بيع الخرز اللامع للهنود الحمر، ووجدت في بعض أعوانها من يصدق أكاذيبها، فبدأت حرب العراق، وهي الحرب التي نالت من سمعة امريكا فوق تصور الولاياتالمتحدة نفسها، فعلي قدر ما تحمل ذاكرة الكرة الارضية من مآس صنعتها المخابرات الامريكية سواء في امريكا الجنوبية، أو فيتنام، إلا ان الأهوال التي عصفت بكل صورة طيبة عن الولاياتالمتحدة هي الأهوال التي قامت بها القوات الأمريكية في العراق. ولا أظن ان التاريخ سينسي تلك المخازي والمجازر التي أشعلت بها الولاياتالمتحدة منطقة الشرق الاوسط. ولا أظن ان صورة الولاياتالمتحدة سوف تتغير عند الانسان في المنطقة العربية، لأن اسرائيل تتولي مهمة تقوية الكراهية في القلوب العربية، واسرائيل في الوجدان العربي المعاصر تحتل مكانة مركز العدوان الامريكي المتجدد علي الكرامة العربية، وهي تمعن في إذلال العرب سواء الفلسطينيين أو غيرهم. ويبدو انه لا مفر من مجابهة عربية امريكية، أما متي تحدث، فعلم ذلك عند الإرادة العربية عندما تقرر الرد علي الإهانات سواء تلك القادمة من اسرائيل أو من واشنطن.