كنت أعد برنامج نجمك المفضل للمتألقة ليلي رستم في الستينيات ولا أعرف إن كانت حلقاته الغالية النادرة بخير أم أصابها التلف المهم في منتصف أكتوبر عام 64 جاءتني فجأة ضربة موجعة من النظام الشمولي أطاحت بي من الصحافة والتليفزيون واضطر الدكتور عبدالقادر حاتم أن يعرض أعداد البرنامج علي ثلاثة كتاب هم الأساتذة أنيس منصور وأحمد رجب وسعد الدين توفيق (رئيس تحرير مجلة الكواكب) ذات يوم واعتذر رجب وتوفيق فقام أنيس منصور بإعداد البرنامج وكان من أهم ما قدمته الشاشة المصرية حوار مع المفكر الكاتب عباس محمود العقاد وحوار العمالقة وقد أدارته ليلي رستم، وقد أذاعته القناة الثقافية في التليفزيون المصري منذ أيام البرنامج كان من إعداد أنيس منصور وكان ندوة فريدة يتصدرها العميد (عميد الأدب العربي) د. طه حسين وضمت يوسف السباعي وعبدالرحمن صدقي وعبدالرحمن بدوي ونجيب محفوظ ومحمود أمين العالم وثروت أباظة وأمين يوسف غراب وعبدالرحمن الشرقاوي وأنيس منصور. كان كل واحد من هذه الأسماء يلقي بسؤاله علي العميد وهو جالس يرد بصوته المميز ونبرته المعروفة وكلها ثقة وأحكام لا تقبل الجدل لاحظت تجسد معني الأستاذية فالكل معترف باستاذية طه حسين ولا أحد يتطاول بكلمة أو بإيماءه ذات دلالة بل احترام ما بعده احترام يتخلله بعض الدعابات لكني لم الحظ أن أحدا يريد أن يسبق زميله، فلم يكن هناك ظاهرة (خصام الجيل الواحد) بل كانوا في حالة انسجام وكل منهم يحمل للآخر تقديرا ملموسا ولم يكن يدخن أحد سوي عبدالرحمن الشرقاوي. ولعل هذا البرنامج (وثيقة) أدبية غالية يعرض من حين لآخر وعندما كنت أقدم برامجي بنفسي، حاورت إحسان عبدالقدوس ويوسف إدريس وأحمد زويل ومحمد البرادعي ومفيده عبدالرحمن وهي (وثائق غالية) لمصر أحاول الآن أن أري شيئا ولو بسيطا يذكرنا بهذا الزمن أدباء يجتمعون مع (عميد) للأدب، فلا أجد. أحاول أن استقطب شخصيات أدبية فأجدهم في صراعات وربما خلافات وربما فرضوا علي انفسهم الظل! ولو كنت أكتب للعميد طه حسين رسالة، لقلت: عفوا سيادة العميد كان زمانكم مختلفا كان الكتاب فيه سيدا وكان للكلمة قدرها، وكان الحرف مكرما الآن زحفت التكنولوجيا بصخبها والعولمة بأدواتها وانزوي الكتاب إلا قليلا، سار (التلفاز) كما يطلق عليه المجتمع اللغوي هو السيد الذي يستقي الناس منه المعلومات وصارت الكتب علي الأرفف تبكي حالها من الإهمال مازال البعض يا سيادة العميد مخلصين للكتاب ولكن الأغلبية بهرها التلفاز الفضائي، فتغير وجه الثقافة واختفي النقد والنقاد ولم يعد هناك علي عرش القلوب والعقول سوي الدراما التي لحست عقول البيوت الكبار قبل الصغار لأننا (أصل الدراما العربية)! ماذا جري للثقافة والكتاب والتعمق في الأمور؟ أسمعك بصوتك الهادي تقول يا سيادة العميد "فتشوا عن التعليم والمعلم فهو الأساس لبناء عقول أمة". صدقت يا سيادة العميد