تحديات كبيرة تواجهها الحكومة بمختلف قطاعاتها لمواجهة ظاهرة التضخم المتنامية، الذي ينبع من قنوات مختلفة ويظهر في الاقتصاد المصري بأشكال متنوعة حيث أدت القرارات التي اتخذتها الحكومة قبل اسبوع برفع اسعار الطاقة وفرض رسوم ضريبية علي سلع وخدمات الي زيادة الضغوط التضخمية، ولجأ المركزي علي اثر ذلك الي رفع اسعار تعاملاته في الاجل القصير مع البنوك، من خلال آلية "الكوريدور" التي تنظم سعري الايداع والاقراض لديه، إذ تم رفعها بواقع 0.5 نقطة مئوية لتقود الفائدة علي الودائع الي مزيد من الانحدار فاقترب سعر الفائدة الحقيقي مطروحا منه معدل التضخم "أكبر من 16%" من سعر سالب 6%. وتزامن مع الضغوط التضخمية علي العملة المحلية وصغار المدخرين تزايد احباط سوق المعاملات التجارية نتيجة تدهور قيمة الدولار في السوق المحلية، فعلي الرغم من الاستقرار النسبي للدولار عالميا امام العملات الرئيسية الاخري استمر في التراجع محليا، مكبدا المصدرين والمدخرين خسائر ملحوظة استوجبت تدخل السلطة النقدية لايجاد آلية تخفف الآثار عن كاهل قطاع التصدير وحض السوق علي مواصلة النشاط. ولم يثن ذلك المصدرين عن مواصلة ضغوطهم من اجل تدخل المركزي لشراء فوائض تعاملات الدولار في السوق المحلية حتي لا يستمر سعر صرفه امام الجنيه في التدهور خصوصا بعد ان تزايدت الضغوط التضخمية الاخيرة وأدت الي اضعاف القوة الشرائية للجنيه. وبدت السوق المصرفية إثر الاجراءات بين حجري رحي يضغط ارتفاع الاسعار عليها من جهة ويتراجع سعر العائد علي النشاط من جهة ثانية، كما تتراجع في الوقت ذاته عائدات وارباح عمليات النقد الاجنبي. في المقابل، واجهت السلطات المصرفية الوضع برفع اسعار "الكوريدور" بهدف امتصاص فوائض السيولة من السوق حتي لا يتفاقم وضع المؤشرات التضخمية فيه. ويبدو ان المصائب لا تأتي فرادي فقد تزايدت المخاوف مؤخرا في اوساط المصرفيين بعد قرار فرض ضريبة مقدارها 20% علي عوائد اذون الخزانة وهي الملاذ الاكبر للبنوك والذي تعتمد عليه في استثمار فوائض السيولة لديها ولم يقتصر الامر علي ذلك فقط فقد لوحت المالية منذ ايام قلائل بتزايد احتمالات فرض ضرائب علي السندات وهو الامر الذي يجعل القطاع المصرفي في مأزق خلال الايام القادمة وسط حالة من الاستقرار غير واضح المعالم لاتجاهات التضخم خلال الفترة القادمة حيث توجد ثمة تساؤلات تطرح نفسها: هل سيكون الارتفاع في اسعار الفائدة هو الاخير من قبل المركزي؟ وهل ستستمر الحرب لايام أطول علي شبح التضخم؟ وما أهم التحديات التي تواجه القطاع المصرفي خلال الايام القادمة؟ "الاسبوعي" بادر من جانبه بطرح هذه التساؤلات علي الخبراء المصرفيين ورصد آرائهم في محاولة لرسم خارطة واضحة لمجريات الاحداث التي يشهدها القطاع المصرفي . من جانبه، أكد أشرف البيومي نائب مدير ادارة معالجة الديون المتعثرة ببنك تنمية الصادرات اهمية الموضوعية في مناقشة مثل هذه الامور، مشيرا الي انه لا يري ان ما يحدث ينذر بأزمة ضخمة قد يواجهها القطاع المصرفي علي وجه الخصوص او الاقتصاد بوجه عام، مشيرا الي ان ما يحدث هو ظاهرة طبيعية لان الاقتصاد في أي دولة عادة ما يخضع لدورات اقتصادية انتعاشا وانكماشا، مشيرا الي ان التحدي الاكبر هو كيفية امتصاص الصدمات وابتلاعها بأقل اثار جانبية. قال ان التضخم شبح يواجه العالم كله ولكن مصيره هو التراجع، لانه لا يمكن ان يستمر علي هذه الحالة لفترة طويلة مشيرا في ذات الوقت الي ان قرار فرض ضرائب علي عوائد اذون الخزانة لا يمكن ان نعتبره مشكلة بل هو دافع للبنوك لتوسيع قاعدة الاستثمار لديها في تمويل عدد من القطاعات المهمة مثل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، فكلها سياسات تأتي في إطا جهود المركزي الواضحة لزيادة معدلات الائتمان داخل الجهاز المصرفي وحض البنوك علي اتباع سياسات مرنة في هذا الصدد. الركود قادم "الركود قادم وبشدة" هكذا بدأ شريف نور خبير التقييم ومستشار ارنيست اند يونج ،حيث اوضح ان الصورة غير واضحة خلال المرحلة القادمة مع تزايد احتمالات حدوث ركود اقتصادي بسبب ارتفاع التضخم الي معدلات غير مسبوقة. أشار الي ان قرار فرض ضرائب علي عوائد اذون الخزانة والتلميح بفرضها ايضا علي السندات انما يعتبر استكمالا في صياغة سيناريوهات الدخول في نفق مظلم ، واكد ان حل التضخم لا يمكن ان يكون برفع اسعار الفائدة والتي لا تؤدي في النهاية سوي لمزيد من التضخم، فالبنوك لديها معدلات سيولة مرتفعة ولا تري الانخراط في تنفيذ قرارات المركزي الا بعد التخلص من السيولة الهائمة وحتي لو كانت بعض البنوك قد استجابت الي القرار وقامت بتنفيذه فإن تكلفة الاقراض ستزيد هي ايضا وبالتالي ستؤدي الي مزيد من الارتفاع العام في الاسعار وبالتالي كل الطرق تؤدي الي التضخم.