علاوة ال 30% التي أعلنها الرئيس مبارك أسعدت 5.5 مليون عامل ومواطن حكومي في مصر، لكنها بالتأكيد وضعت الحكومة في مأزق شديد.. كيف ستدبر تلك الموارد التي تصل إلي 12.5 مليار جنيه غير الموارد الإضافية التي أثقلت كاهل الموازنة بالدعم السلعي ودعم الطاقة الذي وصل إلي 63 مليار جنيه. والحكومة تبحث حتي لحظة مثولنا للطبع البدائل.. وتوقعات بإعلان قرارات أو اقتراحات اقتصادية عاجلة تعرض علي مجلس الشعب للموافقة السريعة لتوفير دخل عاجل يسد الفجوة.. طالما هناك حرص شديد علي عدم زيادة عجز الموازنة. والإجراءات الاقتصادية.. والتي يبدو كثير منها منطقياً مثل الاقتراحات برفع جزئي علي دعم البنزين وضرائب علي السجائر والسيارات الفارهة.. إلا أنها بالتأكيد لا تكفي. فلا يجب أن يكون الهدف هنا هو الجباية.. ولا يجب أن يكون الهدف هو تمويل العلاوة قسراً من بعض الجيوب العامرة وكأن الحكومة تعاقب الناس علي الثروة.. الهدف يجب أن يكون ترسيخ مبدأ العدالة الاجتماعية وتضييق الفجوة بين الطبقات وشعور الغني أنه يريد أن يساهم في تنمية هذا المجتمع وفي توزيع الدخل بشكل أفضل. لكن وكما اننا نقف مع قرارات تستهدف تلك العدالة فالصدق يقتضي منا أن نقول إن الشعور بالعدل والعدالة غائب في جميع الطبقات.. ليس فقط الفقراء.. ولكن في طبقات الأغنياء أيضاً. فرسوخ الفساد لسنوات طويلة واستشراء المحسوبية والوساطة وإهدار المال العام في مشروعات تحت مسميات بلا جدوي وعدم وجود آليات للحساب أو الثواب والعقاب أضاعت شعور الانتماء.. وجعلت كلا يعمل من أجل رخائه الشخصي دون الالتفات للمجتمع. ولا يمكنك الآن وبجرة قلم أن تحدث القطاع الخاص عن المسئولية الاجتماعية فجأة ولا يمكنك الآن وبدون مقدمات أن تطلب منه أن يكون شريك في التنمية كما هو شريك في الأرباح. إنها ثقافة تحتاج لغرس من جديد وتحتاج لتدريب وتعليم.. كما تحتاج أن يشعر كل منا أن الدولة تقدم له مردود هذه الضرائب التي يسددها.. والضرائب المتزايدة التي تطالبه بها.. نريد أن نري ذلك في الشوارع، في الطرق، المواصلات، في المدارس، في الصحة، فلا يمكن أن تطالبك الدولة كل يوم بسداد ضرائب جديدة ولا يظهر أثرها علي محدودي الدخل.. والأهم من ذلك هو ترشيد الإنفاق الترفي للحكومة وفتح الملفات السرية المغلقة تحت مسميات المصاريف السرية، وقطع يد الفساد التي تعبث بنا وبأقدار هذا المجتمع. مفهوم العدالة الاجتماعية ليس أغنية بصوت عمرو دياب.. نرددها كل يوم.. لكنه مفهوم يجب أن يرسخ في أذهاننا ويكون عائده أيضا بنفس الرسوخ في عقولنا.. وفي حياتنا. نريد العدالة ونريد أن نشعر بها.. فلا يبقي 40% من المصريين تحت خط الفقر، وفي الوقت نفسه لا يسدد الأغنياء.. ثم يبقي الفقراء علي حالهم.. نتحول من مبدأ العدالة إلي مبدأ الجباية.. وبينهما فرق كبير.