منذ سنوات والعقلاء عندنا يحذرون من الاهمال الشديد في زراعة القمح.. وفي سنوات بعيدة مضت كنا نحارب من أجل القمح ومازلنا نتذكر الضغوط السياسية والاقتصادية التي كنا نتعرض لها بسبب صفقات القمح.. وكان القمح من الجسور التي امتدت في يوم من الأيام بين مصر والاتحاد السوفيتي.. وكان القمح أيضا من الأوراق التي استخدمتها أمريكا ضد مصر بعد بناء السد العالي.. وبقي رغيف الخبز في العالم كله يمثل ورقة تهديد.. وكان القمح بالذات ومازال ورقة سياسية فقد لعبت به أمريكا دائما كواحدة من أهم أوراقها السياسية ومن هنا كان اهتمام الحكومات بهذه السلعة الاستراتيجية ولكن في فترة من الفترات خرج علينا البعض ليقول إننا نستطيع أن نزرع الفراولة والخيار ونصدرها ونستورد بقيمتها القمح ولكن الواضح الآن اننا فشلنا في الفراولة وفشلنا أكثر في القمح.. لقد انتظرنا أن نبيع الفراولة ونشتري القمح ويبدو أن التجربة فشلت فلم يعد لدينا فراولة وكانت الكارثة هي الارتفاع الرهيب في الأسعار العالمية للقمح.. في سنوات مضت كانت مصر تتعاقد علي احتياجاتها من القمح لمدة عامين علي الأقل وكنا ندرس حالة الأسواق ونعرف التوقعات ونحدد احتياجات الاستهلاك وكان هناك حرص دائم علي أن يتوافر لنا الاحتياطي الكافي من القمح.. وفي السنوات الأخيرة اختلت كل الموازين.. لقد قررنا أن نزرع الخيار ونسينا القمح وحدث سباق رهيب لزراعة الأرز وهو السلعة الرئيسية لدي الفلاح المصري لأنه يأكل الأرز كل يوم ولكن مع انخفاض انتاجنا من القمح كانت الكارثة الأكبر هي الارتفاع المخيف في الأسعار العالمية وبجانب هذا فإن استيراد القمح يخضع لظروف خاصة لأن هناك بعض الأشخاص الذين لا يزيد عددهم علي خمسة أشخاص يحتكرون استيراد القمح.. وما بين الاحتكارات وإنتاج الفراولة واهمال القمح زراعة وإنتاجا وسعرا وجدنا أنفسنا أمام مصيبة جديدة وبدأت رحلة البحث عن حلول ووجد الشعب المصري نفسه يقف في طابور طويل لانتظار أمر وزاري بحصول كل مواطن علي رغيف.. هذا الدرس يضع أمامنا عدة حقائق.. لابد أن نشارك في إنتاج رغيف خبز يكفينا.. لقد فشلت زراعة الفراولة ولابد من العودة للقمح.. لا يعقل أن نترك رغيف خبزنا في يد من لا يرحمنا.