يتطلع الشعب الفرنسي إلي علاج أمراض الاقتصاد القومي في ظل قيادة نيكولاس ساركوزي الذي حقق فوزا كاسحا علي منافسته اليسارية سيجولين روايال بنسبة 53% من الأصوات مقابل 47% لروايال. ويشير الواقع الاقتصادي في فرنسا إلي التأثر الشديد بمشكلة البطالة التي تمثل 18% علاوة علي أن هناك من يحترفون البطالة لأنهم يتلقون إعانات بطالة من عدة جهات. الاقتصاد الفرنسي يعاني أيضا العجز في الموازنة الذي بلغ نسبة 31% وهي نسبة كبيرة اعترض عليها الاتحاد الأوروبي بشدة، وهناك أيضا نسبة كبيرة من الفرنسيين ترفض الدستور الأوروبي.. وهناك تطلع فرنسي لحل مشكلات كثيرة أولاها التضخم الذي تجاوز معدلات كبيرة بلغت 8%. ساركوزي نفسه وعد بعدة إصلاحات هيكلية واقتصادية صعبة مثل إصلاح القطاعات الإنتاجية الصناعية وقطاعات الزراعة التي بدأت تعاني ضعف التصدير وتزايد مطالب العمال والاتحادات العمالية. لكن المشكلة الأكبر أن المهاجرين في فرنسا خاصة من أصول أفريقية وعربية يشكلون قوة لا يستهان بها فمنهم رجال أعمال ناجحون ومنهم من تبوأ مكانة اقتصادية كبيرة في عالم البيزنس الفرنسي. فرنسا أيضا تواجه منافسة اقتصادية من الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين بل وروسيا التي اشترت شركة "إيرباص" التي تساهم فرنسا فيها بقوة. أما روشتة العلاج في رأي ساركوزي التي ينتظرها الاقتصاد الفرنسي فهي الإصلاح الاقتصادي في القطاع الصناعي وجذب الاستثمار لحل مشكلة البطالة والحد من الهجرة وهي المشكلة الصعبة نظرا لقوة المهاجرين وتزايد أعدادهم خاصة في مجتمع الأعمال. وقد دعا الرئيس الفرنسي المنتخب نيكولا ساركوزي إلي وحدة الفرنسيين بعد انتخابات أبرزت استقطابا حادا بين اليسار واليمين. وفاز ساركوزي مرشح اليمين علي مرشحة اليسار سيجولين رويال بحصوله علي نسبة حوالي 53% من الاصوات في الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية التي جرت الاحد الماضي، وقد بلغت نسبة الاقتراع 85%. وقال ساركوزي إن الشعب الفرنسي اختار التغيير وإنه سوف يستخدم التفويض الذي منحه له لإحداث هذا التغيير. وبعد إعلان النتائج وقعت مصادمات محدودة بين الشرطة ومتظاهرين في باريس وبعض المدن الاخري. وألقي عدة مئات من المحتجين في ميدان الباستيل بالزجاجات والحجارة علي الشرطة وهم يهتفون "ساركو فاشي". وأصيب شرطيان في نانت التي لجأ فيها حوالي ألف متظاهر إلي أعمال شغب، وقامت الشرطة باعتقال متظاهرين في خمس مدن فرنسية لكن حدة أعمال العنف تراجعت سريعا. وكان ساركوزي البالغ من العمر 52 عاما وابن مهاجر مجري قد أوجد لنفسه أعداء كثر كوزير للداخلية بسبب تشدده إزاء مثيري الشغب من سكان الاحياء الفقيرة، وغالبيتهم من المهاجرين، في الاضطرابات التي وقعت قبل عامين. وقال ساركوزي: قبل المعركة السياسية.. بالنسبة لي هناك فرنسا واحدة فقط سأكون رئيسا لكل الفرنسيين. وأضاف: لقد أعطتني فرنسا كل شيء، والان جاء دوري لأعطي لفرنسا ما منحته لي. وقال ساركوزي إنه سيعمل علي احترام حقوق كل الفرنسيين، وسيساعد كل من يعاني مشاكل اجتماعية في فرنسا. وقال إنه يدعو كل الفرنسيين بغض النظر عن انتماءاتهم ودياناتهم وأصولهم العرقية إلي العمل معا علي أن تسير فرنسا إلي الأمام. ووعد الرئيس الفرنسي المنتخب بأن تكون فرنسا شريكا موثوقا به بالنسبة لاوروبا، كما مد يده للولايات المتحدة بقوله إن فرنسا ستكون لها صديقا جيدا. وأعرب ساركوزي عن إيمانه بالاندماج الأوروبي، لكنه تحدث أيضا عن أهمية الحماية الاجتماعية. وقال ساركوزي: لقد اختار الناخبون الابتعاد عن عادات وقيم الماضي، لذلك سوف أعيد تأهيل العمل والسلطة والأخلاق والاحترام. وبالنسبة لعلاقات فرنسا مع جيرانها في الجنوب دعا ساركوزي إلي تحقيق السلام في حوض البحر المتوسط وإلي بناء اتحاد بين دول المتوسط يكون جسرا بين افريقيا واوروبا. وناشد ساركوزي الأفارقة العمل مع فرنسا علي ضبط الهجرة وأكد رغبة فرنسا في تقديم المساعدة للدول الافريقية.. وبعد انتهاء خطاب ساركوزي أنشد مؤيدوه النشيد الوطني الفرنسي. يذكر أن ساركوزي تعهد بخفض نسبة البطالة من 8.3% إلي أقل من 5% مع حلول عام 2012.. كما من المتوقع أن يطبق سياسات تخفض الضرائب وتحافظ علي سير القطارات خلال الإضرابات، وذلك خلال أول مائة يوم من ولايته التي تبدأ يوم 16 من الشهر الحالي.. ورحبت المفوضية الأوروبية في بروكسل بفوز ساركوزي. واتصل الرئيس الامريكي جورج بوش بساركوزي مهنئا إياه بالنصر الذي حققه. وقال متحدث باسم مجلس الامن القومي الامريكي ان الولاياتالمتحدةوفرنسا هما حليفان وشريكان تاريخيان، الرئيس بوش يتطلع للعمل مع الرئيس المنتخب ساركوزي. لكن المراقبين يقولون ان التأييد الذي سيظهره ساركوزي للولايات المتحدة لن يكون تأييدا اعمي، فقد سبق ان عارض الحرب علي العراق وهو يطالب بانسحاب مبرمج للقوات الامريكية من العراق. ورويال هي المرأة الأولي التي تصل إلي المرحلة الثانية من الانتخابات الرئاسية الفرنسية. وقد عقدت رويال مؤتمرا وسط مؤيديها في مقر الحزب الاشتراكي بعد دقائق من اغلاق أبواب الاقتراع حيث أقرت بهزيمتها أمام ساركوزي وتعهدت بأن يحقق الحزب الفوز في الانتخابات القادمة وأكدت أنها ستستمر في "نضالها".. وهذه هي ثالث هزيمة للحزب الاشتراكي الفرنسي علي التوالي. وشكرت رويال 17 مليون فرنسي علي منحها أصواتهم قائلة: إنها تتفهم شعورهم بالألم والحزن.