الارتفاع المطرد لأسعار الحديد والأسمنت بما يمثله من تهديد لصناعة المقاولات مشكلة يرجعها المنتجون لارتفاع أسعار المدخلات.. ومع ذلك عقب قرار المهندس رشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة بفرض رسوم تصدير تقدر ب 165 جنيهاً لكل طن حديد يتم تصديره، و65 جنيها لكل طن أسمنت، نجد أن طن حديد التسليح انخفض بحوالي 400 جنيه للطن مقارنة بسعره قبل أيام من القرار وكذلك انخفض سعر الأسمنت. إزاء هذا الانخفاض.. هناك تساؤل مهم يفرض نفسه: إذا كان ارتفاع الأسعار مبرراً بارتفاع اسعار المدخلات كما يقول المنتجون فلماذا انخفضت الأسعار بعد القرار؟ "الأسبوعي" تحاول فك اللغز وقراءة خريطة أسعار الحديد والأسمنت والتعرف علي التكاليف الحقيقية بما فيها سعر الطاقة التي توضح السعر العادل دون ترك الفرصة للتلاعب بالأسعار لتحقيق ارباح خيالية أو الضغط علي المنتجين للبيع بسعر أقل من التكلفة. وفي محاولة للتعرف علي بدايات صناعة الحديد في مصر، يمكن ارجاعها إلي فترة الاربعينيات التي شهدت تكوين شركات خاصة لاستغلال الخردة من مخلفات الحرب العالمية الثانية. وفي نهاية الخمسينيات ظهر أول مصنع متكامل للحديد وهو مصنع الحديد والصلب بحلوان. وفي بداية الثمانينيات ظهرت شركة أخري بالدخيلة بالمشاركة مع الخبرة اليابانية تعتمد علي تكنولوجيا جديدة لإنتاج الصلب بالغاز الطبيعي بدلا من الفحم وتحويله لحديد اسفنجي تصل نسبة الحديد به إلي أكثر من 90% ومع النمو المتزايد زادت الحاجة إلي حديد التسليح حتي وصل الاستيراد خلال فترة الثمانينيات وأوائل التسعينيات إلي 5.1 مليون طن سنويا ولذلك اتجه المستثمرون إلي اقتحام هذه الصناعة بداية من مشروعات الدرفلة باستخدام عروق مستوردة ثم تطورت باستخدام وحدات صهر وشركات لإنتاج العروق ودرفلة المسطحات سواء للسوق المحلي أو التصدير. خريطة لشركات الحديد بداية نسجل ان الحكومة المصرية ليست لاعبا في سوق إنتاج الحديد وذلك في ضوء خضوع شركة الأهلية للصلب حاليا لتصفية وتوقف وحدة الصلب بشركة النحاس المصرية عن العمل منذ سنوات بسبب خسائرها المستمرة وكذلك فإن خطوط الإنتاج بالدلتا للصلب يرجع عمرها لفترة الأربعينيات أماالحديد والصلب وهي الشركة الحكومية الوحيدة التي تعمل بكامل طاقتها لا تنتج حديد تسليح بكمية مؤثرة في السوق. ويمكن تقسيم شركات إنتاج حديد التسليح في مصر إلي ثلاثة أنواع: أولها، الشركات المتكاملة التي تنتج من الخامات الاستخراجية حتي المنتج النهائي ولدينا من هذا النوع شركتان هما الحديد والصلب والإسكندرية للحديد والصلب بالدخيلة. أما النوع الثاني، فهو الشركات نصف المتكاملة والتي تنتج المنتج النهائي من صهر الخردة أو الحديد الاسفنجي ولدينا من هذا النوع شركات المصرية الأمريكية للصلب والعز للصلب بالسادات والدلتا للصلب والتمساح لحديد التسليح ومجموعة قوطة للصلب، بالإضافة لشركتي أبو زعبل للصناعات الهندسية والسويس للصلب اللتين تصنعان عروق الصلب فقط، وهذه الشركات إضافة إلي عز السويس للمسطحات تعتمد علي ما يتاح من خردة محلية أو استيراد خردة أو حديد اسفنجي من الخارج. وتبلغ الطاقة المتاحة لتلك المصانع 2 مليون طن في حديد التسليح أي حوالي 45% من احتياجات السوق المحلي بالإضافة إلي 650 ألف طن عروق لمصانع الدرفلة. أما النوع الثالث من المصانع فهو مصانع الدرفلة وتعتمد علي شراء عروق الصلب من مصدر محلي أو مستورد ودرفلتها إلي حديد تسليح وهذا النوع يوجد منه عدد كبير من المصانع وان كانت أغلبها متعثرة رغم ان الطاقة المتاحة لها حوالي 2.1 مليون طن سنويا من حديد التسليح أي حوالي 50% من احتياجات السوق المحلي عام 2005. "تسعير" الحديد وكما يوضح تقرير لغرفة الصناعات المعدنية الذي صدر مؤخراً ويمكن اعتبار خريطة شركات الحديد مدخلا لتوضيح العوامل التي تتدخل في تحديد تكلفة طن الحديد، فمن المؤكد ان التصنيع بدءا من استخراج الخام من الجبال ثم تلبيده ثم صهره حتي يتحول إلي صلب هي أقل تكلفة من القيام بشراء المدخلات وتصنيعها. وباستثناء شركة الحديد والصلب التي تقوم بالإنتاج بداية من استخراج الحديد نجد بعض المصانع تقوم بتحويل الخام إلي مادة "DRI" وهي مكورات الحديد ثم تنتج منها البليت ويعتبر مصنع عز الدخيلة هو المصنع الوحيد الذي يصنع هذه المادة. وتبقي المصانع التي ليس لديها خام "DRI"، وتستخدم الخردة وهي مصانع عز بالسادات وبشاي ومصر الوطنية للصلب. في حين تعتمد باقي المصانع المصرية علي استيراد البليت إما المدرفل من أوكرانيا أو الصب المستمر من تركيا، مع ملاحظة انه حتي مصنع العز احيانا ما يستورد البليت لمصنعه بالعاشر والسادات وكذلك بشاي والجارحي.