جاءت الهموم الاقتصادية في المركز الأول من الشكاوي التي تلقاها المجلس القومي لحقوق الإنسان حيث استقبل المجلس أكثر من 5 آلاف شكوي في 2006 جاء 38% منها تحت بند الشكاوي الاقتصادية والاجتماعية، وتتعلق كلها بقضايا البطالة وحقوق العمل والصحة والتعليم والاسكان وسبقت شكاوي الحقوق المدينة والسياسية. وتثير تلك المفارقة تساؤلات عديدة حول مدلولات هذه النتيجة وهل تعبر عن أولويات محددة للمواطن المصري أم أنها تمثل أكبر وجع له في حياته اليومية عن باقي الهموم الأخري.. وما أكثرها! تحاول الاسبوعي مناقشة هذه القضية مع خبراء الاقتصاد.. والاجتماع.. والسياسة جاء تقرير حقوق الإنسان لعام الصادر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان. ليكشف هموم المواطن التي بدت اقتصادية في المقام الأول فعلي مدار العام السابق استقبل المجلس أكثر من 5 آلاف شكوي، صنف التقرير 38% منها تحت بند الشكاوي الاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بقضايا البطالة وحقوق العمل والصحة والتعليم والاسكان وغيرها من القضايا الاجتماعية التي كانت لها الأولوية علي شكاوي الحقوق المدنية والسياسية التي استحوذت علي نسبة 30% من الشكاوي فما مدلول هذه النسب؟ هل تعبر هذه النتائج عن قصور كبير في حركة الاصلاح الاقتصادي جعلته متأخرا عن حركة الاصلاح السياسي أم أن سوء الاحوال الاقتصادية جعلت الهم الاقتصادي هو الهم الأول؟ وما تأثير الهموم الاقتصادية التي استعرضها التقرير علي النمو والتنمية الاقتصادية واجتذاب الاستثمار الأجنبي إلي مصر؟ وهل القضاء علي مشكلات الفساد وهدر حقوق العمالة وغيرها من القضايا التي استعرضها التقرير مرهون بمطالب الاصلاح السياسي التي طرحها التقرير؟.. هذه هي القضايا التي طرحناها علي خبراء الاقتصاد والسياسة في هذا التحقيق. في البداية يوضح د.محمد النجار أستاذ الاقتصاد بتجارة بينها أن غلبة نسبة الشكاوي الاقتصادية والاجتماعية علي باقي أنواع الشكاوي يعود إلي أن هناك قطاعا عريضا من المواطنين لا يجد من يمثله.. ففي الرأسماليات الغربية هناك من يمثل رجال الأعمال ومن يمثل العمال ومن يمثل المستهلكين أما الفئتان الأخيرتان فليس لهما من يمثلهما علاوة علي أن الدولة كما يري النجار قد أعاقت بعض الفئات عن الدفاع عن حقوقها وذلك وفقا لما ذكره التقرير في رصده للمعوقات التي وضعتها الدولة في الانتخابات العمالية الماضية ومطالبته برفعها لتيسير العملية الانتخابية ويلفت النجار إلي أن هناك مبدأ رأسمالي يطبقه الساسة في مصر وهو "أعط الموارد للأغنياء لأنهم الاقدر علي الادخار وتحويل المدخرات لاستثمارات تعود بالعائد علي جميع فئات الشعب" ويعتبر أن نتائج تقرير حقوق الانسان أكبر دليل علي عدم جدوي هذا المبدأ بسبب تدني مستوي الحقوق الاقتصادية والاجتماعية واستحواذها علي النسبة الأكبر من شكاوي المواطنين وأنه من الأصلح أن توزع الموارد بشكل أفضل علي القاعدة العريضة من المواطنين حتي يكونوا أكثر قدرة علي البذل والانتاج ورفع معدلات النمو ويشير النجار إلي أن حل مشكلات المواطنين المعروضة في التقرير والتي تتعلق بالقضايا الاقتصادية والاجتماعية مرهون في الاساس بالاستجابة للشق الثاني المعروض في التقرير والخاص بشكاوي المواطنين في قضايا الحريات حيث إن الاستجابة لمطالب التقرير في اطلاق حرية تأسيس الاحزاب السياسية وحرية الصحافة واستقلال القضاء نظرا إلي أن شعور المواطنين بقدرتهم علي اختيار سياسات الدولة والتعبير عن انتقاداتهم لها سيجعلهم يشعرون بالانتماء لهذه البلد ويكونون أكثر قدرة علي الإنتاج علاوة علي أن مظاهر الفساد في الدولة والتي أشار لها التقرير قد تنفر المسثمرين الأجانب الجادين والذين يحققون تنمية حقيقية في البلاد ولا تجتذب إلا المستثمرين الفاسدين. مؤشرات خطيرة وتؤكد د.هدي زكريا استاذة علم الاجتماع بجامعة الزقازيق علي الرأي السابق حيث تصف العلاقة بين الاصلاح السياسي والاقتصادي بالاواني المستطرقة التي تؤثر في بعضها البعض وتعتبر أن الاصلاح الاقتصادي تتم زراعته بداية في تربة السياسة لذا فاصلاح التربة السياسية هو أهم خطوة لتحقيق هذا الاصلاح إلا أنها تري أن الاصلاح السياسي لا يرتبط فقط بمفاهيم "المقرطة" المطروحة في التقرير كحرية الاحزاب والصحافة وإنمايجب أن يكون هناك أيضا دور قوي للدولة في تلبية احتياجات المواطن الاقتصادية كالسكن والتعليم والصحة التي أشار لها التقرير.