توقع صندوق النقد الدولي استمرار أسعار النفط في مستوياتها القياسية خلال الأعوام الثلاثة المقبلة في حين توقع خبراء أن تتوقف أسعار النفط عن الارتفاع خلال 2007 مع زيادة الإنتاج ليبلغ مستوي الطلب، بعد الارقام القياسية التي سجلتها في 2006 بسبب ازمات عدة منها التخوف من فرض عقوبات علي إيران والوضع في نيجيريا والكوارث الطبيعية. وشهد عام 2005 ارتفاعا في أسعار الخام نتيجة طلب قوي في الصين والولاياتالمتحدة يوازيه تراجع الإنتاج بسبب الاعاصير العنيفة التي ضربت خليج المكسيك. أما خلال عام 2006 فكان ارتفاع اسعار النفط نتيجة المخاوف من حصول أزمة في السوق بسبب الاضطرابات الجيوسياسية فيما لايزال العرض محدودا. وعم القلق السوق النفطية منذ يناير نتيجة استئناف ايران برنامجها النووي والمخاوف من فرض عقوبات دولية عليها قد تدفع طهران للرد عليها بتعليق صادراتها النفطية. وفي الوقت نفسه شهدت نيجيريا معارك عنيفة شنها انفصاليون في دلتا النيجر الجنوب "وأدت إلي تراجع انتاج النفط في البلاد بنسبة وصلت إلي 30%". وشهد الوضع مزيدا من التأزم مع قيام كوريا الشمالية بتجربة نووية والحرب بين إسرائيل وحزب الله الشيعي اللبناني في يوليو وتفاقم الوضع في العراق والتوتر في العلاقات بين واشنطن والرئيس الفنزويلي هوجو شافيز. وما زاد من حدة التوتر في السوق التوقعات بأن تشهد السنة أعاصير بعنف التي حلت عام 2005 وإغلاق حقل برودو باي في الاسكا، أكبر الحقول النفطية الأمريكية، بسبب تآكل أحد الأنابيب. ونتيجة لهذه الظروف المتزامنة، سجلت اسعار النفط ارقاما قياسية متتالية وصولا إلي 78.40 دولار للبرميل في يوليو 2006 في نيويورك و78.64 دولار في أغسطس في لندن، ما يزيد علي عشرين دولارا علي سعر البرميل في مطلع العام واربعة اضعاف عنه في مطلع 2002 وفيما كان المنتجون من داخل منظمة الدول المصدرة للنفط "اوبك" وخارجها يضخون الخام بأقصي طاقتهم، فإن أي بلبلة ولو طفيفة في الإنتاج كانت تهدد بزيادة غير متناسبة في أسعار النفط. ومن جانبه أشار تقرير لصندوق النقد الدولي انه مع تنامي الإدراك بأن أسعار النفط ستواصل ارتفاعها، ومن ثم الإيرادات النفطية، بدأت العديد من البلدان المصدرة للنفط في تسريع وتيرة الإنفاق، وتقوم هذه البلدان حاليا بتنفيذ برامج حيوية "والدليل علي ذلك ان قيمة الخطط الاستثمارية في دول مجلس التعاون الخليجي عن الفترة من 2006 2010 تتجاوز 700 مليار دولار" وان الاستثمارات في قطاعي النفط والغاز بالمنطقة تصل إلي 500 مليار دولار، مشيرا إلي أن هذه الاستثمارات تتم عبر شراكة بين دول المنطقة وبين جهات أجنبية، معتبرا أن في ذلك استخداما جيدا للفوائض النفطية. ووفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي فإن ما بين 300 إلي 325 مليار دولار هي قيمة الفوائض النفطية لدول المنطقة في عام 2006. وقلل التقرير التأثير السلبي لأسعار النفط المرتفعة علي الدول المستهلكة في المنطقة، وتابع "الفوائض النفطية يتم استثمارها داخل المنطقة علي عكس طفرة الثمانينيات والسبعينيات وهو الأمر الذي يعيد دورة الاستفادة من هذه الأموال إلي الدول غير النفطية". وتوقع التقرير ان يبلغ اجمالي نمو الناتج المحلي في دول المنطقة خلال العام المقبل 2007 نحو 6%. مشيرا إلي أن التوقعات في 2006 كانت تتنبأ بأن يكون النمو سيرتفع مع أسعار النفط القياسية ليصل إلي أعلي من 6%. وأكد انه بالرغم من ارتفاع اسعار النفط إلي أن التوقعات تشير إلي انخفاض التضخم في دول المنطقة ليتراوح بين 6 و 7% خلال عام 2007. انتعاش بعد هبوط وانتعشت اسعار النفط يوم الجمعة الماضي بعد ان سجلت أشد هبوط لها في عامين، بعد ان أبطلت بيانات اقتصادية أمريكية إيجابية أثار استمرار اعتدال المناخ وزيادة مخزونات الوقود في الولاياتالمتحدة أكبر سوق لاستهلاك الطاقة في العالم. وارتفع سعر العقود الآجلة للنفط الخام الأمريكي الخفيف عند التسوية في نايمكس 72 سنتا إلي 56.31 دولار للبرميل مغيرا مساره بعد هبوطه حوالي تسعة بالمائة خلال الجلستين السابقتين. وفي لندن قفز سعر العقود الآجلة لمزيج النفط الخام برنت 53 سنتا إلي 55.64 دولار للبرميل بعد هبوطه 2.85 دولار يوم الخميس. وكان هبوط اسعار النفط الخام الأمريكي 2.73 دولار في كل من الاربعاء والخميس الماضيين أكبر هبوط مئوي في يومين منذ ديسمبر عام 2004 وهوي بسعر التسوية للخام إلي ادني مستوي له منذ 15 من يونيو عام 2005. وكانت الأحوال الشتوية الدافئة في شمال شرق الولاياتالمتحدة أكبر سوق لاستهلاك زيت التدفئة في العالم أدت إلي تقليص الطلب علي وقود التدفئة وهوت بالاسعار إلي أدني مستوياتها في 18 شهراً. وساعد علي هبوط الاسعارا أيضا المخاوف من تباطؤ نمو الاقتصاد الأمريكي غير ان بيانات أقوي من المتوقع عن إيجاد وظائف جديدة ساعد علي انتعاش الاسعار يوم الجمعة. وقالت وزارة العمل الأمريكية إن الاقتصاد الأمريكي أضاف عددا كبيرا من الوظائف علي غير المتوقع في ديسمبر إذ بلغ 167 ألف وظيفة. وقالت الوزارة إن معدل البطالة استقر دون تغير عنه في نوفمبر مسجلا 4.5%. ولم يتوقع خبراء الاقتصاد في وول ستريت توفير أكثر من 100 ألف وظيفة جديدة في ديسمبر وهكذا رسم التقرير الشهري صورة سوق عمل أكثر قوة عما كان متوقعا نهاية عام 2006. وقال محللون إن أسعار النفط لقيت أيضا دعما من قيام سماسرة بالشراء لتغطية مراكز بيع قبل عطلة نهاية الأسبوع. وعلي الرغم من الهبوط الحاد للأسعار علي مدي يومين قال محللون إنه من السابق لأوانه تقدير انتهاء الموجة الصعودية لأسعار النفط التي بدأت عام 2002. ويشعر المسئولون في منظمة البلدان المصدرة للبترول "اوبك" بالقلق من هبوط الاسعار لكن تعقيباتهم اتسمت بالحذر. واتفقت منظمة "اوبك" علي خفض الانتاج بمقدار 500 ألف برميل يوميا بدءا من أول فبراير الماضي بالإضافة إلي اتفاقها في الدوحة العام الماضي علي خفض الإنتاج 1.2 مليون برميل يوميا بدءا من أول نوفمبر. وإلي جانب اعتدال المناخ فإن زيادة مخزونات الوقود في الولاياتالمتحدة كانت عامل ضغط نزولي علي الأسعار أيضا. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية يوم الخميس الماضي إن مخزونات الولاياتالمتحدة من البنزين زادت 5.6 مليون برميل إلي 209.5 مليون برميل. وكان محللون قد تنبأوا ان تزداد مخزونات وقود السيارات 1.5 مليون برميل فحسب. وهبطت مخزونات الخام في أكبر سوق لاستهلاك الطاقة في العالم للأسبوع السادس علي التوالي. وقالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية وهي الذراع الاحصائية لوزارة الطاقة الأمريكية إن مخزونات الولاياتالمتحدة التجارية من النفط الخام هبطت 1.3 مليون برميل إلي 319.7 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 29 من ديسمبر كانون الأول لتصبح المخزونات أقل 3.9 مليون برميل عما كانت عليه منذ عام.