رأي اليوم قال عنه الرئيس الامريكي السابق ريتشارد نيكسون: "لو ان هذا الرجل عاش في زمن آخر ومكان آخر لأصبح في مكانة تشرشل أو دزرائيلي أو جلادستون". اما الرجل فهو "لي كوان يو" رئيس وزراء سنغافورة السابق الذي اصبح رئيسا لوزراء سنغافورة في عام 1959 وظل في هذا المنصب حتي عام 1990 بعد فوزه في ثمانية انتخابات عامة، وبين هذين التاريخين قاد بلاده الي الاستقلال عام 1965 والاهم انه قاد سنغافورة من الفقر الي الوفرة، بحيث تضاعف الناتج المحلي الاجمالي لاكثر من اربعين ضعفا، وارتفع المتوسط السنوي للدخل الحقيقي للفرد فيها من اقل من الف دولار امريكي لدي حصولها علي الاستقلال الي قرابة ال25 الف دولار اليوم.. وتحولت سنغافورة الي واحد من اكبر المراكز التجارية والمالية في العالم، اضافة الي كونها انشط ميناء بحري في العالم، وثالث اكبر موقع لتكرير النفط. باختصار، اصبح متوسط دخل الفرد في سنغافورة اليوم اعلي من نظيره في بريطانيا العظمي التي كانت تحتلها ذات يوم. واذا كان هذا مؤشرا لا تغيب دلالته فان المؤشر الاخر يتضح من المقارنة مع شيلي والارجنتين والمكسيك.. ففي عام 1965 - أي عام الاستقلال من بريطانيا العظمي - كان متوسط دخل الفرد في كل من هذه الدول مساويا مع نظيره في سنغافورة. اليوم اصبح متوسط دخل الفرد في سنغافورة يتراوح ما بين اربعة وخمسة اضعاف نظيره في هذه البلدان. واذا كانت التجربة السنغافورية لا تحتاج الي مزيد من التدليل علي نجاحاتها.. فان هذا يعطينا اجابة عن السؤال الذي قد يتبادر الي الذهن: لماذا دعت الكويت السيد "لي كوان يو" لزيارتها لاول مرة منذ بضعة ايام؟ لكن اللافت للنظر ان الجهة التي وجهت الدعوة لهذه الشخصية التاريخية الاستثنائية لم تكن الحكومة الكويتية بل بنك الكويت الوطني الذي احتفل هذا الشهر ايضا بعيد ميلاده الرابع والخمسين حيث تأسس عام 1952 اي قبل ان تغدو الكويت دولة مستقلة. ومن التقاليد الطيبة التي تستحق الاشادة ان هذا البنك دأب علي تنظيم ندوة عالمية كل سنة يستضيف فيها شخصية دولية مرموقة للاستفادة من خبرتها وتجربتها. هذا العام، وقع الاختيار علي "لي كوان يو".. والسبب - كما قال ابراهيم شكري دبدوب الرئيس التنفيذي للبنك في كلمته الافتتاحية لندوة "آسيا والخليج العربي: نحو ازدهار دائم" التي حضرها "لي كوان يو" ورئيس وزراء الكويت الشيخ ناصر المحمد الاحمد الصباح - هو ان بلدان مجلس التعاون الخليجي راكمت ما يربو علي 300 مليار دولار امريكي علي صورة فوائض في الحساب الجاري ما بين عام 2003 و2005 مقارنة بما يتجاوز قليلا ال100 مليار دولار في السنوات الثلاث السابقة.. ويتطلع بنك الكويت الوطني من خلال تنظيمه لهذه الندوة الي تسليط الضوء علي الفرص المتاحة امام دول مجلس التعاون الخليجي من اجل استثمار الفوائض المتولدة عن هذه الطفرة الراهنة بصورة رشيدة من اجل مواجهة التحديات التي اعاقت النمو في الماضي والاستثمار من اجل المستقبل. واعرب ابراهيم دبدوب عن اعتقاده بان دول مجلس التعاون الخليجي يمكن ان تستفيد من تجربة سنغافورة باعتبارها غنية ومزدهرة في التنمية الاقتصادية. فما الدروس الاساسية التي تركز عليها حديث مهندس نهضة سنغافورة "لي كوان يو"؟ للحديث بقية...