محمد أفندي حسني موظف ع المعاش وكان مديراً لإدارة مدنية بوزارة الداخلية. زوجته سميحة عبد الخالق، لاتزال مدرسة فلسفة بإحدي المدارس الخاصة. محمد أفندي وسميحة أنجبا 9 صبيان وبنتاً! محمد أفندي رجل صبور شديد الحلم تربي تربية جادة وأدي في شبابه الخدمة العسكرية. وقد ترك محمد أفندي مهمة تربية البنت لأمها وصار الهم الأول له تربية أولاده وقد اشتركت أسرة محمد أفندي في خمس جمعيات، حيث يدفع 200 جنيه كل شهر ويقبض ألفي جنيها في موعد محدد. وفلسفة الجمعية المنزلية تتلخص في القدرة علي الالتزام بنفقات تربية العيال. وتصر الزوجة سميحة عبد الخالق علي ان الصبيان أصعب في التربية من البنات، فالبنت وديعة كالقط وتتحمل نقد وآراء إخوانها الصبيان. وكلما بلغ محمد أفندي حسني شيئا عن شقاوة أولاده قابلها بهدوء وقال "لازم يعرفوا الغلط علشان يميزوا الصح". وحين استدعي ناظر المدرسة محمد أفندي والد أحد أولاده، قال الناظر "هذه آخر فرصة له وسوف أقرر فصله بعد ذلك" قال محمد أفندي للناظر "ماذا فعل ابني؟" قال الناظر "انه يقفز من فوق سور مدرسة البنات ويثير الذعر". قال محمد أفندي "انها تصرفات مراهق"! وقد كانت الوالدة سميحة عبد الخالق ضد أسلوب زوجها، وكم دارت مناقشات بينهما حول تربية الأولاد. محمد أفندي من رأيه ان الأولاد "يعيشون زمانهم" والأم تري "ان العقاب مهم للردع" وكان يرد محمد أفندي "العقاب يا سميحة يولد رغبة في الانتقام" ولكن سميحة كانت تري "ان الصبيان يتحولون إلي شياطين ان لم تردعهم العين الحمرة"، لكن محمد أفندي اعترض علي العين الحمرة وقال "احنا طول عمرنا نأخذ كل رأي بالإجماع، يعني فيه ديمقراطية يا سميحة"! وقالت سميحة "الديمقراطية مش معناها ان أولادك يسبوا ويشتموا اختهم علشان راحت رحلة مع المدرسة" وقال محمد أفندي "خليهم يعتذروا لها يا سميحة"! هنا فاض بالزوجة وقالت أنا زهقت من صبرك ده. يا راجل لازم أولاد الأبالسة دول يحسوا بوجودك ويخافوا منك. انت مستني إيه؟" وقطع الحوار أصوات عالية خارج الشقة، ففتحت سميحة الباب لتجد ثلاثة من أولادها يشتمون بعضهم بعضا بألفاظ نابية، فقالت بغضب وصرخت: اخرسوا يا أولاد الأبالسة، الجيران يقولوا إيه؟ وإذا بأحد الأولاد يقول لوالدته متهكما "ما تعمليش أمينة رزق يا حاجة!!" وانفعلت الوالدة وقالت "اصل محدش رباكو. لما لقيتوا شوية حرية. سقتوا فيها.." وقال أحد الأولاد مقلدا عادل إمام في مدرسة المشاغبين "احنا حنغلط بأه والا إيه. كنتم خلفتونا ليه، لما انتو مش قد المهمة دي. هوه انتو تخلفونا وتهزأونا؟". ودخلت الوالدة باكية ورآها محمد أفندي فهدأ من ثورتها وقال لها "بكرة يكبروا ويفهموا المسئولية يا سميحة". قالت الزوجة "اعمل معروف مش عاوزة فلسفة. العيال لازم يتربوا ويشعروا ان فيه سلطة وهيبة للأب يا محمد". وقال الأب: انت اللي أستاذة فلسفة، مش أنا، لكن أنا شايف انه إذا كبر ابنك خاويه! دق جرس التليفون وإذا بالمتحدثة جارة لمحمد أفندي ورفعت السماعة سميحة وسمعت الجارة تصرخ "انا مكسوفة يا ست سميحة أقول لحضرتك ان ابنك شتم جوزي وقال له يا نطع، لمجرد ان مراد قال لابنك ياريت تلعبوا كورة في النادي بدل اللعب في الشارع والناس نايمة ساعة الضهر. يرضي مين ده؟!". واعتذرت سميحة عما بدر من ابنها في حق مراد أفندي ولكنه أصر علي تحرير محضر للولد. وجاء ضابط لاستدعاء الولد في القسم وقال محمد أفندي للضابط "احنا جيران والمسألة لا تستدعي اقسام". وحرر الضابط محضر صلح ولكن الزوجة صرخت في وجهه: اتحرك يا راجل. لازم تعاقب الولاد دول أبالسة ويقطع البطن اللي جابتهم! وفي المساء جلس الزوجان يناقشان الأمر ولاحظ محمد أفندي ان أحد الأولاد يستعد للخروج، فقال له الأب انت نازل رايح فين في الساعة دي؟ فقال الولد: نازل. خارج! فقال الأب: اقلع هدومك وادخل سريرك يا ولد! وهنا قال الابن: انت ملكش علي كلام، أنا حر! وكاد قلب الأب ان يتوقف. فقال بصبر نفد منه الصبر "أنا جايب أبالسة؟" فقال الابن: احنا مش أبالسة وكفاية كده، أنا نازل وأعلي ما في خيلك اركبه! وهنا انخرطت الأم في بكاء عارم ولاذ الصبور بالصمت وربما تمني لو ابتلعته الأرض. وادرك ان الأمر بدأ بالشجار بالسباب بين الأولاد ثم مد الأبالسة بذاءتهم للجيران ثم تطاولوا علي الوالدة وأخيرا تطاولوا علي الأب الصبور الذي لم يفقد الأمل في تربية أولاده. ان ثلاثة منهم مهذبون أما الستة الآخرون فيطلقون علي أنفسهم "نص دستة أشرار"! هل انتهت الحكاية؟ لا أظن، انها انتهت! ولا أملك التنبؤ بما سيحدث في هذه الأسرة الصغيرة، أسرة محمد أفندي حسني وزوجته سميحة عبد الخالق ونصف دستة الأشرار!