من طوكيو إلي مومباي ومن سول إلي مانيلا ينعم المستثمرون بشمس مالية مشرقة.. وحتي في شنغهاي تبدو السماء صافية ويوم 3 مايو ارتفعت الأسهم الاَسيوية كلها ارتفاعا قياسيا لم يحدث منذ 17 عاما وذلك حسب مؤشر مورجان ستانلي كابيتال إنترناشيونال اَسيا باسفيك إندكس. وتقول مجلة "الإيكونوميست" إن هذا المؤشر العريض لقياس قوة الأسهم الاَسيوية قد ارتفع بنسبة 131% في السنوات الثلاث الأخيرة متفوقا بذلك علي البورصات الأوروبية والأمريكية، كما ارتفع بنسبة 14% منذ مطلع 2006 حتي الاَن متفوقا علي البورصات الأمريكية وإن كان يأتي في المرتبة الثانية بعد بورصات أوروبا. ولا مناص من الاعتراف بأن الأسهم الاَسيوية صارت استثمارا مجزيا خصوصا مع استئناف النمو الاقتصادي العالمي وما صار يزخر به اقتصاد كل من الصين والهند من حيوية. كما استفادت الأسهم الاَسيوية من انخفاض أسعار الفائدة التي تمكن المستثمرين في مختلف أنحاء العالم من الاقتراض الرخيص والمخاطرة باستثمار قروضهم في الخارج.. ففي الشهور الأربعة الأولي من عام 2006 بلغ حجم الاستثمار الأجنبي في البورصات الاَسيوية 17 مليار دولار حسب أرقام سيتي جروب وهو عشرة أضعاف استثمارات نفس الفترة من العام الماضي. ويقول ماركوس روزجن خبير الأسهم الاَسيوية في سيتي جروب إن كل المؤشرات كانت متجهة إلي الصعود وإن المستثمرين كانوا جائعين لتحمل المزيد من المخاطر من أجل توظيف ما لديهم من سيولة فائضة خاصة مديري صناديق الاستثمار في دول الغرب الرأسمالي.. ولكن الوضع مرشح للتغير في الفترة القادمة، فأسعار الفائدة تتجه إلي الزيادة وهذا يعني اقتراب عصر القروض الرخيصة من نهايته.. كما أن أسعار الصادرات الاَسيوية اَخذة في الانخفاض وقيمة الدولار تتراجع بما يعني أن هذه الصادرات قد تقل في الفترة القادمة وتقل بالتالي هوامش أرباح الشركات، وإذا استمرت هذه التغيرات فإن المستثمرين الغربيين قد يسحبون أموالهم من البورصات الاَسيوية حتي لو استمرت اقتصادات اَسيا في النمو والانتعاش. والحقيقة أن الارتفاع بين النمو الاقتصادي وبين أداء البورصة في اَسيا أضعف منه في الغرب لأن كثيرا من الشركات الاَسيوية لاتزال إما مملوكة للدولة أو لفرد أو عائلة. ولذلك فإن نمو أرباح الشركات الاَسيوية المقيدة في البورصة كان دائما موضع تساؤل وعدم رضا.. فقد زادت هذه الأرباح 1.5% فقط في العام الماضي علي المستوي الاَسيوي كله عدا اليابان. ويتوقع أن تكون زيادتها هذا العام 9.4% وهي زيادة كبيرة ولكنها أقل مما كان متوقعا في بداية عام 2006 وهو ما يعني أن ارتفاع أسعار البترول والمدخلات عموما إلي جانب انخفاض أسعار الصادرات هو السبب وراء عدم تحقيق كل الارتفاع الذي كان متوقعا في أرباح الشركات الاَسيوية خلال العام الحالي.. ومع ذلك تقول الإيكونوميست إن الشركات الاَسيوية تدفع الاَن عوائد سخية علي الأسهم وأجورا عالية نسبيا وتنشط بينها عمليات الاندماج والاكتساب. وعموما فإن التقييمات المتفائلة تضع ذلك في الحساب، فماركوس روزجن يحدد نسبة السعر/الربح في الشركات الاَسيوية بنحو 12.5 في حين يحددها المحللون في ميريل لينش بنحو 14.5 أي أقل قليلا من النسبة الأمريكية البالغة 15 وذلك علي الرغم من أن الشركات الاَسيوية أقل استقرارا وأدني كفاءة في الإدارة. وإذا كانت الأسهم الاَسيوية استثمارا مربحا في السنوات الثلاث الأخيرة بالنسبة لكل المسثمرين فإن اتجاهها من السخونة إلي الالتهاب أمر يثير المخاوف.