رغم أنها أو ربما لأنها حصلت علي لقب أكبر شركة أمريكية من حيث الإيرادات والأرباح خلال عام 2005 فإنها لم تنج من مشاغبات رجال الكونجرس الذين عقدوا لها جلسة استماع في مارس الماضي وسألوها عن كل شيء من ارتفاع أسعار البنزين في الولاياتالمتحدة وحتي ارتفاع درجة حرارة الأرض.. ولكن ريكس تيللرسون الرئيس التنفيذي الجديد لشركة إكسون موبيل العملاقة وقف يرد بثبات علي كل الأسئلة مستخدما كل خبراته كرجل قضي حياته العملية كلها في عالم البترول. وتقول مجلة "فورتشن" إن إكسون موبيل أزاحت "وول مارت" من المركز الأول في قائمتها لأكبر 500 شركة أمريكية عن عام 2005 واحتلت هي مكان الصدارة وهو أمر لم يحدث منذ عام 2001.. وفي إجاباته عن أسئلة رجال الكونجرس قال تيللرسون إن اكسون موبيل لا تستثمر الكثير في مصادر الطاقة البديلة لأنها تستثمر بكثافة في مجال التنقيب عن البترول والغاز الطبيعي واستخراجهما وأن هذا هو مجال عملها الأساس.. ولم يهتز الرجل عندما قالوا له إن إكسون موبيل ربحت 36.1 مليار دولار عام 2005 علي حساب الأمريكي العادي الذي يدفع نحو 3 دولارات في جالون البنزين، وقال إن أرباح شركته تعود علي أكثر من مليوني شخص من حملة الأسهم ومن بينهم بعض رجال الكونجرس بل بعض أعضاء لجنة الاستماع التي كانت تسائله وهو النائب الجمهوري جون كيل. ومن المعروف أن تيللرسون 54 عاما كان قد تولي قيادة إكسون موبيل كرئيس تنفيذي في نهاية عام 2004 خلفا لرئيسها السابق لي رايموند وللأرقام هنا مغزاها الذي لا يخطئه الفهم السليم.. ففي عام 2005 حققت إكسون موبيل إيرادات حجمها 9.339 مليار دولار وأرباحا لم يسبق أن حققتها أي شركة أمريكية في التاريخ بل إن أرباحها تفوق مجموع أرباح الشركات الأربع التالية لها في قائمة فورتشن 500 وهي وول مارت وجنرال موتورز وشيفرون وفورد موتور علي الترتيب. وإكسون موبيل ليست أكبر شركة أمريكية فحسب ولكنها أيضا وبأي معيار أقوي الشركات الأمريكية علي الإطلاق.. ففي عام 2005 صارت قيمتها السوقية 375 مليار دولار متفوقة بذلك علي جنرال اليكتريك التي كانت تحتل المركز الأول من هذه الزاوية.. كذلك فإن إكسون موبيل موبيل تضخ يوميا من البترول والغاز ضعف إنتاج دولة الكويت كما أن لها احتياطيات من البترول والغاز في قارات العالم الست دون استثناء وهو امتياز لا تحظي به أي شركة غير حكومية علي ظهر كوكب الأرض. وتتوقع وول ستريت أن تنفق إكسون موبيل علي عمليات التنقيب والإنتاج 15 مليار دولار في العام الحالي 2006 وأن تعيد شراء ما قيمته 20 مليار دولار من أسهمها المتداولة في البورصات وأن توزع علي حملة الأسهم 8 مليارات دولار وذلك كله دون أن تمس رصيدها الهائل من السيولة البالغ حجمه 30 مليار دولار. وتقول مجلة "فورتشن" إن قوة إكسون موبيل الاَن تضاهي قوة شركة ستاندارد أويل التي كان يملكها جون روكفلر التي اضطرت الحكومة الأمريكية منذ مائة عام تقريبا إلي تقسيمها للحد من سطوتها وخرجت من عباءتها شركات إكسون وموبيل وشيفرون وكونكو وأموكو وكان تقسيمها إيذانا بميلاد عصر جديد في تنظيم صناعة البترول الأمريكية.. وليس من المستبعد أن تخضع إكسون موبيل لإجراءات تحد من سطوتها خصوصا أن تصاعد أرباحها يصاحبه تصاعد في نغمة العداء لما تمثله هذه الشركة من عدوان مستمر علي البيئة أينما وجدت وهي كما قلنا موجودة في قارات العالم الست. ولكن مجلة "فورتشن تنبهنا إلي أن الجزء الأهم من قوة إكسون موبيل يرجع إلي أن لديها أكفأ إدارة بين كل شركات البترول العالمية.. وعلي سبيل المثال فإن شركة شل تكافح دون جدوي لاستيعاض ما تضخه من بترول وغاز من احتياطياتها، أما إكسون موبيل فقد استعيضت في احتياطياتها كل ما أنتجته في الاثني عشر عاما الأخيرة وزيادة.. ومنذ عام 2004 أصبح سعر سهم إكسون موبيل أفضل أداء من سعر سهم بريتش بتروليوم وشيفرون. وغاية القول أن تصدر إكسون موبيل لقائمة فورتشن 500 عن عام 2005 ليس مجرد ثمرة طارئة لارتفاع أسعار البترول.. من المؤكد أن صعود سعر البرميل إلي 65 دولارا قد ساعدها جزئيا في تحقيق هذا الامتياز ولكن الشيء المؤكد أيضا أن الأسباب الحقيقية لهذه النجاحات تعود إلي قوة إدارتها ونظامها الصارم وقدرتها مثلا علي الاستغناء عن 10 اَلاف عامل منذ عام 2000 حتي الاَن علي الرغم من التصاعد الصاروخي في إيراداتها. ويقول تيللرسون إن ثقافة إكسون موبيل هي أهم أسرار نجاحها وهي ثقافة ليست جديدة ولا طارئة بل إنه عندما التحق بالشركة عام 1974 وجدها أمامه وهي ثقافة تنظر دائما إلي الأمام وتجعل النجاح سلما لتحقيق نجاح أكبر. وتيللرسون كما هو معروف مهندس مدني ولكن أيضا ماهر في التفاوض وعقد الصفقات البترولية وأهم التحديات أمامه هو تحقيق وعده بزيادة إنتاج إكسون موبيل من 4.1 مليون برميل يوميا في الوقت الراهن ليصبح 5 ملايين برميل يوميا مع حلول عام 2010.