واصل النفط في الأسواق العالمية ارتفاعه مع نهاية تعاملات الأسبوع الماضي والذي جري فيه تداول النفط الخام حول مستوي 76 دولارا للبرميل مقتربا من مستواه القياسي البالغ 78,77 دولار الذي سجله يوم الأربعاء بعد انخفاض أكبر من المتوقع في مخزونات الخام في الولاياتالمتحدة. واستأنفت صناديق ضخ الاستثمارات من صناديق المعاشات وصناديق التحوط علي السلع بما فيها النفط في الأشهر القليلة الماضية بعد توقف في وقت سابق هذا العام بسبب مخاوف تتعلق بسير الاقتصاد العالمي وازدهرت المضاربات في أسواق الطاقة في السنوات القليلة الماضية مع تطلع المستثمرين لتحقيق عائدات أعلي من التي يحققونها في أسواق الأسهم والسندات، ولكن لجنة التعاملات الآجلة في السلع الأولية قالت ان المضاربين في بورصة نايمكس الأميركية خفضوا الأسبوع المنتهي في 24 يوليو الماضي صافي حجم المراكز الدائنة مراهنين علي أن الأسعار ستنخفض. وتضخ منظمة البلدان المصدرة للبترول ''أوبك'' المسئولة عن ثلث النفط العالمي نفطا أقل بالمقارنة بعام 2006 بعد أن قررت خفض انتاجها، واتفقت أوبك علي خفض امداداتها بمقدار 1,7 مليون برميل يوميا أي بنحو ستة بالمئة العام الماضي علي مرحلتين، وبدأت المرحلة الثانية من الخفض في الأول من فبراير من العام الجاري، والتزمت الدول الأعضاء بخفض نحو 890 الف برميل يوميا من الحجم الذي تعهدوا به، ومن المقرر ان تعقد المنظمة اجتماعها المقبل في سبتمبر لتحديد سياسة الانتاج، ودعت الدول المستهلكة أوبك لضخ المزيد من النفط الخام للمساعدة في الحد من ارتفاع الأسعار لكن وزراء اوبك يصرون علي أن الامدادات كافية. وفي حين كانت الارتفاعات السابقة في الأسعار نتجت عن اضطرابات في الامدادات، فإن الطلب من دول مثل الصين والولاياتالمتحدة هو المحرك الرئيسي للارتفاعات الراهنة، وتباطؤ نمو الطلب العالمي بعد ارتفاعه في عام 2004 لكنه مستمر في الزيادة ولم يكن لارتفاع الأسعار حتي الآن أثر يذكر علي النمو الاقتصادي. ويقول المحللون إن العالم يتكيف بشكل جيد مع ارتفاع الأسعار الاسمية لأنها تعتبر أقل من المستويات السائدة في اوقات ارتفاع سابقة للاسعار إذا أخذت أسعار الصرف والتضخم في الاعتبار. وانخفضت امدادات الخام من نيجيريا ثامن أكبر مصدر للنفط في العالم منذ فبراير عام 2006 بسبب هجمات متشددين علي قطاع النفط في البلاد، واوردت الشركات تفاصيل وقف انتاج نحو 547 الف برميل يوميا من انتاج نيجيريا بسبب الهجمات وعمليات تخريب، ويمثل ذلك نحو 18 % من الطاقة الانتاجية للبلاد البالغة ثلاثة ملايين برميل يوميا. ومما زاد من اضطرابات السوق العالمية اختناقات المصافي الذي أدي بدوره إلي زيادة المخاوف من نقص امدادات الخام في الطاقة التكريرية، فالمصافي في الولاياتالمتحدة أكبر مستهلك للبنزين في العام واجهت صعوبات بسبب توقفات غير متوقعة هذا العام مما زاد من السحب من المخزونات قبيل موسم الصيف ذروة استهلاك وقود السيارات في السفر. وارتفعت مخزونات البنزين والمكثفات الأسبوع الماضي مع زيادة انتاج المصافي حسب تقرير حكومي أمريكي ولكن المخزونات ظلت أقل من مستواها قبل عام، والطاقة التكريرية محدودة بالفعل بسبب نقص الاستثمارات علي مدي سنوات، وتضرر قطاع النفط الأميركي من موسم الأعاصير عام ،2005 وتتوقع بعض هيئات الأرصاد موسم أعاصير قويا هذا العام. ويشعر مستهلكو النفط بالقلق بشأن تعطل الامدادات من إيران رابع أكبر مصدر له في العالم والمنخرطة في صراع مع الغرب بسبب برنامجها النووي، وتشتبه الحكومات الغربية في أن إيران تستخدم برنامجها النووي المدني كستار لتطوير سلاح نووي، وتنفي إيران ذلك قائلة انها تريد الطاقة النووية لانتاج الكهرباء. كما يجاهد العراق لتنشيط قطاع النفط، واستقرت الصادرات عند مستوي نحو 1,5 مليون برميل يوميا بالمقارنة بنحو 1,7 مليون برميل أو أكثر في عهد صدام حسين، وكانت عقود من العقوبات والحروب والافتقار للاستثمارات عطلت العراق عن اخراج نفطه من باطن الأرض وطرحه في الأسواق العالمية. ولم تصل مستويات الانتاج إلي ما كان مسؤولون بوزارة النفط هناك يأملون في تحقيقه، ولا يتمكن العراق كذلك من شحن النفط الخام بانتظام من حقوله الشمالية للتصدير من ميناء جيهان التركي بسبب هجمات علي خطوط أنابيب إلي تركيا.