يعد نشاط التأجير التمويلي أحد أهم أساليب الإقراض التي تستعين بها الأسواق الاستثمارية الناشئة نظراً لقيام فكرته الأساسية علي إقراض المستثمر بقرض عيني يتمثل في معدات الإنتاج التي تحتاجها استثماراته وهو ما يضمن للمقرض توجيه قرضه للإنتاج مباشرة علي عكس القرض المادي الذي تتوجه أحياناً السيولة فيه إلي مصادر أخري غير الإنتاج كما يسهل استرجاع قرض التأجير التمويلي العيني في حالة التعثر بالتحفظ علي المعدات المؤجرة مقارنة بمشكلات استرداد القرض المادي التقليدي، في هذا التحقيق حاولنا أن نسلط الضوء علي مدي نمو هذا القطاع التمويلي في مصر والذي مر أكثر من 10 سنوات علي صدور القانون المنظم له ولكن حجم تعاقداته علي أكثر من 11 مليار جنيه حتي عام 2004 طبقاً لبيانات وزارة الاستثمار رغم أن هناك 143 شركة تعمل في هذا المجال والتي تم قيدها في سجل المؤجرين التمويليين منذ عام 1996 وحتي نهاية يوليو الماضي. علي المستوي العالمي يبدو حجم نشاط التأجير التمويلي في مصر شديد الضآلة إذ تقدره دراسة للباحث أحمد شريف عمر ضمن سلسلة كتاب الأهرام الاقتصادي في عام 2003 ب 5.0% من حجم التأجير العالمي بالرغم من المزايا العديدة التي يتمتع بها في مواجهة الإقراض التقليدي إذ يمول هذا النظام كما توضح الدراسة 100% من ثمن الشراء الكلي بينما عادة ما تمول قروض البنوك ما بين 10 و30% كما أن سعر فائدة التأجير التمويلي ثابت بينما فائدة القرض البنكي متغيرة، هذا إلي جانب أن التأجير التمويلي لا يوجد به نفقات مستترة بينما التمويل البنكي به نفقات بنكية إضافة إلي أن عملية التأجير التمويلي تذكر خارج الميزانية العمومية وتعامل القيمة الإيجارية كمصروفات في قائمة الدخل بينما تظهر في القرض البنكي كالتزام طويل الأجل وتخصم من قائمة الدخل وهو ما يقوي موقف المقترض بنظام التأجير التمويلي أمام البنوك في حال طلبه للاقتراض منها لاستكمال مشروعه. كما تشير الدراسة إلي أن مدة التأجير التمويلي للمعدات تصل إلي 5 سنوات و7 سنوات بينما تقتصر علي 3 سنوات في القرض البنكي. حجمها محدود ويفسر محمد نبيل مدير الائتمان بشركة "أوريكس" للتأجير التمويلي سبب محدودية حجم نشاط التأجير التمويلي في مصر حيث يقول إن شركات التأجير التمويلي حرمت في بداية صدور القانون من تمويل السيارات عدا مجال سيارات النقل، وهو ما حرم هذه الشركات من تمويل أنشطة التسويق التي تعتمد علي السيارات الملاكي بشكل رئيسي وهو النشاط الذي يعد من الأنشطة الأساسية لقطاعات الاستثمار متوسطة وصغيرة الحجم التي تمثل قاعدة عريضة من عملاء التأجير التمويلي. ولم يسمح القانون بالدخول في مجال السيارات الملاكي إلا بعد تعديله في عام 2000 كما يشير نبيل بالإضافة إلي أن العدد الضخم المسجل رسمياً في قطاع التأجير التمويلي والذي تعدي ال 140 شركة لتمارس نسبة كبيرة منه هذا النشاط في الواقع إذ يرجح أن هذه الشركات تراجعت عن مزاولة النشاط تخوفاً من المخاطرة في الدخول في هذا المجال الجديد علي السوق. ويؤكد محمد نبيل علي أن عدد الشركات المؤثرة في هذا القطاع بشكل واضح لا يتعدي الشركات الخمس وهي إما تابعة لشركة عالمية أو تساهم فيها مؤسسات مالية أجنبية مشيراً إلي أن هناك ندرة في الشركات التابعة لمصانع المعدات والتي تعتمد في نشاطها علي تأجير منتجات هذه المصانع فهذه النوعية من الشركات علي حد قوله لا يوجد منها في مصر إلا شركة واحدة تتبع مصنع لإنتاج المولدات بينما تعتمد الاقتصادات العالمية علي هذه النمط من الشركات لتطوير صناعات المعدات الإنتاجية. وفي ظل محدودية الشركات المؤثرة بالسوق يشير نبيل إلي توجه العديد من الشركات غير المسجلة في نشاط التأجير التمويلي للإعلان عن بيع سلعها بنظام التأجير التمويلي إلا أنها في الحقيقة تبيع السلع بالتقسيط. وعن أبرز القطاعات التي نجح التأجير التمويلي في تحقيق تواجد ملموس بها يقول محمد نبيل إنها قطاع صناعة الغزل والنسيج والذي عزفت عن تمويله البنوك لأسباب غير واضحة وكذلك قطاع الطباعة والصناعات البلاستيكية وماكينات التصوير. ويلفت نبيل إلي أن نظام التأجير التمويلي نجح في تحجيم حالات التعثر لقدرته علي ايجاد نظام مرن في السداد يتم فيه حساب قيمة متغثرة للقسط تتزامن مع مواسم التصدير أو مواسم الحصاد بالنسبة للقطاع الزراعي.