اثارت المجالس المحلية بعد ثورة 25 يناير جدلا واسعا لما لها من عبء في مناهضة مبادئ الثورة وتقويضها لذلك دئب العديد من النشطاء السياسين علي المطالبة بحلها لقطع الطريق علي فلول النظام السابق في استخدام مواقعهم داخلها للعودة الي الوراء وضرب اي انجاز للثورة وعندما حكمت محكمة القضاء الاداري بحل المجالس المحلية استندت في منطوق حكمها الي ان هذه المجالس لم تنهض بما هو مطلوب منها تجاه الوطن ودب الفساد جنباتها وانتشرت الرشاوي لانجاز المصالح الخاصة بالمواطنين وعم الجهل والمرض الغالبية العظمي من الشعب بعد ان اهملت المجالس المحلية انجاز اي اعمال ترفع من شان المواطنين واضاف الحكم انه ثبت فشل سياسة المحافظات في توصيل خدمات مرافق الدولة وانتشرت العشوائيات في كل مكان وكل مدن مصر واصبحت تمثل خطرا داهما وانهارت اسس التخطيط العمراني وضربت فوضي المرور والمركبات في شوارع الوطن . لا يمكن اغفال قانون الادارة المحلية رقم 43 لسنة 1979 في ترسيخ الفساد فهو قانون معيب ويشوبه الكثير من الخلل وبالتالي فإن أي تعديل قد يطرأ عليه "حق يراد به باطل" ومصر لن تنجح في تحقيق اللامركزية إلا بتغييرات جذرية ضرورية يكون الحكم المحلي فيها قائماً علي قاعدة بالانتخاب المباشر من القاعدة إلي القمة وتدشين لقانون جديد للحكم المحلي من شانه تحقيق التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية والإشراف والرقابةعلي الاسعار والمخابز والاسواق والجمعيات الاستهلاكية وكل ما يعني بالمحليات وتحقيق التطوير المنشود وكذا تغيير اختصاصاتها مع الاستفادة ببعض الاختصاصات الايجابية التي وردت في القانون مع إضافة وإستحداث اختصاصات أخري في ظل قانون جديد.. وقد ادي تطبيق نظام الادارة المحلية لا الحكم المحلي في مصر للوصول الي هذا الوضع المتردي ولتحقيق مبدا اللامركزية لابد ان تنتقل سلطة البت في بعض الامور الي هيئات تتمتع بنوع من الاستقلال تجاه السلطة المركزية "الحكومة"التي يتسع اختصاصها كل اقاليم الدولة وتكون السمة المميزة للنظام المحلي الذي يعد من اهم ضماناته تمتعه بالشخصية المعنوية ، عدم ارتباطه بالسلطة المركزية بتبعية مطلقة ، وانما يخضع فقط لنوع من الرقابة او الوصاية الادارية فقط. ويري بعد خبراء التنمية المحلية انه لايمكن تصور قيام نظام محلي لامركزي مطلق او دولة تقوم علي النظام المركزي المطلق ، فالدول الحديثة تحتاج الي الاسلوبين معا رغم تعارضهما في الظاهر اذ لايمكن حصر جميع مظاهر الوظيفة الادارية في يد السلطة المركزية ، وذلك بسبب اتساع نشاط الدولة وتعقد الحياة فيها ، مما يقتضي التخفيف عن كاهل الدولة كما ان تطبيق مبدا الديمقراطية يستلزم ان يساهم المواطنين في ادارة المرافق التي تهمهم . لذلك يعرف المتخصصون في التنمية المحلية نظام الحكم المحلي بأنه حكم ذاتي محلي يتعلق بنطاق الادارة فقط دون التشريع فهو نوع من الحكومة التي تخدم مساحة صغيرة عن طريق ممارستها لسلطات مفوض بها فهي حكومات لاتصدر قوانين بل تطبق القوانين التي تشرعها سلطة اعلي في الدولة التي تبسط سيادتها علي مجموع الاراضي الداخلية في حدود ما تقرره السلطة التشريعية او دستور الدولة وتحت اشراف ورقابة الحكومة المركزية. انماط متشابهة والحكم المحلي يساهم في تنوع اساليب الادارة تبعا للظروف المحلية و تضع الادارة المركزية انماطا متشابهة تطبق علي كل المواطنين في جميع انحاء البلاد وذلك ياتي بالتدريب علي اساليب الحكم والعدالة في توزيع الأعباء المالية وتبسيط الاجراءات والقضاء علي الروتين لتحل المشكلات المحلية محليا بدلا من الرجوع الي الحكومة المركزية في العاصمة . ولابد من منح الشخصية المعنوية للاقاليم وبعض المناطق والاقسام كي تتمكن من ممارسة نشاطها المحلي في وجود هيئات منتخبة تمثل السكان المحليين لتمكينهم من عملية الرقابة بهدف تدعيم النظام الديمقراطي وتنمية الوعي السياسي لدي المواطنين وازالة التعارض بين السلطة والحرية والاسراع في مواجهة الازمات والكوارث وتحقيق فاعلية الوظيفة الادارية والحد من البيروقراطية الادارية لتسهيل القيام بالاصلاحي الاداري والاقتصادي وتحقيق العدالة في توزيع الاعباء لتطبيق مبدأ المشاركة الشعبية . التبعية المذدوجة وقد افرغت المجالس المحلية في مصر من مضمونها بعد سنة 1981 عندما سحب منها حق الاستجواب وسحب الثقة من المسئول التنفيذي وتقلص دورها الي اصدار توصيات يؤخذ بها ام لا واستبدل الحكم المحلي بالادارة المحلية الامر الذي خلق نوعا من التبعية المزدوجة للجهاز التنفيذي بين الوزارات المختصة والمحافظ وأثر ذلك علي وجود خلل حقيقي في أليات وسلطات ذلك الجهاز في القدرة علي إتخاذ قرارات حقيقية يستطيع تنفيذها ، مما يجعلنا نسأل عن مدي قوة وفعالية السلطة «المحافظ». لذلك فان الضرورة تحتم عودة العمل بنظام الحكم المحلي التي تقوم بالرقابة الشعبية علي الجهات التنفيذية والجمعيات الاستهلاكية وتراقب الاسعار وتقوم بالتفتيش علي الافران حيث اصبح عضو المجلس الشعبي المحلي في نظام الادارة المحلية عبارة عن موظف بسبب سحب اختصاصاته في الرقابة فلابد من رد الشئ الي اصله لان المجالس المحلية هي معمل تفرخ سياسي لمجلس الشعب فهو اشبه بمدرسة لصناعة الكوادر السياسية . وتنفيذا لقرار حل المجالس الشعبية المحلية الذي أصدرته محكمة القضاء الإداري وتم تطبيقه بإصدار المجلس العسكري مرسوم بقانون رقم 116 لسنة 2011 بحل المجالس الشعبية المحلية وتشكيل مجالس مؤقتة، قام وزير التنمية الإدارية المستشار محمد عطية بارسال إستمارات الترشيح لعضوية المجالس المحلية المؤقتة بالمحافظات مرفق بها نص مرسوم تشكيل اللجان المؤقتة الصادر في 4 سبتمبر الماضي علي إن يتم الإنتهاء من المجالس المحلية المؤقتة قبل البدء في الإنتخابات البرلمانية القادمة و يتم تشكيل لجنة لإختيار أكفأ العناصر من القضاة وأساتذة الجامعات بالإضافة إلي ممثل عن المرأة وممثل عن الشباب للعمل بالمجالس المحلية المؤقتة وذلك بناء علي معايير معينة أهمها النزاهةعلي أن يضم المجلس المحلي للمحافظات الكبيرة 20 عضوا وتشكل المجالس المحلية للمحافظات الأصغر من 10 أعضاء فقط.. واقد دفع هذا الاعلان بعض اللجان الشعبية الي الاعتراض علي مرسوم القرار بتشكيل اللجان المحلية من اساتذة الجامعة لكونهم فئة نخبوية غير مؤهلة للتعامل مع المواطنين لعدم خبرتهم في المشكلات المحلية الامر الذي اعتبره بعض خبراء المحليات غير الشرعي مشككين في شرعية هذه اللجان واصفين هذا القرار بوضع العربة امام الحصان طريق التعيين ونبه خالد عبد الحميد السيد عضو مجلس محلي محافظة اسيوط سابقا عن حزب التجمع بأن اللجان الموقتة التي سيتم تشكيلها سيكون محكوم عليها بالفشل حيث لايمكن ان تقوم بدور المجالس المنتخبة حيث جاءت عن طريق التعيين مما سيؤدي الي الطعن عليها بعدم الدستورية مضيفا انها لاتمثل جموع المواطنين اصحاب المشكلة المحلية لان ممثلهم ليس من نفس الحي او المنطقة. واصفا قرار تشكيل هذه اللجان بانه استعجال لا مبرر له خاصة في ظل عدم وجود اي اختصاصات لها للعمل بدل المجالس التي فرغت من مضمونها واصبحت قراراتها توصية ياخذ بها المسئول التنفيذي او لا. فيما اعتبر عبد الحميد كمال خبير المحليات، عضو مجلس الشعب السابق تشكيل هذه اللجان ضروري لعدم تعرض مصالح المواطنين للتعطيل خصوصا ان القانون 43 لسنة 1979 يشترط عرض الميزانية والمشروعات علي المجالس واشترط ان تمثل هذه اللجان من قيادات طبيعية وشعبية وممثلين عن الاحزاب حتي تعطي لها الشرعية المعبرة عن المواطنين. وطالب بتعديل قانون الادارة المحلية الحالي بمايسمح بعودة حق الاستجواب الي العضو مرة اخري وانتخاب الادارات المحلية انتخابات نزيهة وان يكون منصب المحافظ بالانتخاب وتحدد دورة المحافظين بمدة زمنية من اربع الي خمس سنوات فقط وان يخضعوا للتقييم والمسالة والمحاسبة وان يكون من ابناء الاقليم وتقديم برنامج ورؤية لادارة المحافظة قبل ترشحه للمنصب. وشدد كمال علي ضرورة استحداث مجلس حكم محلي للمحافظة يكون تحت مسمي ( المجلس الأعلي للحكم المحلي بالمحافظة ) برئاسة المحافظ المنتخب و ستة أعضاء و ينتخب الأعضاء الستة من القاعدة العامة للمواطنين باقتراع سري مباشر بصناديق الانتخاب كل 4 سنوات وتشكيل هيئة للرقابة المحلية للمحافظة تنتخب عضوا عن كل مدينة بالمحافظة عدد نسماتها 5 ملايين أو أكثر و 15 عضوا عن كل مدينة بالمحافظة في حالة أن يكون عددها من 2 مليون الي 4 ملايين نسمة و 10 أعضاء عن كل مدينة بالمحافظة في حالة ما إذا كان عدد نسمات المحافظة لا يتجاوز 2 مليون علي ان يكون الثلث من العمال والفلاحين وينتخب في كل مدينة مجلس حكم محلي للمدينة او للقرية طبقاً لقاعدة أعداد المواطنين باقتراع سري مباشر بالمدينة . علي ان يتكون المجلس الاعلي للحكم المحلي من المحافظين وأعضاء مجالس الحكم وعضوية الوزير المختص لشئون التنمية والحكم المحلي ومندوباً عن رئاسة الجمهورية وأيضا مندوباً عن الأمن القومي ومندوباً من وزارة الدفاع ومندوباً عن مجلسي الشعب والشوري ومندوبا عن وزارة الداخلية وثلاثة من أعضاء منظمات المجتمع المدني وثلاثة أعضاء من الشخصيات العامة. النقابات المستقلة وذكر حسن احمد عضو مجلس محلي مركز ومدينة الفيوم ان فساد المحليات اكبر من عدد اعضائها حيث لم يتغير اي شئ في وضع هذه المجالس بعد حلها خاصة في ظل اللجان التي سيتم تشكيلها من اساتذة الجامعة بطريقة نخبوية وليس لديهم خبرة بالعمل المحلي او العام.. ودعا حسن إلي ضم بعض الكوادر من النقابات المستقلة الي اللجان التي سيتم تشكيلها بشكل ديمقراطي حتي تكون اساس لتقوية المجالس لانهما اجدر علي العمل الشعبي من خلال تمرسهم علي التعبير عن مشكلات مجتمعهم العملي. لكن ما هي الاليات التي يمكن من خلالها القضاء علي فساد المحليات؟ هل هو تغير القانون وحده او اعداد كوادرمحلية بالتدريب وانشاء معاهد للادارة المحلية او ربما قديكون الحل في استقطاب او الاسترشاد ببعض النماذج كالتجربة التركية او الماليزية التي استطاع من خلالها القضاء علي الفساد واعادة بناء الدولة. العنصر البشري يري د سمير عبد الوهاب استاذ التنمية الادارية بكلية السياسة والاقتصاد جامعة القاهرة ان استقطاب بعض تجارب الامم الاخري ليس بالضرورة تكون ناجحة في مصر لكن يمكن استغلال العنصر البشري من خلال التدريب المستمر وتنظيم البرامج التي تؤهلهم الي العمل في الادارة المحلية كالدبلومات ويمكن التعاون مع الجامعات المصرية للاستفادة منها في هذا المجال و لكن علينا القضاء علي فساد المحليات عن طريق تشكيل مجالس محلية قوية من ناحية الشكل والاختصاصات تعكس الثقة بين المواطنين وممثليهم تمارس دور رقابي فعال مبينا ان ذلك لايتحقق الا من خلال تكامل اجهزة الدولة الاخري في مكافحة الفساد والكشف والمحاسبة والابلاغ عنه وتحديد صفة منصب المحافظ الذي يجمع بين وظيفة تنفيذية وصفة سياسية وان يكون لديه الماما بالعمل بالإدارات المحلية وعلي علاقة بإدارات الوزارات المختلفة.