بأمر من بوتين.. طائرات روسية متطورة وفرق إنقاذ تصل إيران للعثور على مروحية رئيسي    نادي الزمالك يشكر الرئيس السيسي بعد الفوز ببطولة الكونفدرالية    عبدالملك: المثلوثي وزيزو من نجوم الكونفدرالية.. وهدف الجزيري في الذهاب وراء التتويج    اليوم.. البنك المركزي يطرح سندات خزانة بقيمة 9 مليار    قبل إغلاقها.. منح دراسية في الخارج للطلاب المصريين في اليابان وألمانيا 2024    الكرملين: بوتين يتابع عن كثب تطورات حادث مروحية الرئيس الإيرانى    قلق خليجي بشأن الطائرة المروحيّة التي تقل الرئيس الإيراني    إعلام إيراني: فرق الإنقاذ تقترب من الوصول إلى موقع تحطم طائرة الرئيس الإيراني    "علامة استفهام".. تعليق مهم ل أديب على سقوط مروحية الرئيس الإيراني    استشهاد رائد الحوسبة العربية الحاج "صادق الشرقاوي "بمعتقله نتيجة القتل الطبي    عيار 21 الآن بعد الارتفاع الكبير.. سعر الذهب بالمصنعية اليوم الإثنين 20 مايو بالصاغة    «مسكت المنتخب ليه؟».. حسن شحاتة يهاجم حسام حسن بسبب تصريحاته    لبيب: نملك جهاز فني على مستوى عال.. ونعمل مخلصين لإسعاد جماهير الزمالك    الشماريخ تعرض 6 لاعبين بالزمالك للمساءلة القانونية عقب نهائي الكونفدرالية    اليوم.. علي معلول يخضع لعملية جراحية في وتر أكيليس    استعدادات عيد الأضحى في قطر 2024: تواريخ الإجازة وتقاليد الاحتفال    مصدر أمني يكشف حقيقة حدوث سرقات بالمطارات المصرية    درجة الحرارة تصل ل 41.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق داخل مدرسة في البدرشين    جريمة بشعة تهز المنيا.. العثور على جثة فتاة محروقة في مقابر الشيخ عطا ببني مزار    نشرة منتصف الليل| تحذير من الأرصاد بشأن الموجة الحارة.. وتحرك برلماني جديد بسبب قانون الإيجار القديم    الإعلامية ريهام عياد تعلن طلاقها    د.حماد عبدالله يكتب: العودة إلى الماضى والنظر إلى المستقبل    عمرو أديب عن جلسة أوبر أمام البرلمان: احترموا مشاعر المصريين    تعرف على أهمية تناول الكالسيوم وفوائدة للصحة العامة    كلية التربية النوعية بطنطا تختتم فعاليات مشروعات التخرج للطلاب    الصحة: طبيب الأسرة ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الأولية    جوميز: المباراة كانت صعبة جدا وأهنئ نهضة بركان لأنهم وضعونا فى أزمات    عواد بعد التتويج بالكونفدرالية: سأرحل بطلًا إذا لم أجدد مع الزمالك    بعد الموافقة عليه.. ما أهداف قانون المنشآت الصحية الذي أقره مجلس النواب؟    مستشار اتحاد الصناعات: على الدولة إعادة النظر في دورها من مشغل إلى منظم    الشرق الأوسط بات على شفير الهاوية.. ومقاربة واشنطن المضلّلة    شيخ الأزهر بالفارسية: نتضامن مع إيران وندعو الله أن يحيط الرئيس ومرافقيه بحفظه    العراق: المفاوضات مع الشركات النفطية الأجنبية بإقليم كردستان لم تحقق أي تقدم    تقرير رسمى يرصد 8 إيجابيات لتحرير سعر الصرف    اليوم.. محاكمة طبيب وآخرين متهمين بإجراء عمليات إجهاض للسيدات في الجيزة    اليوم.. محاكمة 13 متهما بقتل شقيقين بمنطقة بولاق الدكرور    النائب أحمد الشرقاوي: قانون إدارة المنشآت الصحية يحتاج إلى حوار مجتمعي    ارتفاع كبير في سعر الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 20 مايو 2024    نقيب الأطباء: قانون إدارة المنشآت الصحية يتيح الاستغناء عن 75% من العاملين    مقرر لجنة الاستثمار بالحوار الوطنى: مصر أنفقت 10 تريليونات جنيه على البنية التحتية    خبيرة ل قصواء الخلالى: نأمل فى أن يكون الاقتصاد المصرى منتجا يقوم على نفسه    حظك اليوم برج الدلو الاثنين 20-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    عمر الشناوي: لو تم تجسيد سيرة جدي سيكون الأقرب للشخصية إياد نصار أو باسل خياط    منسق الجالية المصرية في قيرغيزستان يكشف حقيقة هجوم أكثر من 700 شخص على المصريين    عالم بالأوقاف يكشف فضل صيام التسع الأوائل من ذي الحجة    حتى يكون لها ظهير صناعي.. "تعليم النواب" توصي بعدم إنشاء أي جامعات تكنولوجية جديدة    مسؤول بمبادرة ابدأ: تهيئة مناخ الاستثمار من أهم الأدوار وتسهيل الحصول على التراخيص    أيمن محسب: قانون إدارة المنشآت الصحية لن يمس حقوق منتفعى التأمين الصحى الشامل    تقديم الخدمات الطبية ل1528مواطناً بقافلة مجانية بقلين فى كفر الشيخ    أتزوج أم أجعل أمى تحج؟.. وعالم بالأوقاف يجيب    طقس سيئ وارتفاع في درجات الحرارة.. بماذا دعا الرسول في الجو الحار؟    وزير الأوقاف: الخطاب الديني ليس بعيدًا عن قضايا المجتمع .. وخطب الجمعة تناولت التنمر وحقوق العمال    متحور كورونا الجديد.. مستشار الرئيس يؤكد: لا مبرر للقلق    هل يجوز الحج أو العمرة بالأمول المودعة بالبنوك؟.. أمينة الفتوى تُجيب    نائب رئيس جامعة الأزهر يتفقد امتحانات الدراسات العليا بقطاع كليات الطب    حكم إعطاء غير المسلم من لحم الأضحية.. الإفتاء توضح    «المريض هيشحت السرير».. نائب ينتقد «مشاركة القطاع الخاص في إدارة المستشفيات»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر والثورة .. واليسار
نشر في الأهالي يوم 20 - 04 - 2011

مصر في حالة ثورة ...واليسار - في مصر بل وفي الوطن العربي علي اتساعه - في ركود. هذه هي الصورة السائدة في اذهان الغالبية العظمي من المصريين المعنيين بالأمر وبصفة خاصة اليساريون منهم.
وقد يكون جانب من هذه الصورة صحيحا أو علي الأقل لا يفتقر الي الدقة. ولكن الحقيقة علي ارض الواقع لا تتطابق مع هذه الصورة. من ناحية لان اليسار مشارك فعال في هذه الثورة وبالتحديد في صنعها. ولابد من الإقرار بحقيقة أن اليسار المصري شارك في صنع الثورة دون أن يحاول - حتي مجرد محاولة - ان يفرض عليها ايديولوجيته (الماركسية) ودون ان يفرض عليها اهدافه. الامر الذي برأ الثورة من الالتزام بأي ايديولوجية محددة وجعلها مفتوحة للتيارات الفكرية المتباينة والتي تلتقي مع الثورة في كثير من دوافعها واهدافها. اذا ما تساءلنا عن نصيب الثورة من اليسار استطعنا ان نجيب بان اليسار المصري ساهم في صنعها بالمشاركة المباشرة من الشباب المصري الذي يعتنق الفكر اليساري وأهداف اليسار (الماركسي). وليس خافيا أو مخفيا لاي سبب ان الشيوعيين المصريين والشيوعيين الثوريين ساهموا بنصيب في صنع الثورة كما ساهموا بنصيب في اطلاع العالم الخارجي علي حقائقها وأهدافها بعد ان انطلقت ولم تعد سرا. وفضلا عن هذا فإن ارهاصات الثورة في مصر لفترة تزيد علي اربع سنوات سابقة علي تاريخ 25 يناير 2011 اعتمدت اكثر ما اعتمدت علي انتفاضات واحتجاجات واعتصامات الطبقة العاملة المصرية في نقط تركزها الكثيف في المدن الصناعية (المحلة الكبري مثلا).
واذا ما تساءلنا عن نصيب اليسار من الثورة فإن اقرب الإجابات عن هذا التساؤل تؤكد مباشرة ان اليسار كان من اوائل المجموعات المشاركة في الثورة من حيث الاستجابة لقرارها المهم بفتح الأبواب امام تشكيل أحزاب جديدة بلا حدود ولا قيود - خاصة القيود الأمنية التي كثيرا ما اصابت اليسار بالأذي والضرر المادي فضلا عن السياسي. ومن المؤكد ايضا ان اقدام اليساريين المصريين علي التقدم لانشاء أحزاب جديد انما يهدف اول ما يهدف الي تنشيط اليسار نفسه وتنشيط الاهتمام باليسار لدي الجماهير المصرية ولدي الناخبين بعد فترة فتور ليست بالقصيرة. ولعله ليس من المناسب هنا أن ننسي ان الثورة عينت وزيرا في حكومتها التي اختير رئيس وزرائها من جماهير ميدان التحرير وزيرا - علي الاقل - ينتمي لليسار منذ سنوات طويلة (د. جودة عبدالخالق ) وكان اختيارا مقصودا ليس بانتماء هذا الوزير الفكري فحسب انما ايضا اعتبارا لخبرته كاستاذ للاقتصاد.
ومن وجهة نظر يسارية بحتة فإن الثورة واليسار - علي الاقل كمصطلحين - هما مترادفان. وهذا صحيح تاريخيا ربما باستثناء وحيد هو الثورة الإسلامية في إيران. ويمكن ان نضيف الي هذه النقطة - ومن وجهة نظر يسارية ايضا - فانه لولا اليسار ما كان لهذه الثورة ان تكون ما هي بالفعل وربما اكتسبت طبيعة مختلفة وحددت لنفسها أهدافا مغايرة. مع ذلك فإن العلاقة بين الثورة واليسار لا يزال يكتنفها بعض الغموض. وهذا علي الرغم من - اوربما لان اليسار ليست له اي تحفظات اساسية علي الثورة مبادئها ودوافعها واهدافها - وان كان بعض اليسار قد ابدي تحفظات محددة ظهرت في صورة خطاب مفتوح وجهه د. رفعت السعيد رئيس حزب التجمع الي المجلس الأعلي للقوات المسلحة. (نشر هذا الخطاب كاملا في "الاهالي" يوم13 ابريل الحالي). ولعل من الضروري إعادة التأكيد علي أن تلك التحفظات التي وصفها د. السعيد في بداية خطابه بانها "ملاحظات انتقادية لما يجري"، فهي ليست تحفظات علي مناهج الثورة الاساسية ولا علي اهدافها.
مع ذلك فان ثورة مصر تؤكد من خلال تنبيهات واشارات ودلالات اخري انها - بالضرورة - ثورة يسارية. واستخدامنا هنا لكلمة يسارية هو بالمعني الاوسع لكن بداية فانها ثورة قامت لاسقاط نظام يميني بكل المعاني، اقتصادية وسياسية واجتماعية وثقافية. فالنظام القديم انحرف بمصر ناحية اليمين عربيا واقليميا وعالميا، الأمر الذي تسبب في كل المآسي التي ألمت بالجموع الغفيرة من الشعب المصري فأوقعته في هوة الفقر الي حد الجوع، وإلي حد أخاف النظام في اوقات كثيرة من "ثورة الجياع". والنظام القديم انحرف بمصر داخليا نحو الانحياز التام للاغنياء واقام التحالف العدواني بين الاثرياء واصحاب السلطة، فابعد المال والسلطة حتي عن ايدي الطبقة المتوسطة فضلا عن العمال والفلاحين والفقراء بصورة عامة.
والثورة - بالإضافة الي هذا - وضعت علي رأس مطالبها العدالة الاجتماعية. وهذا مطلب يساري بالتأكيد، ويفقد معناه في ظل نظام يرعي ويراعي مصالح رجال الاعمال - من الداخل ومن الخارج - لقد تحالف النظام الذي قامت الثورة اساسا لإسقاطه مع راس المال الاجنبي والمحلي دون اعتبار لانعكاسات ذلك التحالف علي الطبقات والفئات الشعبية.
إن الغالبية العظمي من اللافتات التي رفعها المشاركون في احتجاجات الثورة كانت تحمل عبارات ضد الفقر بالاعداد نفسها التي كانت تحمل شعارات ضد النظام .. حتي ليمكن أن نقول إن الثورة ارادت ان تسقط نظام الفقر. وقريبا من هذا المعني كان مطلب اخر للثورة يحمل شعار المساواة. والمساواة تعبير يساري حتي وان كان التعبير نفسه اقدم من تعبير اليسار في الاستخدام. وبقدر ما كان تعبير المساواة كمطلب للثورة المصرية مشهودا في الميادين كانت الشعارات ضد الفساد مشهودة بالقدر نفسه. وفي حالة مصر بالتحديد - وقد يكون ايضا في حالات عربية كثيرة - فإن الفساد هو احد اعراض التحالف بين الثروة والسلطة وامتدادات تأثير ذلك التحالف الي الطبقات والفئات الادني تعويضا عن فقرها وحاجتها، حتي ان الرشوة الصغيرة كانت تقليدا للرشوة الكبيرة واستنادا من جانب المحكومين الي وجود الرشوة الكبيرة في أيدي الحكام و صحيح ان الفساد ليس ظاهرة يمينية بالمعني السياسي للكلمة، فأحيانا ما يسبق الفساد إلي الدخول في أنظمة يسارية ليمهد لسقوطها، لكن الفساد في مصر كان احد ظواهر سيطرة اليمين سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وقد تمكن خلال اكثر من اربعين عاما من ان يهيمن ويصبح وسيلة للاثراء والحكم وفي الوقت نفسه وسيلة لحقن السموم في الطبقات والفئات الدنيا الي حد الادمان. لهذا فان الفساد في مصر يميني ومقاومته بهدف قتله يكون بالاتجاه يسارا. حينما يكون الفساد يمينيا يكون سلاح القضاء عليه بالضرورة يساريا.
الثورة المصرية يسارية بالضرورة بحكم مطالبها الاساسية وبحكم موقعها من السطوات الداخلية والخارجية. ونستطيع الجزم بانها لابد ان تسير في اتجاه اليسار لكي تستمر وتنجح في تحقيق مطالبها واهدافها.
ومن المؤكد ان تيارات التأثر والتأثير بين الثورة المصرية والثورات العربية التي تلحق بها ستكون بدورها في اتجاه اليسار. واذا اخذنا في الاعتبار حقيقة ان التقدم التكنولوجي لعب دورا اساسيا في الاعداد للثورة المصرية، من خلال الدور الخلاق الذي اداه الشباب، فان الثورة مطالبة ايضا بان تحافظ علي هذا الارتباط بالعلم والتكنولوجيا في تطورهما السريع والجامح ... وهذا بدوره مطلب يساري في عالم بدأ يدرك استحالة حصر الاستفادة بالعلم والتكنولوجيا في اطار طبقة حاكمة او ثرية او هما معا الاثرياء.
تبقي نقطة نعتقد ان لها اهميتها في الوقت الحاضر وستكون لها تأثيراتها في المستقبل - مستقبل الثورة ومستقبل اليسار - ان دور اليسار المصري، علي الرغم من مشاركته الاكيدة والكبيرة في صنع الثورة - لم يدخل بعد بثقله في الحوار السياسي الوطني الذي اكدت كل القوي السياسية ايمانها بضرورته كاسلوب رفيع المستوي لتحديد مسار - بالاحري مسارات - الثورة علي طريق التطور ...طريق تحقيق الاهداف العليا لمصر في المرحلة التي تبدأ عندما تنتهي الفترة الانتقالية.
ان لليسار المصري تاريخا نضاليا تتاكد به قدرته التي تفوق قدرات القوي الفكرية والسياسية الاخري علي اكساب الحوار الوطني في هذه المرحلة قوة وقدرة لصالح الاغلبية الساحقة من شعب مصر. وهذا بدوره ينبيء بما يستطيع اليسار ان يكسبه من تأييد الجماهير المصرية التي حجبت عنها طوال اكثر من خمسين عاما نضالات اليسار المصري من اجل حقوقها المادية والسياسية والاجتماعية والثقافية.
نجاح الثورة نجاح لليسار وارتفاع شان اليسار يكسب الثورة المزيد والمزيد من القوة والقدرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.