تعديلات قانون الاستثمار تفضح الحكومة قصر الطعون على الحكومة والمستثمر فى العقود يقنن الفساد تقرير : حسين البطراوى يبدو أن لعنة الخصخصة مازالت تطارد الحكومات المصرية المتعاقبة.. ما بين فساد في عمليات البيع، وأخيرا محاولات للتستر علي الفساد في العمليات السابقة واللاحقة ايضا، تحت دعاوي جذب الاستثمار في مصر وحماية المستثمرين. وبحسب أسامة صالح، وزير الاستثمار في حكومة د. حازم الببلاوي المستقيلة، فقد اعتمد مجلس الوزراء – قبل رحيله- تعديلات قانون الاستثمار، وتم رفعها إلي رئيس الجمهورية، المستشار عدلي منصور لإصدارها.. دون تحديد إطار زمني لإصدار هذه التعديلات. لكن من المتوقع إصدارها قريبا.. رغم تغيير الحكومة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة المهندس إبراهيم محلب.. فالسياسات الاقتصادية والانحياز لرجال الأعمال والمستثمرين هو الاتجاه السائد في مصر منذ تطبيق ما يسمي بالانفتاح الاقتصادي في مصر. التعديلات الجديدة في قانون ضمانات وحوافز الاستثمار اشتملت علي تخفيض الرسوم المقررة علي دخول وخروج السلع اللازمة للتصنيع والتجميع في المناطق الحرة، وإطلاق الجهات صاحبة الولاية علي أراضي الدولة في التصرف بالأراضي التابعة لها، وفق ضوابط يحددها مجلس الوزراء. إضافة إلي موافقة وزارة الاستثمار قبل مباشرة أي إجراءات تحقيق تجاه المستثمر في الجرائم التي يرتكبها خلال مباشرة عمله، مهتديا بقانون البنك المركزي!! وأخطر هذه التعديلات قصر الطعون علي العقود المبرمة من بعض أجهزة الدولة وشركات قطاع الأعمال العام علي طرفيها فقط، أي الدولة والمستثمر، علي أن تتولي النيابة العامة التحقيق في حالة وجود شبهة فساد، وهو التعديل الأخطر، وجاء استجابة لطلب رجال الأعمال خاصة الخليجيين، بعد ثورة 30 يونيو، معتمدين علي المساعدات العربية التي قدمتها السعودية والإمارات والكويت لمصر بعد عزل محمد مرسي. وكانت ساحة القضاء الإداري قد شهدت في أعقاب ثورة 25 يناير، العديد من القضايا، وحكم فيها بإلزام الحكومة بفسخ صفقات وقعتها حكومات مبارك، وعودة هذه الشركات للدولة، منها عمر افندي والمراجل البخارية وطنطا للكتان ونوباسيد، بالإضافة إلي عشرات القضايا التي تنتظر الحكم رفعها محامون ونشطاء زعموا وجود فساد في عقود بيع هذه الشركات. لكن اللافت للنظر أن قرارات المحاكم تلزم الدولة بفسخ العقود، دون فتح تحقيق مع المسئولين عن عمليات الفساد في بيع هذه الشركات ، وأدت هذه الأحكام إلي الاضرار بمناخ الاستثمار في مصر، وتراجع معدلات الاستثمار في ظل تخوف المستثمرين من الدخول في قضايا ومشكلات قانونية تعطل المشروعات وتكبدهم الملايين. وكان أسامة صلاح، قد صرح بأن هذه التعديلات تجنب مصر خطورة لجوء بعض المستثمرين للتحكيم الدولي بعد صدور أحكام بعودة الشركات إلي الدولة، وهو ما لا تتحمله مصر في الفترة الراهنة. وأشار صالح إلي أنه تم ايجاد آلية جديدة، بإضافة درجة جديدة قانونية من خلال توسيع اختصاصات لجنة تسوية منازعات عقود الاستثمار، لتتولي اقتراح الحلول للتسوية مع المستثمر حسن النية، بما لا يقلل بحجية الأحكام الصادرة، ويحقق الحفاظ علي المال العام، ويضمن استمرار النشاط الاقتصادي. ويعلق د. فرج عبد الفتاح، استاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة والعضو القيادي بحزب التجمع، علي قصر الطعون علي العقود المبرمة بين أجهزة الدولة وشركات قطاع الأعمال علي الحكومة والمستثمر فقط، قائلا: إن هذه التعديلات تمثل خطورة شديدة علي الاقتصاد المصري ، فعلي سبيل المثال إذا عقدت صفقة من الصفقات بين مستثمر والحكومة، وأن شاع هذه الصفقة بها شبهة فساد، لا يستطيع أحد أن يتقدم للنائب العام لكي يحقق في هذه الصفقة لاسترداد أموال الدولة. وأضاف أن هذا التعديل بمثابة تحصين دون وجه حق لمركز قانوني نشأ بالباطل، ولدينا العديد من الأمثلة التي تم الطعن عليها، وجاءت أحكام القضاء لتؤكد صحة الطعون المقدمة من أشخاص ليسوا طرفا في العقود ، لأن هذه العقود لا تتعلق بطرفيها فقط، وإنما الجانب الحكومي يمثل مصلحة المجتمع والشعب، وإذ كان في هذا الجانب أي نوع من أنواع الفساد لن تستقيم الأمور. وأضاف أعتقد أن حكومة د. حازم الببلاوي كانت تعمل علي طمأنة المستثمرين علي أنه حال وجود فساد في عمليات البيع لن يكون هناك مساس بهم، وهذا في حد ذاته تفريط وإهدار في حقوق الدولة. أما د. رشاد عبده، الخبير الاقتصادي والمصرفي، فيؤكد أن هذه التعديلات مازالت قيد الإصدار، وأن الحكومة تم تغييرها.. ومن الممكن إلا يتم إقرار هذه التعديلات، ولكنه قال المبدأ مهم، وهو قصر الدعاوي علي طرفي العقد، أي الحكومة وأجهزتها والمستثمر، ولكن لابد من وجود ضوابط ومعايير تحكم هذه الأمور، منها وجود جهة ثالثة محايدة من قانونيين وخبراء، تكون عينا ثالثة علي هذه العقود ويكون لها الحق في الطعن علي هذه العقود حال وجود شبهة فساد، مشيرا إلي أن الفترة السابقة شهدت العديد من القضايا من قبل نشطاء وحقوقيين، مما أضر بمناخ الاستثمار في مصر. وكان برنامج الخصخصة قد شهد عمليات بيع واسعة خلال الفترة من 1991 إلي 2008 بلغت قيمتها أكثر من 50 مليار جنيه، تنوعت ما بين بيع الشركات بالكامل للمستثمر، أو طرحها في البورصة أو لاتحاد العاملين، وتسببت هذه السياسية في تكوين مراكز احتكارية في بعض القطاعات الاستراتيجية خاصة في قطاعي الاسمنت والأغذية، ورغم وجود "ما اسمته الحكومات انذاك" بالرقابة علي عمليات البيع، من خلال مجلس الوزراء، واللجنة الوزارية للخصخصة والجهاز المركزي للمحاسبات، والرقابة الإدارية ، والجمعية العمومية للشركة القابضة والجمعية العمومية للشركة التي يتم بيعها، إلا أن هذه الإجراءات الرقابية لم تتمكن من محاربة الفساد في عمليات البيع، خاصة البيع بأقل من الثمن الحقيقي للشركات والحفاظ علي حقوق العمال..ورغم الأحكام الصادرة بفساد عمليات البيع لم يتم تحويل أي من المسئولين عن عمليات البيع للتحقيق في إهدار المال العام.. ويبدو أن قدر مصر أن تهدر الأموال وتذهب لرجال الأعمال. علي حساب الفقراء في مصر ومعدومي الدخل.