تلقت مصر خلال الفترة الماضية حوالى 12 مليار دولار من الدول العربية الخليجية خاصة الامارات والمملكة العربية السعودية والكويت هو ما يقرب من ثلاثة اضعاف ما كانت الحكومات السابقة تسعى للحصول علية عندما توجهت تلك الحكومات الى صندوق النقد الدولى . لكن رغم هذه المساعدات فإن معدلات الاداء الاقتصادى مازالت تسير بوتيرة اقل بكثير مما حصلت عليه مصر من مساعدات . ويبدوا ان الازمة كما قالت مصادر حكومية لم تعد فى التمويل ولكن بطء اجراءات التنفيذ لعدد من مشروعات البنية الاساسية . وكأن الموقف الان – والكلام للمصادر الوزارية – يمكن ان يتلخص فى ان هناك اموالاً تفوق قدرة الحكومة على الانفاق, فى ظل عدم توافر الارادة القوية والشجاعة لتحفييز الوزراء والمسئولين على الانفاق بالنسبة لمشروعات البنية الاساسية المدرجة فى موازنات وزاراتهم . ورغم ان الحكومة من خلال وزارة المالية والتخطيط تجهز للاعلان عن الخطة التحفيزية الثانية والتى قد تصل الى الى نفس معدلات الخطة الاولى ما يقرب من 30 مليار جنية لكن كل المؤشرات تشير الى ان ما تم اعتمادة فى الخطة الاولى والذى وصل الى 29.7 مليار جنيه منذ اكتوبر الماضى لم يتم انفاقة بالكامل بل ولم يتعد الانفاق عن 20 مليار جنيه, ربما يتساءل البعض عن اسباب ذلك رغم توافر الاموال علاوة على وجود مئات المشروعات التى تحتاج الى تمويل . وفى الحقيقة فان هناك معلومات تشير الى ان يد الحكومة لازالت مرتعشة وان الاحداث السياسية الاخيرة سواء من تزايد موجات العنف من جانب جماعة الاخوان الارهابية علاوة على انشغالها بخريطة الطريق قد غطت على ايدى الحكومة المرتعشة وحالة التردد التى تعيشها . بدليل ان هناك العديد من الوزراء فى الحكومة مازالوا يتعاملون على انهم اعضاء فى حكومة انتقالية وبدلا «من القيل والقال « من الممكن ترحيل هذه المشروعات الى الحكومة القادمة . وطبقا للمعلومات التى حصلت عليها الاهالى من عدد من الوزراء فان هناك دولاً خليجية قدمت دعما كبيرا لمصر لكن هذا الدعم شبه مشروط بحل النزاعات الاستثمارية لرجال اعمالها فى المقابل بل وضرورة تغيير عدد من التشريعات الاقتصادية المتعلقة بحماية المستثمرين الاجانب بغض النظر عن جنسياتهم فى مصر بل وصل الامر الى حد ان تتضمن هذه التعديلات ابراء ذمة اى مستثمر فى مشروع اذا ما ظهر ان هناك مخالفات فى التعاقد او تخصيص الاراضى وخلافة وان المسؤلية تقع على المسؤولين فى الهيئات والوزارات المعنية . لذلك لم يكن غريبا عندما اطلقت الحكومة برنامجها القومى لاصلاح مناخ الاستثمار ان يتضمن مجموعة من القواعد والتشريعات بهدف إلى تنشيط الاقتصاد وتحقيق العدالة الاجتماعية والوقاية من الفساد و التأسيس لبيئة استثمارية جديدة وذلك عن طريق حزمة من الاجراءات وهي:إصدار قانون الشركات الموحد الذي يرمي لدمج قوانين الشركات بمختلف أنواعها سواء شركات الأشخاص أو الأموال في قانون واحد وتوحيد إجراءات تأسيسها وقيدها، وتبسيط قواعد التخارج من السوق والإفلاس، وإزالة التعارض بين القوانين المختلفة.إعداد مشروع قانون موحد للاستثمار يتضمن كل الأحكام الخاصة بنظم الاستثمار المختلفةوينسق بينها،بما في ذلك الاستثمار الداخلي والمناطق الحرة والخاصة والاستثمارية والصناعية وغيرها من الأطر القانونية المتراكمة عبر السنين إعداد مشروع قانون موحد لتبسيط إجراءات الترخيص للأنشطة الاقتصادية والتجارية وتسهيل إجراءات التعامل والحصول على الموافقات، وتشجيع اندماج الصناعات الصغيرة غير الرسمية في القطاع الرسمي. إجراء مراجعة شاملة لقانون المناقصات والمزايدات بما يحقق السهولة والسرعة في الإجراءات منجهة وحماية المال العام والوقاية من الفساد من جهة اخرى.الانتهاء من إعداد قانون الصناعة الموحد.إجراء مراجعة شاملة للاختصاص والصلاحيات الممنوحة لمختلف الهيئات العامة المشرفة على الأنشطة الاقتصادية بغرض إزالة التعارض والازدواج بينها والتيسير على الانشطة الاقتصادية وعلى المستثمرين . لكن ربما هذا الاتجاه داخل الحكومة ربما كشفت عنه احاديث وتصريحات المسئولين فى الحكومة خلال الاسبوع الماضى اثناء لقاءاتهم مع المستثمرين العرب والاجانب الذى جمعتهم مؤسسة بلتون ويكفى هنا ان نشير الى ما قاله د.اسامه صالح وزير الاستثمار الذى اكد ان هناك مراجعة لكل القوانين الاقتصادية وقانون الاستثمار الذى قررت فيه الحكومة اضافة ثماني مواد بما فى ذلك التصالح مع المستثمرين واحترام التعاقدات من جانب الدولة مشيرا الى انه فى حال اقرار ذلك من الممكن حل العديد من النزاعات الاستثمارية خاصة تلك التى ذهبت او فى طريقها الى المركز الدولى لنزاعات الاستثمار «اكسيد» بل ان الدولة على استعداد لتقديم بعض التنازلات فى سبيل ذلك . مشيرا الى ان قرار الاستثمار يخص المستثمر نفسه وليس الدولة .وبالتالى لابد من ان يطمئن على استثماراته . وقال وزير الاستثمار ان الدولة تحاول تحسين بيئة الاستثمار فى ظل التراجع الشديد فى الاستثمارات الاجنبية والعربية المباشرة فى مصر خلال الثلاث سنوات السابقة ويكفى ان معدل تلك الاستثمارات لم يزيد على 9.2 مليار دولار فى والوقت الذى كانت مصر تحقق ما يقرب من 10 مليارات دولار فى العام الواحد فقط . مشيرا الى ان الدولة تستهدف خلال العام المالى الحالى ما يقرب من 4 مليارات دولار . اما د.احمد جلال وزير المالية فقد اوضح ان معدلات الانفاق من الحزمة الاولى التنشيطية بلغت حتى نهاية ديسمبر الماضى اكثر من 18 مليار جنيه ربما كان هذا المعدل بطيئا لكن سوف يتزايد او بمعنى اخر يتحسن خلال النصف الثانى من العام المالى الحالى . وعندما سئل عن الحزمة التنشيطية الثانية قال انه سيتم اقرارها خلال ايام وهى تقارب الحزمة الاولى .مشيرا الى انه يجب القضاء تماما على التشابكات المالية بين الوزارات المختلفة حتى يمكن الوقوف على معدلات الدخل والانفاق فليس من المعقول مثلا ان يكون للمالية اموال لدى البترول كما ان لوزارة البترول مستحقات مالية لدى الوزارات الاخرى .وقال ان هناك لجنة وزارية لوضع حد للتشابكات المالية . اما وزير الصناعة والتجارة الخارجية فقد اوضح ان مصر تواجه ازمة طاقة سواء كانت من البترول او غيره لكن لابد من اتخاذ اجراءات عاجلة على اساس ان الازمة قد تستمر عامين قادمين .