يعتبر الاعلام في اي دولة متقدمة بمثابة المنارة التي يستقي منها المواطن المعلومات والاخبار الحقيقية الدقيقة وكلما تقدمت المجتمعات تقدمت وسائل الاعلام بها من تليفزيون وصحافة وراديو ، اما في الدول النامية فنجد أن الاعلام بها يقوم في بعض الأحيان علي ترويج لاشاعات ومعلومات مضللة، لذلك نأمل في الجمهورية الثانية ان يكون الاعلام المصري متقدم يعمل من اجل المواطن وليس من اجل الحكومة ، لذلك كان لنا هذا الحوار مع الدكتور حسن عماد مكاوي “عميد كلية الاعلام بجامعة القاهره” ليحدثنا عن الدولة الحديثة ومستقبل الاعلام في ظل وجود التيار الاسلامي علي رأس السلطة السياسية في مصر. ما معايير الدولة الحديثة في رأيك ؟ الدولة الحديثة هي دولة مؤسسات، القانون فيها هو الذي يحكم العلاقة بين افرادها ومؤسساتها ، بها تداول للسلطة ولا يوجد احتكار لها من قبل تيار او فرد معين ، والمواطنون فيها متساوون في الحقوق والواجبات لا تفرقة علي اساس الجنس او اللون او العرق او الانتماء السياسي او الديني ، وايضا يكون لها خصوصية ثقافية تعمل علي تداول المعلومات الصحيحة الدقيقة في الوقت المناسب وتحاول نشر الثقافة التي ترفع من مستوي الذوق العام لكل المواطنين وتوجههم بما يدفعهم الي الارتقاء باحوالهم الذاتية والمجتمعية. كيف يساهم الاعلام في بناء الدولة الحديثة؟ يمثل الاعلام في الدولة الحديثة مؤسسة ضمن مؤسسات عديدة في الدولة ، فهو يعكس الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية في المجتمع اي بمثابة مرآة للواقع الفعلي وليس المزيف له لذلك لابد من ان يتحرر من كل القيود والعوائق التي تكبل عمله وحريته وينطلق من مبادئ وقواعد اصلاحية اجتماعية ، ويكون له فلسفة تساعده علي ابراز هوية الدولة وشخصيتها سواء كان اعلاماً رسميا او خاصا، وبالتالي يكون بمثابة اداة ضمن ادوات تنافسية عديدة للدولة. وما تقييمك للواقع الإعلامي الفعلي الذي نعيشه ؟ في حقيقة الامر ان الواقع الاعلامي قبل الثورة كان سيئا وللأسف أنه بعد الثورة ازداد سوءاً ، فالاعلام الرسمي اعتمد لسنوات طويلة علي تلقي المعلومات من وزير الاعلام فاصبح الان في وضع حائر لايستطيع ان يبدع او يبتكر لان المسألة اعتمدت علي الاجتهادات الشخصية بما فيها من صواب وخطأ ، فاصبح اعلاما عشوائيا بدون قائد فنجد علي سبيل المثال قنوات حكومية مؤيدة للمجلس العسكري واخري معارضة له، اما الاعلام الخاص فهو ينفذ اجندات لمن يملكه من رجال الاعمال لديهم مصالح خاصة، فاصبح اعلاما موجها يعتمد علي الاثارة الممنهجة ، وانعكس ذلك بالسلب علي الشارع المصري وما شهده من فوضي وعشوائية واضرار بالصالح الوطني خلال الشهور الماضية. كيف يساهم الاداء الاعلامي المهني في خلق اعلام ممنهج او مسيء ؟ يحدث ذلك من خلال نقل وتداول معلومات مغلوطة وغير دقيقة ، خاصة ان ليس لدينا قانون يتيح للصحفي الحق في الحصول علي المعلومات وليس من حق المسئول ان يخفي عنه المعلومات طالما كانت موجودة ودقيقة ، وقد يتم تداول معلومات مضللة عن قصد لتحقيق اهداف معينة لحزب او اتجاة معين ، وبهدف اثارة حالة من الفزع والرعب للمواطنين فيساهم الاعلام بذلك بحالة من البلبلة والفوضي ، فنجد كلما ندرت المعلومات زادت الشائعات اذن فهل للإعلام دور في معالجة الازمات؟ للاسف احيانا يكون للاعلام دور في تأجيج الازمات وافتعالها وان لم تكن موجودة فيكون له دور في ابتكارها ، فعلي سبيل المثال نجد مهاجمة الاعلام للشرطة في الوقت الذي نحتاج فيه الي اعادة بنائها واعادة الثقة بين المواطنين في الشرطة المصرية ، فنجد ان الاعلام لا يشارك بشكل ايجابي مع عدم التستر بالتأكيد علي الفساد والفاسدين كيف يتم النهوض بأعلامنا ؟ هناك عدة مقترحات متفق عليها العديد من العاملين في مجال الاعلام ، اهمها الغاء وزارة الاعلام واستبدالها بمجلس وطني يضم شخصيات مستقلة لا تنتمي الي الحكومة او حزب معين حتي لا تستغل ذلك في ترويج لسياسات معينة ، ايضا سرعة اصدار قانون الحق في المعرفة وتداول المعلومات ، وتعديل قانون نقابة الصحفيين لتكون نقابة للحماية والمحاسبة معا ، وسرعة انشاء نقابة او اكثر للاعلاميين ، والسماح للقطاع الخاص بتملك وسائل الاعلام مع تجنب الاحتكار، وايضا اعادة هيكلة الهيئة العامة للاستعلامات بما يحقق اهداف الاعلام الداخلي والخارجي بعد الثورة تريد إلغاء وزارة للاعلام ..لهذا السبب رفضت منصب وزير الاعلام عندما عرض عليك في فترة من الفترات ؟ بالفعل عرض علي تولي المنصب بشكل ودي ولكني رفضت ، لان في اي دولة متقدمة في العالم لايوجد وزارة للاعلام ، ولأني ايضا اتهم وزارة الاعلام بأنها السبب الرئيسي في صناعة الازمات في مصر ومن صنع الازمة ليس من المنطقي ان نوكل له حلها وما رؤيتك لمستقبل الاعلام في ظل هيمنة التيار الإسلامي ؟ اتمني ان يكون الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي رئيسا لكل المصريين ، واطالبه بالابتعاد عن جماعة الاخوان المسلمين التي كان ينتمي اليها ، ويراعي المصلحة العليا للبلاد فلا يقصي احدا مخالفا للتيار الذي كان ينتمي اليه ولا يعطي مزايا لأحد متفق مع فكره ، ويكون الاعلام المصري اعلاماً000 للدولة وليس للحكومة لان الحكومات متغيرة بتغير الاحزاب والسلطة اما الدولة فهي الباقية . الم يزعجك قرار مجلس الشوري بفتح باب الترشيح لاختيار رؤساء تحرير الصحف القومية؟ بالطبع ازعجني هذا القرار الذي ارفضه شكلا وموضوعا ، لانه تدخل في غير موضعه من مجلس الشوري وهيمنة وسيطرة غير مطمئنة علي مستقبل الاعلام والصحافة في مصر، واذا حدث ذلك فسندخل في نفق مظلم لا نعلم نهايته اذن فكيف يتم اختيار قيادات الصحف القومية؟ يتم اختيار رؤساء وقيادات الصحف من خلال الجمعية العمومية للصحفيين “اهل مكة هم ادري بشعبها”.