تحقيق: أحمد مجدى وافق مجلس النواب نهائياً على مشروع القانون المقدم من الحكومة بإنشاء صندوق سيادي يحمل اسم "صندوق مصر"، على أن يضم لجان الخطة والموازنة والشئون الاقتصادية بالمجلس، وكل الجهات المعنية بالأمر، وسيتم توظيف الصندوق الجديد، لتحقيق التوازن بين قوى الدولة المالية والإدارية، ومرونة وسرعة الكيانات الاقتصادية فى اتخاذ القرارات بأسلوب استثماري بحسب ما ذكره القانون. يبلغ رأسمال الصندوق المصرح به 200 مليار جنيه، أما رأس المال المصدر فيبلغ 5 مليارات جنيه تسدد من الخزانة العامة، ويدفع منه عند التأسيس مليار جنيه، وتسدد الباقى وفقا لخطط محافظ الاستثمار المقدمة من الصندوق خلال 3 سنوات من تاريخ التأسيس. ويهدف الصندوق لتنظيم الاستثمار فى كل أصول الدولة بداية من الأراضى وصولًا إلى المبانى، خصوصًا أن الدولة تنشئ الآن عاصمة إدارية جديدة سوف تنتقل إليها الهيئات الحكومية وتترك خلفها ثروة هائلة من المباني ومن بينها مباني تاريخية. وبحسب مشروع قانون الصندوق السيادى فإن التصرف فى الأصول المملوكة للدولة، أو المساهمة بها فى رءوس أموال الصناديق أو الشركات يكون وفقًا لقيمتها السوقية، وبما لا يقل عن التقييم الذي يتم على أساس متوسط القيمة المحددة بموجب ثلاثة تقارير من مقيمين ماليين معتمدين من الهيئة العامة للرقابة المالية والبنك المركزى المصرى، بعد موافقة مجلس إدارة الصندوق. تفاصيل مهمة وقال الدكتور على عبدالعال، رئيس مجلس النواب، إن القانون يحتوي على تفاصيل فنية مهمة وهو آلية لاستغلال الأصول فى الدولة، مشيرًا الى أن هناك معلومة مغلوطة بأن الصندوق السيادي يخسر ويخرج من السوق، وأن الصناديق السيادية نوعان، الأول، صندوق يستغل فوائض ثروة طبيعية، وهناك ثلاث دولة عربية فعلت ذلك، والثاني، صناديق سيادية لجذب الاستثمارات وهى معمول بها فى دول فى شرق آسيا ونحاول الجمع ما بين النوعين فى "صندوق مصر" لأن لدينا بعض الأصول غير المستغلة وتحتاج إلى تدوير وإدارة الأصول المستغلة وجذب الاستثمارات، والصندوق سيعمل بكل الأدوات المالية المعمول بها فى الأسواق الدولية. تحذير قال الخبير الاقتصادي وعضو المكتب السياسي بحزب التجمع الدكتور جودة عبد الخالق، إن الصناديق السيادية فى العالم تهدف الى إدارة الفوائض ومصر دولة عجز ولا تمتلك فوائض، والأصل فى الصناديق من هذا النوع انها محفظة تضم جزءا من الاحتياطيات الدولية لدى البنك المركزي للدول، بالاضافة الى حصة من عائدات تصدير الموارد الطبيعية لصالح الأجيال القادمة. وأضاف "عبد الخالق" انه بحسب القانون الذي تم إصداره فإن الصندوق السيادي المصري يتكون من رأسماله وعوائد الاستثمار تلك الاموال والاصول التي تحت إدارته، كما يضم قروضا وتسهيلات وحصيلة إصدارات السندات والأدوات المالية التي يطرحها كما يضاف ما يتقرر اضافته لملكية الصندوق من رئيس الجمهورية. وحذر "عبد الخالق" من بعض المواد فى قانون إنشاء الصندوق السيادي، مثل المادة 8 والتي تتيح للصندوق التصرف فى أصول الدولة المملوكة له بالكامل أو التأجير المنتهي بالتملك أو الترخيص بالانتفاع أو المشاركة كحصة عينية وهو امر خطير قد يسمح للصندوق ان يصبح الباب الملكي للخصخصة وتبديد أموال الشعب. كما أشار "عبد الخالق" أن المواد 15 و 17 و 18 تعطى مجلس الادارة الاغلبية لخبراء السلطة بلا مسئولية فى مواجهة الجمعية العمومية كما أن الغالبية من أعضاء الجمعية العمومية أنفسهم من الخبراء فى حين أن ممثلي أصحاب المال (الدولة المصرية) أقلية وتنحصر مهمتهم فى مناقشة واعتماد ما يعرض من مجلس الإدارة. موافق ومن جانبه قال الدكتور على الإدريسي، أستاذ الاقتصاد بجامعة 6 أكتوبر، إن مصر لديها ثروة من الأصول والشركات التى لم يتم استخدامها بشكل صحيح على مدار سنوات عديدة، ولذلك من الضروري إنشاء هذا الصندوق لزيادة حجم الاستثمار واستغلال موارد الدولة. وأضاف الإدريسي، أن الدولة تريد أن تستغل موارد هذه الأصول لتحقيق الأرباح، مشيرًا إلى أن فكرة إنشاء الصناديق السيادية ليست بجديدة وأنها ظهرت فى أواخر الخمسينات، وهناك العديد من الدول العربية تمتلك مثل هذه الصناديق لدعم اقتصادها ودعم القيمة المالية. أولويات مهمة وقال الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادي، إن الصندوق السيادي يهدف إلى الحد من الخسائر التي تتعرض لها الأصول السيادية للدولة، وكيفية استغلالها، لافتا إلى أن ذلك يعد من أحد الأولويات المهمة التي يجب على الحكومة سرعة إجرائها. وتابع الخبير الاقتصادي، أن الصندوق سيمكن الدولة من تنشيط سوق المال من خلال شراء أسهم فى الشركات لدى البورصة من قبل بعض المستثمرين الأجانب، مشيرًا إلى أنه لابد من موافقة البرلمان عليه وطرحه للمناقشة المجتمعية. فروقات وقال اسامة مراد الخبير الاستثماري، ان الصندوق المصري يختلف عن الصناديق العربية باختلاف الهدف فبعض الدول العربية انشئت صناديق خاصة لاستغلال فوائض النفط وادخار التراكمات للأجيال القادمة، أما الصندوق المصري فهو قائم على محورين احدهما ادارة الفائض المستهدف من حقل ظهر للغاز والحقل المكتشف حديثًا ايضًا، كما يهدف استغلال أصول الدولة وخلق الية للمشاركة والاستثمار، وتمكين وزارة التخطيط والمتابعة من ادارة ما يقارب ال 100 أصل كبير، و3000 أصل صغير من المصانع والمزارع والاراضي وغيرها. وأضاف مراد أن هناك فروقات بين ادارة قطاع الاعمال العام والصندوق السيادي، حيث قطاع الاعمال تدير شركات انشئت تاريخيًا واحدثها عمره 30 سنة، ولكن الصندوق يهدف لادارة هذه المشروعات بالاضافة الى المشروعات الجديدة التي تم انشاؤها فى الفترة الاخيرة، ومن المفترض أن تنتقل كل هذه الشركات والأصول لتصبح تحت ادارة الصندوق وليس الوزارة ولوائحها القديمة وذلك بهدف الاستعانة من الخبرات المصرية والعالمية، ولا نتوقع أن تلغى بسبب الصندوق وزارة قطاع الأعمال فالأصول من الممكن أن تقسم بين الوزارة والصندوق طبقًا لقابلية الاستثمار والتطوير.