رغم تأكيد الخبراء علي أهمية الحل الأمني في مواجهة العمليات الإرهابية التي تصاعدت مؤخرا. إلا أن غالبيتهم أكدوا علي ضرورة علاج الأسباب المؤدية إلي الإرهاب وتجفيف منابعه. لأن الواقع أكد بما لا يدع مجالا للشك أن العلاج العسكري وحده لا يكفي. بل لابد أن يتم بالتوازي مع وسائل أخري للعلاج لأن المرض عضال وسوف يستغرق وقتا حتي يشفي منه جسد الوطن. في البداية يؤكد الدكتور جمال عبدالجواد . أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية . ضرورة قيام وزارة الخارجية المصرية بدور أكبر لتوضيح حقيقة ما يحدث في مصر للمجتمع الدولي عامة والغربي خاصة لأن العالم يجب أن يعلم أن الإخوان والجهاديين وداعش فكرهم بعيد عن صحيح الدين ويتبنون نفس الفكر القائم علي العنف وخلط الحق بالباطل وتطبيق المبدأ الميكيافيللي ¢الغاية تبرر الوسيلة¢. وانتقد د.عبد الجواد . تراجع دور هيئة الاستعلامات الغائبة عن الساحة وضرورة التواصل مع وسائل الإعلام الدولية لتعريفها بحقيقة ما يجري علي الأرض وضرورة تكاتف الجهود الدولية في مواجهة الإرهاب الذي يعد ظاهرة عالمية حتي إن تركز في بعض المناطق دون غيرها. مطالبا بضرورة اتخاذ إجراءات قوية ورادعة لاقتلاع الإرهاب من جذوره والبدء في خطة عاجلة لمحاربة الإرهاب بعد أن أصبح يهدد الأمن القومي المصري حتي لو وصل الأمر إلي استدعاء جزء من الاحتياطي لتمشيط كل المنازل في رفح والشيخ زويد والعريش لمدة سنة لتدمير ما قد يوجد بتلك المدن من إنفاق تم إنشائها في عهد الرئيسيين السابقين حسني مبارك ومحمد مرسي مما جعل منازل تلك المناطق أشد خطرا لما فيها من أنفاق تستخدم في تهريب الأسلحة والمجرمين والقتلة والإرهابيين. ايجابية الشعب ويشيد اللواء طلعت مسلم . الخبير الاستراتيجي . بخطة القوات المسلحة في ترحيل أهالي مدينتي الشيخ زويد ورفح وتسكينهم في مناطق أخري لإبعادهم عن أية تهديدات يتعرضون لها من جانب الإرهابيين والمهربين لأن الواقع يؤكد أن أهالي تلك المدن يتم تهديدهم من جانب تلك الجماعات الإرهابية بشكل مستمر لدرجة أن جماعة أنصار بيت المقدس قتلت العميد محمد السلمي ابن قبيلة السواركة وذبح العديد من أبناء سيناء في وضح النهار مما يدل علي ما يتعرض له أهالي سيناء من تهديدات . ولهذا لابد من الإشادة بايجابية الشعب السيناوي في التعامل مع خطر الإرهاب. ويؤكد اللواء مسلم أنه لابد أن تنتقل هذه الايجابية إلي كل أفراد الشعب لمقاومة الفساد في كل المواقع وتطهير الشعب من المفسدين والإبلاغ عن المتطرفين . فلابد أن يكون الجيش والشرطة والشعب يد واحدة حتي يمكن محاصرة الإرهاب والتطرف فكريا من خلال الحوار لحماية المغرر بهم والجهلاء . وكذلك المواجهة العسكرية لمحاصرة الإرهاب جغرافيا في سيناء وخارجها وخاصة أن له امتدادات واذرع خارج سيناء مستغلا أوضاع اقتصادية أو اجتماعية أو ثقافية سلبية. ويوضح أن الخطر الحقيقي الذي تتعرض له مصر يتمثل في تلك المدن الثلاث لقربها مع الحدود مع إسرائيل وفلسطين وإذا لم تجفف منابع الإرهاب في تلك المناطق فسيكون الحال أسوأ مما هو عليه ونحن علي يقين انه لو حدث ذلك فلن تحدث أي عملية إرهابية مرة أخري في تلك المناطق وفي جميع أنحاء مصر. ويطالب اللواء مسلم بإعداد مناهج تدريسية مبسطة لطلاب المدارس في المراحل المختلفة لبيان موقف الأديان السماوية - خاصة الإسلام - في رفض الإرهاب . وكذلك يجب أن تتضمن معلومات مبسطة عن كيفية مواد مكافحة الإرهاب والعنف ووسائل الوقاية من التطرف بكل أشكاله وبهذا تكون مصر في طريقه للتخلص من أيديولوجيا التطرف والمضي في تجفيف منابع الإرهاب. التنمية الشاملة من جانبه يحث الدكتور رفعت العوضي . أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر . وعضو مجمع البحوث الإسلامية . علي وضع حزمة من المشروعات القومية الكبري التي تسهم تشغيل الشباب من ناحية والنهوض بالاقتصاد المصري من عثرته من ناحية أخري . مما يؤدي الي تجفيف منابع الإرهاب والتطرف لأن اليد خلقت لتعمل والإنسان طاعة إذا لم نحسن استثماره في الخير والإنتاج كان فريسة للمتطرفين والإرهاب الذين يحتضونه. ويحذر د.العوضي من خطورة الإحصائية التي أعلنها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء من الزيادة المستمرة في معدل البطالة فمثلا كانت عام 2012 نحو 12.7% مقابل 12% عام2011 ومقابل 9% عن عام 2010 بسبب الظروف التي شهدتها الدولة في أعقاب ثورة 25 يناير وما ترتب عليها من أحداث نتج عنها تباطؤ الأنشطة الاقتصادية بشكل عام خلال تلك الفترة. ويوضح د.العوضي . أن حجم قوة العمل بلغت نحو27 مليون فرد في عام 2012 مقابل 26.5 مليون فرد عن عام 2011 بزيادة قدرها 1.9% وبزيادة قدرها841 ألف فرد بنسبة 3.2% عن عام2010. وقد بلغ معدل البطالة في الحضر16.3% بينما بلغ 9.9% في الريف وذلك نتيجة توافر فرص العمل بالأنشطة الزراعية عام 2012. وكانت المفاجأة أن سجل الشباب أعلي نسبة للمتعطلين بنسبة 77% كما بلغت نسبة العاملين من حملة المؤهلات المتوسطة وفوق المتوسطة والجامعية وما فوقها نحو 85% من إجمالي عدد البطالة في حين بلغ معدل البطالة بين الذكور نحو 9.3% في عام 2012 مقابل 8.9% في عام2011 في حين بلغ معدل البطالة بين الإناث نحو 24% مقابل 22.7% في عام2012. فهذه الإحصائيات تدق ناقوس الخطر أن الأوضاع قد تزداد سوءا إذا لم نقم بعملية تنمية شاملة. ويؤكد د.العوضي أن تجفيف منابع الإرهاب سيؤدي الي تحقيق الأمن والاستقرار ودوران عجلة الإنتاج في مختلف المجالات وخاصة الزراعة والصناعة بما فيها صناعة السياحة التي يمثل دخلها 25% من الناتج القومي للدخل القومي . ولابد أن تتواكب التنمية الشاملة في الاقتصاد المصري مع ضرورة القضاء علي ظاهرة خطيرة هي ظاهرة غسيل الأموال لأن هذه الظاهرة هي المسئول الرئيسي عن منظومة تدعيم الإرهاب الأسود في مصر والمنطقة العربية ولهذا لابد من إصدار قرارا بمصادرة هذه الأموال مجهولة المصدر والعودة لقانون ¢من أين لك هذا لتجفيف منابع الإرهاب الذي اجتاح المنطقة خلال الفترة الأخيرة ولهذا لابد من مراجعة مصادر أصحاب الثروات التي تضخمت في وقت بسيط. خاصة الذين استخدموا مؤسساتهم ومصانعهم وأسماء غير معروفة ستارا لغسيل أموالهم. الوعي الديني ويؤكد الدكتور أحمد عمر هاشم . عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر . أن أهم وسائل تجفيف منابع الإرهاب نشر الوعي الديني الصحيح في الأسرة باعتبارها المحضن الأول للأطفال منذ الصغر لأن التعليم في الصغر كالنقش علي الحجر. ويشيرد.هاشم إلي أهمية أن يكون كل مصري مخلص مهموم بالشأن العام ويعمل علي علاج سلبياته والإبلاغ عن المفسدين في كل مجال . فقد سأل عمر بن الخطاب والياً له فقال: ماذا تفعل إذا جاءك الناس بسارق أو ناهب؟. قال الوالي : أقطع يده. قال عمر بن الخطاب : إذن فإن جاءني من رعيتك من هو جائع أو عاطل فسأقطع يدك . إن الله قد استخلفنا عن خلقه لنسد جوعتهم. ونستر عورتهم. ونوفر لهم حرفتهم. فإن وفينا لهم ذلك تقاضيناهم شكرها .إن هذه الأيدي خلقت لتعمل. فإذا لم تجد في الطاعة عملاً التمست في المعصية أعمالاً. فاشغلها بالطاعة قبل أن تشغلك بالمعصية . ولهذا فإنه من خلال السعي للتنمية بلادهم لتحقيق الأهداف المرجوة. ويوضح د.هاشم أن كل ما نراه الآن هو أن مصر في طريقها للتخلص من أيديولوجيا التطرف والمضي في تجفيف منابع الإرهاب ولكن ذلك لن يكتمل إلا إذا ركز المصريون علي مفاتيح التقدم من خلال الوعي الديني والتنمية الشاملة في مختلف المجالات لتحقيق رسالة الإنسان في عبادة الله وتعمير الأرض لقول الله تعالي : ¢ وَإِلَي ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهي غَيْرُهُ هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبى مُّجِيبى ¢ آية 61 سورة هود. وينهي د.هاشم كلامه مؤكدا ضرورة عودة الأهمية الحقيقية لمناهج التربية الدينية في المدارس والجامعات ولا تكون مجرد ديكور بلا أهمية ولا تضاف للمجموع . وكذلك الاهتمام بزيادة جرعة البرامج الدينية في الفضائيات وإنشاء قنوات دينية معتدلة ووسطية لنشر الفكر الإسلامي الصحيح البعيد عن التطرف وخاصة انه أثناء فترة حكم الإخوان نشطت الجماعات الإرهابية في مصر وتوالدت بشكل غير مسبوق في أرض مصر التي لها تاريخها الحضاري القديم كما أن شعبها يحمل كل قيم التمدن والتنوع وللأسف فقد توافقت مصالح هذه الجماعات والتنظيمات سواء كانت سلفية جهادية أو إخوانية القائمة علي شعارات وأسس هشة تتلبس ثوب الإسلام وكان هدفها الأول اختطاف الدولة ليتم لها بعد ذلك تجريد مصر من تاريخها وثقافتها وتنوعها السياسي تحت مزاعم عودة الخلافة الإسلامية.