عندما وقف سيدنا عمر رضي الله عنه أمام الحجر الأسود قال: " أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلي الله عليه وسلم يُقَبِّلك ما قَبَّلْتك" لقد خاطبه سيدنا عمر بضمير أنت ولم يخاطبه بضمير هو. اعترافاً منه به وتأكيداً علي أنه قام بتقبيله وهو يخاطبه. وقد اشتهر عن سيدنا عمر شغفه بتقبيل الحجر الأسود كلما دخل الكعبة حتي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال له : ¢ لا تزاحم علي الحجر الأسود يا عمر ¢ فقد كان قوياً وكان حرصه علي تقبيل الحجر الأسود يؤلم مَن حوله. كان علي سيدنا عمر أن يقبِّل الحجر الأسود دون أن يعرف العلة. دون أن يعرف الحكمة من وراء ذلك. وهو عندما فعل ذلك كشف الله له السبب. رزقه بالمعني. فقد كان سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقف وراءه وسمعه يقول ما قال للحجر الأسود "أعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع" فجذبه من ذراعه قائلاً: "كلا يا أمير المؤمنين يضر وينفع إني لأشهد أني سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: ¢الحجر الأسود يمين الله علي الأرض يأتي يوم القيامة وله لسان زلق "فصيح" يشهد لكل من استلمه "وضع يده عليه" بحق وصدق فإن الله عندما أخذ العهد علي الذرية الوارد في قوله تعالي: ¢وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم علي أنفسهم ألست بربكم قالوا بلي ¢ هذا العهد ألقمه هذا الحجر. فمن وضع يده عليه فإنه يجدد الميثاق مع الله وفي حديث آخر : ¢الحجر الأسود ياقوتة من يواقيت الجنة¢ ثم إن كلمة الحجر الأسود لا تعني اللون الأسود. ليست إشارة له. وإنما إشارة إلي السَوَد. بمعني السيادة أو العظمة. فنقول فلان سيد أي عظيم وفلان أسود أي أكثر سيادة منه. ونقول عن فلان إنه سيد مِن أسوده. أي سيد مِن ظهر مَن هو أكثر سيادة منه. إن الحجر الأسود معناه الحجر السيد. الحجر المُعظَّم. وقد نال تلك السيادة من سيد العالمين الذي قبّله وكأنه يقبل يمين الله. إنه بالفعل يمين الله علي الأرض. علي أننا سواء عرفنا الحكمة أو لم نعرفها علينا طاعة الله في شعائره حتي لو لم تكن مفهومة لنا. حتي لو كانت جماداً أو حيواناً. وكون أننا لا نفهم الحكمة من ورائها لا يعني أنه لا حكمة وراءها. وإنما يعني أن هذه الحكمة غائبة عنا. ولن يفتح الله علينا في فهمها إلا إذا نفَّذنا أوامره وأطعناه دون أن نسأل. إن التعظيم يمكن أن يكون في حجر. في حصوة. في حبة رمل. في موضع قدم. وقد لا يكون في بشر تاجروا بالدين واشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.