أكد الخبراء والمتخصصون علي أن الأسرة هي نواة المجتمع إذا صلح حالها صلح المجتمع وإذا فسدت فسد المجتمع.. فالأسرة التي تربي أطفالها علي فعل الخير والمشاركة في الأعمال الخيرية ومساعدة الفقراء والمحتاجين تخرج أبناء أسوياء لكن الكثير من الأسر التي تربي أطفالها علي الأنانية وحب الذات. حول دور الأسرة في عمل الخير دار هذا التحقيق. بداية أكدت زينب النجار أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر علي انه عمل الخير بكل أشكاله من اخراج للصدقات ورعاية للأرامل وكفالة للأيتام ورعاية صحية للمرضي من أجمل وأروع أشكال التكافل الاجتماعي في ديننا الحنيف وقد تربينا علي ذلك ولابد ان تربي كل أم أطفالها علي هذا التصرف الإيجابي والمشاركة في الأعمال الخيرية ليس وجه واحد إنما له أوجه كثيره والكثير من يترجمه خطأ في اخراج الصدقات ؟ عن ذلك لضيق ذات اليد ولأنهم لا يوجد لديهم فائض يتصدقون به فمن لا يملك المال يملك المجهود الذي يتبرع به والوقت الذي سيساهم به في عمل الخير كالشباب الذي نراه يشارك بمجهوده في الجمعيات الخيرية بجمع التبرعات من الناس والملابس المستعملة ولحوم الأضاحي وشباب آخر مرابط في الجمعية يعيد تنظيف هذه الملابس التي تم جمعها وإعادتها جديدة كي تقدم للمحتاجين بصورة جيدة ولائقة. وأضافت: ان للمجتمع علينا حق لابد أن نؤديه علي أكمل وجه قناعة منا بحق هذا المجتمع علينا.. فالجهد البشري الصادق المخلص هو أساس أي عمل خيري. وتسألت: ماذا كنا نفعل لو ملكنا جميعاً المال مكتالاً نستطيع ان توصله لمن يستحقه فالمال مع الجهد البشري أساس نجاح العمل الخيري واستطردت. هناك أسر كثيرة تحث أبنائها علي المشاركة في الأعمال الخيرية وهذا نراه جلياً في شهر رمضان أما باقي شهور السنة فيندر بشكل ملفت للنظر وهذه الأسر تبرر ذلك بأن الأبناء مشغولون في المذاكرة وهذا ربما يعطلهم عن مذاكرة دروسهم لكنهم في حقيقة الأمر مخطئون لأن الأبناء لابد أن يرتبطوا بقضايا المجتمع ومشكلاته كما أنهم يضيعون الكثير من الوقت في أعمال غير مفيدة علي الاطلاق كمشاهدة التليفزيون لساعات طويلة والحديث في غرف الشات مع زملائهم ناهيك عن الموبايل الذي صار ملازماً لكل شاب وفتاة لا يتركه من يديه حتي أثناء النوم. طبائع البشر ووفاقتها الرأي الدكتورة أمينة كاظم أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر قائلة: طبائع البشر مختلفة فهناك بشر يحبون عمل الخير ويسعون إليه بكل ما أوتوا من قوة وهناك بشر ذات طبائع قاسية ينفرون من عمل الخير رغم أنهم يتحفونا بأروع الأحاديث وعمل الخير والمشاركة فيه فهؤلاء يخرجوا أبنائهم من مشاكلهم وهم في ذات الوقت مخطئون في حق أنفسهم وحل أبنائهم وحق المجتمع كله فالقدوة التي نتفقدها في كل مناحي حياتنا هي أساس صلاح الأسرة ومن ثم المجتمع.. فإذا كان الأب قدوة لأبنائه يفعل ما يقول ولا يكذب ولا يخادع وتعاملاته مع المحيطين به جيدة ويعطف علي الفقراء ويحسن الي المساكين ولا يدخر جهداً في مساعدة محتاج إذا طلب منه أحبه أبناءه مثل تماماً. القدوة وأضافت: للأسف نحن نري أبائنا يفعلون عكس ما يقولون هم يلقون المحاضرات علي مسامع أبنائهم في أهمية مساعدة الفقير وخدمة الجار وعدم الكذب.. لكن إذا ما وضع في الموقف سلك سلوكاً مختلف تماماً وإذا ما طلب منه جاره مساعدة تخاذل وتحجج بضيف الوقت لأنه في قرارة نفسه ليس لديه ما يقدمه لجاره وكلامه عن مساعدة الجار كلام نظري وأب آخر نجده يتحدث ليل نهار عن أهمية الصدق وضرورة ان يتحري أبناءه الصدق في كل شئ.. لكننا نفاجئ به يطلب من ابنه ان يخبر صديقه انه نائم أو خارج المنزل فهؤلاء الآباء لا تنتظر منهم خيراً ولا أبناء أسوياء ينفعون مجتمعهم إنما ستجد الشاب الكسول المتخاذل وهذا شئ مقبول لكننا للأسف نجد الحرامي الذي إذا ما وكل إليه عمل ينهيه ويسرقه ولا يكون حريصاً عليه ولا يؤتمن علي أي شئ. وشددت علي أنه إذا صلت القدوة صلح الأبناء وصلح المجتمع كله. عشوائية الإعلام أكدت الدكتورة مني عبد الجليل أستاذ مساعد الإعلام بجامعة الأزهر علي أن خطورة الدور الذي تلعبه وسائل الإعلام في هدم أسس المجتمع.. فالإعلام سلاح ذو حدين وليس لديه هدف يؤديه ويسعي إليه إنما كل شئ عشوائي لدينا والهدف الأساسي في انتاج الأفلام والمسلسلات تحقيق أعلي المكاسب وليس الحفاظ علي الأخلاق والسلوكيات الطيبة وخير دليل علي ذلك أفلام السبكي التي أصبحت كالوباء في السينما المصرية وهدمت معها أخلاق أبناءنا وضيعت القدوة تحت شعار الفرفشة وأنسي الدنيا. أضافت ليت هذه الأفلام توقفت عند هذا الحد فقد راحت تهاجم أعمال الخير في مجتمعنا وكأنها كلها مساوئ وسبوبة وليس هناك عمل خير واحد ولا جمعية خيرية واحدة هدفها خدمة المجتمع وخدمه أبنائه وليس هذه الأفلام وحدها هي المسئولة عن تشويه سمعة الجمعيات الخيرية فبعض الجمعيات التي أشرف عليها أناس معدومي الضمير أساءوا لكل أوجه الخير في مصر. استطردت كنت أتمني عند انتاج أفلام كرتون للأطفال أن نغرس القيم الإيجابية ونغرس السلوكيات الراقية وتنقي الحياة المادية من عقل الطفل وتنتزع أن يفعل كل شئ بمقابل.. لكننا وجدنا أفلام غاية في السوء والتدني تحرض علي العنف وتؤججه في نفوس وعقول الأطفال. وطالبت بانتاج مسلسلات تناقش قضايا المجتمع وتلقي الضوء علي ضرورة المساهمة في الأعمال الخيرية بكافة أنشطتها. صلاح الأسرة وعن وجهة النظر الشرعية في هذا الموضوع أوضحت الدكتورة فتحية الحنفي أستاذ الفقه بجامعة الأزهر ان النبي -صلي الله عليه وسلم- فيما أمر بالزواج بين لنا ضرورة اختيار الزوجة الصالحة والزوج الصالح والصلاح هنا بقي صلاح الدين لأنه إذا صلح الدين صلحت كل أفعال وسلوكيات البشر واختفت الرشوة والسرقة والزنا وكل شئ قبيح. فالأب الصالح يعرف حدو ربه عز وجل جيداً ويعرف حقوق أبناءه عليه وحقوق مجتمعه عليه وسيكون خير قدوة أبناءه يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر وسيربي أبنائه علي طاعة الله ورسوله والعطف علي الفقراء والمساكين وسوف يحثهم دائماً علي التسابق في عمل الخير لكن الأب غير الملتزم الذي لا يعبأ بهذه الأمور ولا يفكر إلا في كيفية الحصول علي المادة بأي طريقة سواء كانت مشروعة أم غير مشروعة. وبطبيعة الحال سينجب هذا الأب الثاني أبناء غير أسوياء يعانون من مشاكل نفسية كثيرة لا يخدمون المجتمع بل يسارعون في سرقته والاساءة لكل شئ ويصبح الابن عنصراً فاسداً داخل المجتمع.