إنَّ لكل مدرسة من مدارس العبادات تعاليم وآداب تهذب النفوس. وتطهر القلوب وتسبح بروح العبد المؤمن إلي ملكوت الله عزَّ وجل فمدرس الصَّلاة تدربنا تدريباً عملياً علي محاربة شيطاننا ببعدنا عن الفحشاء والمنكر تصديقاً لقوله تعالي: "إنَّ الصَّلاة تنهي عن الفحشاء والمنكر......" سورة العنكبوت من الآية .45 ومدرسة الحج تغرس في قلوبنا التسليم بكل شعيرة من شعائرها من دون جدال عملاً بقوله تعالي: "الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث. ولا فسوق ولا جدال في الحج" سورة البقرة من الآية .197 وإذا أيقن العبد وسلم بذلك كان داخلاً في زمرة المؤمنين الأتقياء الذين يؤمنون بالغيب قال تعالي في أول سورة البقرة "الم ہ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدي للمتقين ہ الذين يؤمنون بالغيب. ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون" سورة البقرة الآيات 1. 2. .3 أما مدرسة الصيام ففيها الكثير من التعاليم الدينية التي تسمو بروح المؤمن وترقي به إلي صفوف الملائكة الأطهار ومن هذه التعاليم التي يجب أن نتخلق بها لنسير علي دربها بعد شهر الصيام: 1 وقاية جوارح العبد عما يغضب الله ومن أمثلة ذلك كف اللسان عن اللُّغو كالغيبة. والنميمة وشهادة الزور والكذب والفحش.. وحفظ الفرج عن انتهاك الحرمات.... الخ. وحكمة الصيام تدور حول وقاية العبد من وقوعه في هذه الذنوب وغيرها قال تعالي: "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون" سورة البقرة الآية .183 2 تدربنا مدرسة الصيام تدريباً عملياً علي الصبر في تحمل شدة الجوع والعطش من قبيل الفجر إلي غروب الشمس ونستلهم من هذا الصبر علي شدائد الحياة وما فيها من ابتلاءات وبذلك نحظي بدخول الجنة بغير حساب لقوله تعالي: "إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب" سورة الزمر من الآية 10 3 تعلمنا مدرسة الصيام الإخلاص لله في كل عبادة نقوم بها حيث إن الصيام يخالف سائر العبادات الأخري لخلوه من الرياء فالصلاة مثلاً قد يدخلها الرياء بأن يطيل العبد في ركوعها وسجودها بغية أن يشهد الناس بالخشوع فيها. والحج أيضاً قد يدخله الرياء بأن يحج العبد لكي يشتهر بين الناس بهذا اللقب. وينادي به. أما الصيام فهو سر خفي بين العبد وربه ومفهوم هذا أنه لا يعلم صيام العبد إلا الله علام الغيوب ولظهور الاخلاص في هذه العبادة وخلوها من شائبة الرياء اختصها الله عز وجل لنفسه من دون سائر العبادات الأخري يقول رسول الله صلي الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه في حديثه القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به....". 4 إن مدرسة الصيام تعقد في قلوبنا فضيلة مراقبة الله عز وجل علي الدَّوام نستلهم ذلك من وضع مائدة الطعام والشراب قبيل آذان المغرب بثوان معدودة فمع حرارة الظمأ والجوع لا تقرب أيدينا آنية الشراب ومائدة الطعام. وهذا وإن دل فإنما يدل دلالة واضحة علي استحضار مراقبة الله عز وجل بامتثال أوامره واجتناب نواهيه في كل شيء.