من وقت لآخر تتجدد فكرة انشاء هيئة قومية متخصصة في جمع وصرف أموال الزكاة. وفي كل مرة يثار الجدل حول جدوي هذه الهيئة وهل من الأفضل ان يتم توزيع الزكاة عن طريق الأفراد انفسهمپ وما مشروعية ذلك. بداية نتناول دراسة أعدها الدكتور حسين شحاته الأستاذ بجامعة الأزهر عن مشروعية إنشاء بيت الزكاة علي مستوي الدولة يقول فيها إن الزكاة فريضة من الله عز وجل بأدلة من الكتاب والسنة والإجماع. ومن ينكرها فهو كافر. لأنه أنكر معلومة من الدين بالضرورة. كما كذّب صريح القرآن بفرضيتها. ولم يقر بأحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم التي تؤكدها وتفصل أحكامها. ومن يقر بفرضيتها ولكن لا يؤديها فإنه مسلم عاص. يجب علي ولي الأمر معاقبته. ولقد كان من شروط دخولپغير المسلم فيپ الإسلام هو إقرارهپ أيضا بدفع الزكاة. وأضاف الزكاة من أعمال السيادة. يقع علي ولي الأمر "الحاكم" مسئولية تجميع وتوزيع الزكاة وفق قواعد وأحكام الشريعة الإسلامية. ودليل ذلك من القرآن الكريم قول الله تبارك وتعالي:¢ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ المُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الأُمُورِ ¢ "الحج: 41". ويؤكد ذلك حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي يقرر حق ولي الأمر في معاقبة مانع الزكاةپ فقال: ¢من أعطاها مؤتجرا فله أجره. ومن منعها فأنا آخذوها وشطر ماله. عزمة من عزمات ربنا. لا يحل لاَل محمد منها شئ ¢"رواه أحمد". ولقد قاتل الخليفة الأول أبو بكر الصديق رضي الله عنه الممتنعين عن الزكاة. وقال قولته الخالدة: ¢والله لو منعوني عناقاً كانوا يؤدونها لرسول الله صلي الله عليه وسلم لقاتلتهم علي منعها ¢. وأضافت الدراسة في الوقت المعاصر تخلي معظم الحكامپ في الدول الإسلامية عن تطبيق فريضة الزكاة وطبقوا الضرائب مبدلين شرع الله بقوانين وضعية. ولكن مع ظهور الصحوة الإسلامية بدأ الكثير من الناس ينادون بإنشاء بيت الزكاة علي مستوي الدولة ويعتبر بيت الزكاة من البنيات الأساسية للنظام الماليپ في ظل الدولة الإسلامية التي تطبق الشريعة الإسلامية تطبيقاً شاملاً. وذلك لأن الزكاة تعتبر المورد الرئيسي لسد حاجات الأفراد المحتاجين في المجتمع والوسيلة الأساسية لتحقيق التكافل الإجتماعي والتنمية الاقتصادية ولا يتحقق ذلك من خلال قيام الأفراد بأنفسهم بتوزيع زكاة أموالهم حيث أن هناك الكثير من المحتاجين لا يعلمهم الكثير من الأفراد وهؤلاء هم الذين لا يسألون الناس إلحافا. كما أن هناك الكثير من المصالح العامة التي تصرف فيها جزءا من حصلية الزكاة ولا يستطيع الأفراد تقديرها مثل مصرف في سبيل الله. كما يلاحظ الدارس لتطبيق فريضة الزكاة في عصر الرسول صلي الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده حرصهم علي إنشاء بيت للزكاة يختص بجمع حصيلة الزكاة وتوزيعها في مصارفها المختلفة. بالإضافة إلي ما سبق يجب أن يخصص لبيت الزكاة ميزانية مستقلة عن الميزانية العامة حيث أن للزكاة موارد معينة ومصارف خاصة بها. وما يضفي علي أهمية وجود بيت للزكاة أن جزءا من حصيلة الزكاة يحصل موسمياً مثل زكاة الزروع والثمار وجزءاً أخراً يحصل في نهاية الحول. وهذا الحول يختلف من مكلف لآخر فقد يكون هجرياً أو ميلادياً. في حين أن حاجات الأفراد والمجتمع والتي يتم تمويلها من خلال الزكاة مستمرة طوال العام ويستلزم هذا ضرورة إنشاة بيت للزكاة يتلقي الزكاة من الأفراد في مواعيدها ثم يقوم بتوزيعها علي مصارفها خلال العام. من ناحية أخري يوجد الكثير من المسلمين يحتاجون إلي من يحثهم علي دفع الزكاة بكافة السبل والوسائل والطرق بل يعاقب من يمتنع عن الأداء شرعاً. ومنها من يحتاج إلي من يساعده في حساب تلك الزكاة. وهذا كله يتطلب وجود بيت للزكاة تحت إشراف ولي الأمر ويتولي أموره أجهزة تنفيذية شعبية أو حكومية حسب ظروف كل دولة. من المبررات السابقة يتبين ضرورة وأهمية إنشاء بيت الزكاة لأن في ذلك تطبيقا لسنة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولتحقيق التكافل الإجتماعي في المجتمع. الدكتور نصر فريد واصل. مفتي الجمهورية الأسبق. قدم مشروعاً لجمع الزكاة عام 1997. عن طريق الاكتتاب في أسهم تدخل في مشروعات تنموية لصالح المحتاجين. لكن المشروع اختفي فجأة بجميع أوراقه ومستنداته. وطالب د. واصل وقتها بتشكيل هيئة أمناء من المتبرعين لإدارة هيئة الزكاة المستقلة. دون الإخلال بمنظومة الضرائب القائمة. وتوقع القضاء علي البطالة. من خلال الهيئة قبل مرور 10سنوات. الدكتور نصر فريد واصل قال إن الزكاةپ ليست بديلا عن الضرائب بل هي مكملة لها ولكن الزكاةپ تأتي اولا ثم الضرائب بعد ذلك من حيث الأهمية.واضاف جمع اموال الزكاة عن طريق هيئة او بيت مال ويتولي الاشراف عليها جهة معتبرة وليكن الازهر الشريف أمر مهم وضروري وافضل من ترك الزكاة للافراد يدفعها كل فرد حسب هواه. الدكتور عبدالعزيز حجازي. رئيس وزراء مصر الأسبق يؤيد هذا الاتجاه وهذا الرأي ويتفق معه ويقول ان الحكومة يجب عليها ان تصدر قانون لتنظيم جمع الزكاة. ولا تكون بديلا عن الضرائب ودراسات كثيرة بينت ان حصيلة الزكاة اكبر بكثير من حصيلة الضرائب فلا يجب اهدار هذه المبالغ الكبيرة وتركها حسب اهواء الناس. واضاف اشراف الازهر الشريف علي عملية جمع الزكاة يعطي ثقة وضمانة كبيرة ان الاموال سيتم توجيهها في مصاريفها الصحيحة. وهو افضل من تركها للافراد هذا يدفعها وهذا يمنعها وتضيع هذه الحصيلة الكبيرة من الاموال. ويري الدكتور محمد نبيل غنايم استاذ الشريعة الاسلامية انه لامانع من انشاء هيئة تتولي جمع وصرف الزكاة في مصاريفها الشرعية بشرط ان تكون هذه اللجنة تخضع لاشراف الازهر الشريف حتي يتم توجيهها لمصاريفها الشرعية المحددة لها لان الزكاة لايجوز صرفها الا فيما شرعت له.واضاف حصيلة الزكاة كفيلة بحل كثير من المشاكل الاقتصادية التي نعاني منها اذا وجهت التوجيه الشرعي السليم وهي باب لرعاية الفقراء والمحتاجين والمساكين وكفالتهم والاهتمام بهم.