تقدمت اللجنة الدينية بمجلس الشعب بمشروع إنشاء هيئة مستقلة "بيت مال للزكاة" لجمع الأموال لتوجيهها الي المشروعات الانتاجية لمحاربة الفقر, ووافقت دار الافتاء من حيث المبدأ علي المشروع لحين صياغة الأطر القانونية المحددة التي تحكم عملية تحصيل الأموال وسبل توزيعها وطرق الاستفادة منها لجميع أفراد الشعب. أكد الشيخ يوسف البدري أن أهمية تفعيل هذا المشروع الذي تقدم به حزب النور السلفي إلي " أن له عدة مزايا أولها التبصر والتدقيق في توزيع الزكاة والصدقات علي المستحقين،بالإضافة إلي حصر كل الحالات المستحقة ووزنها بميزان دقيق وتقدير كل ما تحتاجه كل حالة".
ويأتي المشروع أيضا ليحقق القضاء علي العشوائية أو الانفاق بدون دراسة والإعطاء بدون دراية, مما يوفر فرصا كثيرة للمستحقين كل قدر ما يحتاج، والقضاء علي بخل الاغنياء واعطائهم الدافع والوازع لإخراج زكاواتهم طهارة لأموالهم وإخراج صدقاتهم نماء لممتلكاتهم.
وأخيرا عدم الخلط بين الضريبة وبين الزكاة والصدقة وايجاد بند العاملين عليها وهي فرص عمل لم تكن مفعلة في السابق، قال تعالي: "إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله".
ويضيف الشيخ البدري قائلا أنصح أصحاب المشروع أن ينموا هذا المال وألا توضع الأموال في وسائل إنتاج فتحرم الفقير مما قدر الله له طعاما وكساء كما لابد من إغراء الاغنياء لإخراج الزكاة والصدقات تطهرهم وتزكيهم.
وطالب الشيخ بأن يشرف علي فروعه الجهاز المركزي للمحاسبات وأن يختاروا الامناء وأن يعلموا أن هذا العمل لا يؤدي إلي انتهاك قواعد الشريعة الإسلامية في توزيع الصدقات وكفاية أهلها أولا، وعدم إنفاق الزكاة فيما لم تجمع له وأن تكون هناك لجنة رقابة شرعية فوق الجهاز المركزي للمحاسبات تقنن وتشرع بما لا يخالف أوامر الشريعة الإسلامية.
ومن جهته يقول الشيخ فكري حسن عضو مجمع البحوث الاسلامية سابقا ان الفكرة جيدة إذا اتفقت مع الفقة الاسلامي بما يؤدي إلي الإسهام في حل مشكلة الفقراء في المجتمع لأن الإسلام يعتبر الزكاة أحد أركانه الاساسية التي تحفظ التكافل بين أفراد المجتمع غير القادرين.
وطالب الشيخ فكري بأن تكون مكونات مؤسسة مجمع الزكاوات قائمة علي نظام دقيق وأن يوضع المال لدي جهة مستقلة وان تطبق الآية الخاصة بمصارف الزكاة وان تتم هذه الاجراءات تحت اشراف دار الافتاء وأن تكون اختيارية ولا يكون جمع الزكاة إلزاميا لأن الاسلام يشترط في قبول الزكاة أن تكون عن رضا وخالصة لله قال تعالي: "ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتا من أنفسهم" الآية265 البقرة.
كما طالب حسن بأن تكون مؤسسة جمع الزكاة بعيدة عن أي نظام سياسي أو حزبي حتي لا يفقد المشروع مغزاه واشترط أن يكون القائمون عليها ممن تنطبق عليهم صفات الرجال الذين يتحملون المسئولية حتي تستمر الثقة وإذا ظهر خلاف ذلك ينحي الشخص فورا.
ويشير الدكتور رشدي شحاتة استاذ الشريعة بجامعة حلوان إلي أنه ستواجه فكرة انشاء بيت المال عدة اشكاليات منها كيفية الايداع والانفاق في مثل محافظة القاهرةوالاسكندرية وعملية نقل الزكاة من بلد إلي آخر, والتي لا تجوز شرعا إلا في حالة اكتفاء البلد التي يقيم فيها المزكي بمعني ان المحتاج ولو من الاسكندرية فلا يجوز نقلها.
وأشار إلي أن إحدي الإشكاليات أيضا تتمثل في عملية استثمار هذه الاموال بقصد الربح أم يقتصر دور بيت المال علي جمع الزكاة وتوزيعها ام سيقولون استثمارها لصالح المستحقين؟!.
وأشار شحاتة إلي أن رؤيته لتفعيل هذه الفكرة تتمثل في إنشاء مقر رئيسي لهذه الفكرة داخل دار الافتاء أو مشيخة الأزهر ويشرف عليه إدارة مكونة من أعضاء ينتمون لدار الافتاء ووزارة التضامن الاجتماعي والداخلية والعدل كل بحكم خبرته وتنشأ أفرع في باقي محافظات الجمهورية وفروع لها بالمراكز والقري والنجوع والاحياء علي أن يكون مقرها داخل الجمعيات الخيرية أو المساجد الكبري.
واقترح شحاتة أن تجمع الزكاة بإيصالات تعطي للمزكي ويفتح له بها ملف وتستثمر هذه الاموال أو يستثمر جزء منها في انشاء مساكن للشباب وتمويل المشروعات الصغيرة ودراسات جدوي تدريجيا تطبيقا للمثل لا تعطني سمكة ولكن علمي كيف اصطادها.
وأوضح د. شحاتة ان تجميع الزكاة في مصر يفوق إيراد الضرائب العامة التي تصل إلي200 مليار جنيه سنويا بما يعادل نصف موازنة الدولة معللا ذلك بأن الزكاة عمل رباني وعبادة وركن من أركان الاسلام واشترط ان يكون القائمون علي جمع الزكاة من المتطوعين ويمكن تعيينهم في فروع الزكاة بكل المراكز ممن لديه قدرة محاسبية أو لديه فكرة مشروع تخدم فكرة بيت مال الزكاة.
ويضيف الدكتور محمود محمد كريمة استاذ الشريعة الاسلامية بجامعة الازهر أن من يتولي أمر هذه الفكرة وتنفيذها لابد أن يكونوا فقهاء شريعة واقتصاديين وفق آلية معينة تتلقي الزكاوات وتحرص علي صرفها علي أبناء المنطقة تطبيقا لحديث تؤخذ من اغنيائهم وترد علي فقرائهم أما بيت المال فيختص بالاموال التي لا صاحب لها كاللقطة ومن ليس له وارث وما أشبه ويكون تابعا لوزارة المالية وطالب كريمة بالفصل بين بيت المال وبيت الزكاة منعا لتداخل السلطات فلابد من الضبط .
وأضاف قائلا: أرفض إنشاء بيت مال أو بيت زكاة لأحزاب سياسية أو لجماعات دينية لما يؤدي ذلك من طائفية في المجتمع وقد نهي النبي صلي الله عليه وسلم عن ذلك فقال ليس منا من دعا إلي عصبية. نقلا عن الأهرام المسائي بتصرف محيط