لا يختلف اثنين علي أن قطاعا كبيرا للغاية من المصريين رحبوا بوصول الرئيس السابق محمد مرسي لسدة الحكم وانفعلوا للغاية عندما تحدث مخاطبا الشعب في أول خطاب عقب فوزه في انتخابات الرئاسة مخاطبا كل المصريين حتي سائق التوكتوك ولكن ومع مرور الوقت بدأ رصيده مرسي ينفذ لدي قطاع كبير ممن سبق وأيدوه والغريب أن كل المصريين الذين سحبوا تأييدهم له لم يعلقوا عليه هو بسوء ولكن علقوا انتقاداتهم كلها علي بطانته التي اختارها هو والتي سيطرت علي الكثير من قراراته وساهمت في النهاية في سقوطه.... وما حدث مع مرسي سبق وحدث مع مبارك مع الفارق بالطبع وهو ما يطرح سؤالا مهما ألا وهو دور البطانة الصالحة في شد أزر الرئيس أو الحكام أو تهديد مسيرة حكمه وكذلك كيف يختار الرئيس بطانته؟ أسئلة طرحناها علي عدد من العلماء ورصدنا اجاباتهم في السطور التالية: يؤكد الدكتور الأحمدي أبو النور وزير الاوقاف الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء أن الشارع الحكيم حذر الحاكم من بطانته فقال تعالي: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لاَ يَأْلُونَكُمْ خَبَالاً وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ" "آل عمران: 119" ويقول الفقهاء في تفسير تلك الأية الكريمة أن الله تعالي ينهي عباده المؤمنين من خلال تلك الأية عن اتخاذ المنافقين بطانة. أو يتخذون منهم مقربين لهمپ يُطْلعونهم علي سرائرهم. والمنافقون بجهدهم وطاقتهم لا يألون المؤمنين خَبَالا أي: يَسْعَوْنَ في مخالفتهم وما يضرهم بكل ممكن. وبما يستطيعونه من المكر والخديعة. ويودون ما يُعْنتُ المؤمنين ويخرجهم ويَشُقّ عليهم ومن هذا المنطلق فيجب علي الرئيس القادم أن يسعي لأن تكون بطانته من الصالحين خاصة وأن التاريخ الإنساني حافل بمئات الأمثلة التي شكلت فيها البطانة سببا من أسباب نهضة الأمم في حال كونها بطانة صالحة وعليا لجانب الأخر هناك مئات إن لم يكن ألاف الأمثلة لبلدان وأمم انهارت حضارتهم بفعل بطانة السوء التي سيطرت علي الحاكم وزينت له الأباطيل ففي قصة فرعون علي سبيل المثال يحكي لنا القرآن الكريم كيف كانت بطانة السوء سببا من أسباب انهيار ملك فرعون فأحد الأسباب الرئيسة التي أودت بحكمه وملكه. وانهيار قوته وهلاكه. تكمن في تقريبه لأهل الظلم والفساد والبغي. وعلي رأسهم هامان» فلقد ذكره القرآن الكريم في ستة مواضع: ثلاثة في سورة القصص. وواحد في سورة العنكبوت. واثنان في سورة غافر. كلها تصفه بالمجرم العاتي. متزعم البطانة الفاسدة التي وقفت أمام الحق. واستهزأت بالبرهان الواضح. والدليل البين الذي جاء به نبي الله موسي عليه السلام إلي فرعون وملئه. كذلك هناك مثل شهير في التاريخ الإسلامي وتحديدا في عهد الدولة العباسية حيث كان الوزير المعروف باسم ابن العلقمي وهو وزير المستعصم أخر خلفاء الدولة العباسية سببا من أهم أسباب انهيار الخلافة العباسية كلها علي أيدي التتار ليس هذا فحسب بل تسبب في مقتل أهل بغداد عن بكرة أبيهم وزوال الملايين من الكتب الشرعية والعلمية نتيجة إغراقها في النهر. وما ذلك إلا لتعاونه مع التتار الغزاة. فضلاً عن مشوراته الفاسدة التي قللت عدد الجيش من مائة ألف مقاتل إلي عشرة آلاف. ونهيه الناس أن يقاتلوا التتار. وغيرها من قراراته الهادمة. سعادة الحاكم في بطانته ويقول الدكتور زكي عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر أن الحكام والولاة يجب عليهم أن يجمعوا حولهم بطانة الخير والحقپ فالسعيد من الحكام والملوك والأمراء من رزق مع الولاية البطانة الصالحة التي تذكره إذا نسي وتعينه علي الخير وتنهاه عن الشر عَنْ أَبِي سَعِيدي الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ: مَا اسْتُخْلِفَ خَلِيفَةى إِلاَّ لَهُ بِطَانَتَانِ بِطَانَةى تَأْمُرُهُ بِالْخَيْرِ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ. وَبِطَانَةى تَأْمُرُهُ بِالشَّرِّ وَتَحُضُّهُ عَلَيْهِ. وَالْمَعْصُومُ مَنْ عَصَمَ اللَّه¢ كذلك ورد في الكثير من أحاديث النبي صلي الله عليه وسلم الحديث عن ضرورة تخير الحاكم للبطانة الصالحة وتجنبه بطانة السوء حيث تقول أم المؤمنينپ عائشة رضي الله عنهاپ: قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم - " إذا أراد الله بالأمير خيرًا جعل له وزير صدق. إن نسي ذكره. وإن ذكر أعانه. وإذا أراد الله به غير ذلك جعل له وزير سوء. إن نسي لم يذكره. وإن ذكر لم يعنه فالبطانة الصالحة تواجه الحاكم والمسؤول بأخطائه ولا تجامله في الحق عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْريو » سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلي الله عليه وسلم يَقُولُ: إِذَا رَأَيْتُمْ أُمَّتِي تَهَابُ الظَّالِمَ. أَنْ تَقُولَ لَهُ: إِنَّكَ أَنْتَ ظَالِمى. فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنْهُم. يضيف الدكتور عثمان: والواقع الحالي يؤكد حاجة الرئيس القادم لأن يتعظ ممن سبقوه من الحكام والرؤساء فلم يسقط أي رئيس أو حاكم إلا بسبب البطانة السيئة والمستشارين الذين عملوا لمصلحتهم ونسوا مصالح العباد فلابد أن يتعظ من القيادات التي فشلت في إدارة بلادها فسقطت وسقطت معها شعوبها بصورة مروعة ومخزية. بحيث أصبحت موضع تندر وسخرية لدي بلدان العالم بعد أن كانت تتمتع باحترام وتقدير. فمن المؤكد أن وراء هذا السقوط مستشارين فاشلين ساهموا في سقوطها. والأمثلة كثيرة لا تحصي فالمستشارون الذين شغلوا مناصبهم من خلال الولاء الحزبي. أو الواسطة والمحسوبية. أو عن طريق علاقة صداقة أو قرابة مع متنفذين في السلطة. ولا يتمتعون بأي مزايا غير التصفيق وهز الرأس ولا يقدمون غير استشارات خائبة ونصائح لا تخدم البلد. فمن الطبيعي في ظل هؤلاء - الذين يطلق عليهم اسم "بطانة سوء" - أن تتجه البلاد نحو التأزم والتشرذم والفقر والبطالة. وتتوالي عليها المصائب والكوارث من كل الجهات فالجزء الأكبر من مسؤولية الأزمات التي تعيشها مصرپ يقع علي عاتق معاونيهم ومستشاريهم. إما بخبراتهم المتواضعة. أو بإعطائهم معلومات خاطئة ومضللة. أو بإخفاء الحقائق عنهم وكلنا نذكر ما قاله الرئيس التونسي السابق بعد عزله بساعات قليلة حينما قال أنه لم يتوقع ثورة الناس عليه بسبب بطانة السوء التي زينت له أن الشعب راض عنه وعن أسرته. صلاة الإستخارة وعن كيفية اختيار الرئيس القادم لمصر البطانة الصالحة يقول الدكتور اسماعيل عبد الرحمن أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر أن سعي الحاكم المسلم لأن يكون من المتقين سيجعله يحسن اختيار بطانته لأنه في تلك الحالة سيسعي لاستخارة الله عز وجل في تلك البطانة خاصة وأن البطانة اليوم لا تعني كما كان في التاريخ القديم مجرد شخص أو اثنين علي الأكثر فالبطانة اليوم كبيرة للغاية منهم وزراء ومسئولين وغيرهم لهذا فعلي الرئيس أن يستخير الله في كل شخص يختاره للعمل معه حتي يخرج ببطانة صالحةولابد ان يعي منذ اليوم الأول لحكمه أن البطانة الفاسدة ستحاصره في البداية شاء أو رفض وستسعي تلك البطانة إلي أن تزور الحقائق. وتجعل الأسود أبيض والعكس كذلك ستصور له تلك البطانة أن شعبه يشكو علي الدوام وأنه شعب لن يرضي حتي لو انتحر الحاكم من أجلهم لذلك فعليه منذ البداية العمل علي توفير البطانة الصالحة فالبطانة هي الحماية وجدار الوقاية من كل شر وهي دعامة نجاح أي قائد وفي أي مجال فلا يوجد من يعمل وينجز بمفرده وأهم أدوات الرئيس لينجح هي بطانته ولذلك يكثر الدعاء بالبطانة الصالحة وخاصة للزعماء والقادة لأنهم مسؤولون أمام الله عن شعوبهم..