حذر الله المسلمين من أن يتخذوا بطانة من الذين عرفوا بالغش والبغضاء لأنهم لا يدخرون وسعا في إلحاق الأذي واغتنام الفرص لايقاع الضرر بالأمة وخداع ابنائها واضمار الحقد والضغينة والعداوة لهم. لقوله تعالي يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا ودوا ما عنتم قد بدت البغضاء من أفواهم وما تخفي صدورهم أكبر قد بينا لكم الآيات إن كنتم تعقلون ولبيان ذلك يقول الدكتور رمضان يوسف الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية بجامعة الأزهر إن بطانة الرجل خاصة الذين يقومون علي أمره ويتولون سره هم أهل مشورته ويسمون الحاشية ولابد لكل حاكم من وزراء يدخلون عليه فيفضل إليهم ما بداخله وينتظر منهم أن يصدقوه فيما يخبرونه مما يخفي عليه ليهتدي بمشورتهم ويعمل برأيهم ويكونون له أعينا تبصر بها طريق الخير وأيادي يستعين بها في إصلاح المجتمع والسير به إلي سواء السبيل وقد أخرج أبوداود أن رجلا قال يا رسول الله ما الحزم قال النبي صلي الله عليه وسلم ان تشاور ذا لب ثم تطيعه ونقل عن أشهب قوله انه ينبغي للحاكم أن يتخذ من يستكشف له أحوال الناس ومصاعبهم في الحياة وليكن ثقة مأمونا فطنا عاقلا لأن المصيبة تدخل علي الحاكم من قبوله قول من لا يوثق به لأن الحاكم أمين علي المحكومين يسهر علي راحتهم ويوزع العدل بينهم ويشيع المساواة فيهم ولا يتحقق ذلك إلا بالمخلصين من أهل مشورته. ويضيف الدكتور رمضان يوسف أن البطانة نوعان أولاها أهل الخير والانصاف والصدق وهؤلاء من شأنهم النصح والرشد والمصارحة دون خشية لوم أو مخافة غضب لأن الاستشارة أمانة وإذا لم تكن صادقة فإنها تعد خيانة لله, فقد قال صلي الله عليه وسلم الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله, قال لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم. وثانيهما أهل السوء لأنهم دائبون علي الخداع والنفاق ويدفعون إلي الظلم والقسوة فيجنح الناس إلي التمرد وتميل الأمة إلي الثورة. ولقد أودت بطانة السوء بممالك وأهلكت دولا وأبادت أمما وأمنت حضارات وقوضت مدنيات, وروي عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله قال من ولي منكم عملا فأراد الله به خيرا جعل له وزيرا صالحا ان نسي ذكره وان ذكر أعانه ويقول ابن المقفع أحق الناس بالسلطان أهل الرأفة.