پتوقفنا في المقال السابق عند قولنا بأن الروح المعنوية تجعل قوة الجندي بعشرة, يقول الله سبحانه وتعالي: ¢ الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً فإن يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ¢ فالمؤمن في ضَعْفه ضِعْف الكافر وفي كامل قوته بعشرة. وفي كل الأحوال لا يوجد مؤمن يساوي كافراً. يقول سبحانه وتعالي: ¢ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله ¢ المؤمن إذا غلب عاش كريماً وإذا بذل قصاري جهده ومات يكون شهيداً. أما تفسير الآية الكريمة ¢ وما النصر إلا من عند الله ¢ فمعناها أنه بعد القوة ورباط الخيل والقضية العادلة التي نكون فيها علي حق لا علي باطل وهذا يعلمه الله يكون النصر من عنده .. فإن وجدَنا سبحانه وتعالي في قوة ورباط خيل وعلي غير حق فلن ينصرنا .. ولو وجدَنا في قوة ورباط خيل وعلي حق فسوف ينصرنا .. ¢ فالله لا يظلم أحداً ¢ .. وأحداً هنا تعني المسلم وغير المسلم . وقد يُهزَم المؤمن اختباراً من الله سبحانه وتعالي ليبلوه. أيشكر أم يكفر. وقد يُهزَم المؤمن قصاصاً. وقد يُهزَم للتعلم. لتكون الهزيمة درساً ينتصر به ويفيده في حياته. كما حدث في موقعة أُحُد عندما أمر النبي صلي الله عليه وسلم الرماة بألا يغادروا أماكنهم مهما حدث فلما رأي الرماة أن المعركة ينقشع غبارها سال لعابهم علي الغنائم فتركوا أماكنهم مخالفين بذلك ما أمر به الرسول وانصرفوا إلي الغنائم وهم لم يُكَلَّفوا بجمعها فالتفت سيدنا خالد بن الوليد - وكان يومها لم يدخل الإسلام بعد - وهاجم المسلمين وهزمهم. ومعني ذلك أن الإسلام انتصر يوم أُحُد وهُزِم المسلمون. حتي إنهم تدارسوا المعركة بعد انتهائها وقال قائلهم: ما سبب الهزيمة؟ أجاب مُجيبهم: إن سبب الهزيمة مخالفة أمر رسول الله وهو القائد. هذا معني أن الإسلام انتصر لأن المسلمين هُزِموا للتعلم. وبضدها تتميز الأشياء. بمعني ماذا لو خالف المسلمون أمر القائد وهو النبي صلي الله عليه وسلم ثم انتصروا؟ لا شك أنها سوف تكون قاعدة : إن طاعة الرسول لا لزوم لها لأنهم خالفوه وانتصروا. وعلي ذلك فإن ¢ وما النصر إلا من عند الله ¢يسبقها¢ وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ¢وبعدها¢ قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشفي صدور قوم مؤمنين ويُذهِب غيظ قلوبهم ¢ ووضع الإسلام بعد ذلك قواعد القتال والأسري وعقد معاهدات الصلح حتي لا تكون هناك فتنة. ولا حول ولا قوة إلا بالله.